Culture Magazine Thursday  20/09/2012 G Issue 380
فضاءات
الخميس 4 ,ذو القعدة 1433   العدد  380
 
أعراف
(يا محمّد) - لروح الشاعر العربي اليمني محمد العصّار *
محمد جبر الحربي

 

يا محمدْ

يا صديقاً ماتَ والدّنيا ممَرُّ

والندى شعرٌ، وهذا الشعرُ دُرُّ

أيّها العصّارُ:

هل في الحقلِ زيتونٌ ونخلٌ وغيومْ؟

هل تدلّتْ يا حبيبي في نواحيهِ الكرومْ

واصطفتْهُ الطيرُ سجاداً وألوانَ غناءْ

مثلما كنا نغنّي للقضايا والدروبْ

فإذا حلّ المساءْ..

أنبتَ الشعرُ سماءً وعيوناً ونجومْ؟!

أمْ ترى الناس سكارى الوهمِ

والعمرُ يمُرُّ؟!

كمْ شربنا من وعودٍ وسرابْ

وتجرّعنا الحروبْ.

ريثما غارَتْ ثغورٌ وتخومْ

ثمّ ها طارَتْ بلادٌ تلوَ أخرى

واستوى فينا الخرابْ

فالذّرى القيعانُ والقاعُ الذّرى

أمْ هي الأبصارُ تعشى والقلوبْ؟!

أمْ هي الأكبادُ أشلاءٌ ومُرُّ؟!

يا محمدْ:

نحنُ لا نحزنُ أنّ العمرَ طيرٌ لا يقِرُّ

يُتعبُ الأشجارَ قفزاً

حينما تؤويهِ طفلاً ويفرُّ

نحن نبكي نكبةَ الأوطانِ

باعوها تباعاً

ورأى العارفُ فيهمْ

أنّ ذاك العقدَ سِرُّ!!

أيّ سرٍّ يا محمدْ؟!

نحنُ أدرى

نحنُ والعمرُ وهُمْ كرٌّ وفرُّ

يا محمدْ

كيفَ غادرتَ بلا سربكَ

كيف؟!

لا الربيعُ الحرّ أعطاك المدى

لا مرّ صيفْ

إنني قربَ بكاءٍ وحنينٍ وأماني

لا المعاني ترقبُ الشكلَ

ولا الشكل يعاني

مُرةٌ أوطانُنا بركانُها لا يستقرُّ

أطلقوا الآلافَ للقتلِ

وكمْ ذا جاهلٌ فيهم وغرُّ

علَّموا الأطفالَ وأدَ الأمهاتْ

ثم قالوا: إنّ هذا الوأدَ بِرُّ!!

فجّروا الأوطانَ والأهلَ

وما رفّتْ عيونُ الحقدِ فيهم

ما اقشعرّوا.

مُرةٌ يا هذهِ الحلوةُ يا أوطاننا

لم نعدْ نعرفُ أسماء القرى

لا بلاد العرْب

لا أعلامها

واستطاب الناسُ وهماً

- إنّ هذا عارضٌ ممطُرُنا

ويْكأنّ الخيرَ شرُّ!!

آهِ منها يا محمدْ

آه منها يا محمّدْ.

آه من هذا الجوى

هل تراه القاتل الأرداك فجراً

ما لهذا العشقِ إنْ أبحرتَ بَرّ

متْ سليماً يا محمدْ

لا خيانات إلى القبرِ

كما التربةِ نذروها تُذرُّ

كلّ شيءٍ واضحٌ:

لا تكتّلَ أحزابٍ

ولا نيرانَ غدرٍ

لا سياسات أفاعٍ في الليالي

أيها الغالي على القلب سلاماً

يا سليماً يا محمد

ربما أخفيتَ بالفألِ العذاباتِ وأحزانَ الفتى

صابراً تستمطرُ الأرضَ فجادت منزلاً

ومقاماً في النهاياتِ

وكان الحلمُ قبراً..

أنت، والحلمُ، وقبرٌ

إنّ تحتَ الأرضِ قبْراً

كان من قبلُ المقرُّ

يا محمد

نمْ سعيداً

نمْ شهيداً

سجّلَ التاريخُ سطراً ومضى

مثلما أنت مضيت:

لم يغبْ عمرُكَ هدراً

يصعدُ الشاعرُ كالثائرِ حرّاً

أنت يا عصّارُ حرُّ.

* * *

* شاعرٌ وصحفي يمني قضى شبابه بيننا هنا، صحفياً ثقافياً مميزاً في جريدة الرياض، أحبنا وأحببناه. وهو محاربٌ بقلمه، ناضل من أجل الوحدة، وأدمته الحروب والمؤامرات على أمته.

mjharbi@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة