Culture Magazine Thursday  07/02/2013 G Issue 395
فضاءات
الخميس 26 ,ربيع الاول 1434   العدد  395
 
مداخلات لغوية
الاشتراط في النحو العربي
أبو أوس إبراهيم الشمان

 

هذه رسالة الدكتوراه التي كتبها الدكتور زكي بن صالح الحريول، وأشرف عليها الأستاذ الكبير الدكتور عبدالله بن حمد الخثران أمدّ الله بعمره.

جاءت الرسالة في مقدمة وتمهيد وتسعة فصول مستغرقة 862 صفحة، وربما يكون هذا الطول مأخذًا ظاهرًا على الرسالة؛ ولكن ما يسوغه أن موضوعها ينتظم النحو كله، وهو نحو متعدد الجوانب والمفردات، وجعل الباحث القدير عنوان رسالته الاشتراط لا الشرط أو الشروط لأنّ مراده بحث الأصول الفكرية للشروط لا الشروط أنفسها؛ إذ الشروط مبثوثة في تضاعيف أبواب النحو.

يأتي هذا العمل سبرًا للفكر النحوي وكشفًا لآلية الاشتراط وبيانًا لأغراضه وحدوده، حاول الباحث في تمهيده أن يجلّي مفهوم الاشتراط والشرط، وأن يميزه من مصطلحات وألفاظ أخرى تقاربه في الدلالة العامة ولكنها تختلف عنه اختلافًا بيّنًا، مثال ذلك الفرق بين الشروط والمسوغات، فتقديم الخبر شبه الجملة مسوغ للابتداء بالنكرة ولكنه ليس شرطًا لذلك.

وبدأ الباحث فصول رسالته بداية منطقية بالفصل الأول عن مصادر الاشتراط وهي مصادر النحو بعامة: السماع والقياس، وثنى في الفصل الثاني بشروط تنظيم الجملة، وهو معالجة للاشتراط في القضايا التركيبية التي منها التقديم والتأخير الذي يعرض لبعض عناصر الجملة، ومنها الربط وهو ما تقتضيه علاقة عناصر الجملة بعضها ببعض، ومنها المطابقة بين بعض عناصر الجملة، ومنها التضام وسماه الباحث التلازم والانفصال، وآخر هذه القضايا التركيبية ما ينال عناصر الجملة من ذكر أو حذف.

وخصص الفصل الثالث للمستوى الصرفي، فعالج الشروط التصريفية المؤثرة في الأحكام النحوية، ومنها ما يتعلق بالجمود والاشتقاق، ومنها ما يتعلق بالأصالة والزيادة. وأما الفصل الرابع فخصص للمستوى الدلالي لما لذلك من أثر في الأحكام، وعالج فيه الدلالات الاسمية فالدلالات الفعلية فالدلالات الحرفية وختم بالدلالات المشتركة.

وأما الفصل الخامس فهو بحث في نظرية العامل التي هي تفسير لظاهرة التصرف الإعرابي، فبحث أثر هذه النظرية في الاشتراط النحوي، ومنها الاشتراط في العامل والمعمول والأثر الإعرابي. وأما الفصل السادس فجعله لنظرية أخرى من أصول التفكير النحوي العربي وهي نظرية الأصل والفرع مبيّنًا أثرها في الاشتراط، ولما كان التأويل من أهم ممارسات العلاج النحوي لعلاقة القواعد بالنصوص خصّص الفصل السابع لبيان أثر الاشتراط في التأويل متناولا في ذلك قضية الحذف والتقدير وقضية الزيادة وما يماثل ذلك من ضروب الاتساع في الاستعمال.

وكان النحويون واللغويون من قدماء ومحدثين يكادون يتفقون على خصوصية لغة الشعر وما تهبه موازينه وتفعيلاته من تحكم يؤثّر في تركيب الكلام فيه، ولذلك خصص الباحث الفصل الثامن لخصوصية الشعر عند النحويين وأثرها في الاشتراط، معالجًا في ذلك مظاهر الترخص في الاشتراط أو الالتزام، وغنيّ عن الذكر ما للخلاف النحوي من سمعة في النحو العربي؛ ولذلك حرص الباحث القدير على أن يخصص له الفصل التاسع ليبين أثر الخلاف في الاشتراط، معالجًا أسباب الاختلاف ومظاهره.

وأما الخاتمة فجاءت تركيزًا لأهم ما توصل إليه الباحث في عمله الموفق، أذكر منها ما بينه الباحث من موافقة النحاة للأصوليين في مواضع الاشتراط، وأن ثمة ارتباطًا بين الشروط والحدود النحوية، وبيّن أن معالجة النحاة لمسائل الشروط معتمدة على الوصفية والمعيارية منطلقين من المسموع من العرب، وبيّن أن الشروط هي أقوى الأحكام النحوية، وكشف ما بين التأويل والاشتراط من تناسب إذ التأويل لحالات العدول عن الأصل إلى فرع هو مظنة الاشتراط، وصرّح بأن البصريين أكثر من الكوفيين التزامًا بتقييد الأحكام بالشروط.

ولم ينكفئ الباحث القدير على جهود القدماء وحدهم بل جاءت مصادره ومراجعه ثرية شاملة للقديم والحديث، للمخطوط والمطبوع، للكتب وللأبحاث في الدوريات المحكمة والرسائل العلمية، واستطاع بجدارة أن يحسن الاستفادة منها، نهنئ أنفسنا بنبوغ نحويّ من أبنائنا.

- الرياض
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7987 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة