Culture Magazine Thursday  07/02/2013 G Issue 395
فضاءات
الخميس 26 ,ربيع الاول 1434   العدد  395
 
رقصة الحرية في (الأسود يليق بك)
تركية العمري

 

رقصة أولى

«ليست الجاذبية مسئولة عن وقوع الناس في الحب»

                                                    أنيشتاين

عندما تناولت راوية الأسود يليق بكِ شعرت بخدر لذيذ لأنني أدركت بأنني سأرى آخرين بين ثنايا الرواية ,لاح لي نزار قباني

وتدفق نبض كلمات الرقيق عبدالله الجفري «اشرب نبضك دفقا يعيد الحياة «،ومرت بي امرأة البحر غادة السمان، وأطل نيرودا وهو يردد :

أحب أن أفعل معك

ما يفعل الربيع

مع شجرة الكرز

وضعت الرواية أمامي تأملتها، وعادت بي ذاكرتي إلى حميمية ذاكرة الجسد، والتي شكلت منعطفا حقيقيا في الرواية الحديثة حيث بدأت ذاكرة الجسد بفتح بوابة الرواية الرومانسية الحديثة.

وبدأت رحلتي مع حكاية الأسود يليق بك، حكاية الحب الذي يختال بين جسد الطبيعة، تلال وجبال عواطف تتدثر بأفنان لغة شاعرية، لغة عشاق فلاسفة فالعشق الخالد فلسفة، فطلال هاشم عاشق مراوغ، جذاب، وهالة عاشقة من براءة، موجوعة بحزن أغنيات وطن، وذكريات أحبة رحلوا في لحظات مخيفة.

وتستمر الراوية في سرد حكاية الرواية مصحوبة بإيقاعات موسيقية وكأن ثيمة الرواية معلقة بأهداب الموسيقى. استمتعت بالإنصات إلى الموسيقى والتي وصفها كيرواك بأنها «الحقيقة الوحيدة».

جعلتني الموسيقى احلق مع أمنيات بطلة الرواية ذات الأجنحة الصغيرة، وأشاهد رقصاتها اللاهثة، كما تركتني أتأمل ملامح بطل الرواية البحار الذي عرف تعب ارتحالات المراكب ولكنه لم ينصت إلى شدو الحوريات للشواطئ ولا إلى موسيقى محبوبته الأنثى المختلفة عن الإناث اللواتي يسكن دائرة اشتهاءته الرمادية.

تُخرج الراوية امرأة أخرى للبطل فتقطع علي تحليقي، تتسع المسافة وتربك إيقاع استمتاعي، يفقد البطل توهجه، تتجاهل البطلة المرأة الأخرى، وتكمل رقصاتها على صوت سيمفونية رومانسية تأتي من بين مدن حالمة.

تتوغل لغة الرواية في تفاصيل حكاية الحب، وفي دموع عيون مروانه التي تُريني الملامح البشعة لقتلة العصافير والصغار والذين عذبوا جسد ناي الجبال النحيل . تتلهف الأنثى في داخلي لمعرفة نهاية الحكاية. لتأتي النهاية تصمت الراوية، تخرج بطلة الرواية هالة الوافي مرتدية ثوبا لازوردي، تقف على مسرح كبير لا يشبه مسرح برودواي ولا ابسن ولا جون سينغ ولكنه مسرحها هي، كينونتها، جسد أنوثتها الحرة التي تتجاوز عقلية امتلاك ذكر ومزاجيته. في مسرحها ترى الجميع ولا تراه، يصل صوتها بإحساسه الرقراق إلى الكون فتنهض إناث في أقاصي الجهات مرتديات قطع من السماء، ويرقصن مع أغنياتها رقصة الحرية. يزداد غنائها فتتدفق موسيقى تشبه موسيقى شوبان، يغيب الأسود، يتلاشى، يتعالى صوت أهازيج عتيقة من قمم جبال تقترب من الغيم يتسلل منها « لابد أن نعتبر أن اليوم الضائع هو اليوم لذي لا نرقص فيه ولو مرة واحدة على الأقل» * .

سطور من الرواية

لكن موسيقاها علقت بسمعه كأغنية إيطالية. ص- 32.

*شعرت أنها ثملة بالقيل ص- 174.

*لم تقل له إنها تحتاج إلى أن يحتاج إليها . ص- 211

*يا له من سيد فينيقي .ص – 258

*نيتشه

                                                      24 يناير 2013

- الخبر

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة