Culture Magazine Thursday  07/02/2013 G Issue 395
ترجمات
الخميس 26 ,ربيع الاول 1434   العدد  395
 
أزمة الشعر والشعراء 6-6
ستة اقتراحات ليصبح الشعر مجدداً جزءاً من ثقافة الشعب الأميركي
د. حمد العيسى

 

أختم بستة اقتراحات متواضعة عن كيفية تحقيق هذا الحلم ليصبح الشعر مجدداً جزءاً من ثقافة الشعب الأميركي واقعياً:

(1) عندما يقدم الشعراء حفلات قراءة عامة، ينبغي أن يقضوا جزءاً من البرنامج في قراءة قصائد شعراء آخرين، ويفضل تلك القصائد التي تعجبهم لشعراء لا يعرفونهم شخصياً. ينبغي أن تكون قراءات الشعر احتفلات بالشعر بصورة عامة، وليس مجرد احتفاء بشعر الضيف.

(2) عندما يقوم إداريون بالتخطيط لحفلات قراءات شعرية، ينبغي تجنب الشكل النمطي للثقافة الفرعية بأن تكون الحفلة للشعر فقط. يجب مزج الشعر مع الفنون الأخرى، خاصة الموسيقى. وينبغي تخطيط أمسيات شعرية لتكريم شعراء موتى أو أجانب. كما ينبغي الجمع بين المحاضرات النقدية القصيرة مع قراءة الشعر. مثل هذه التوليفات ستجذب جمهور من خارج عالم الشعر من دون تأثير على جودة الشعر.

(3) يجب على الشعراء الكتابة بشكل نثري عن الشعر بصورة أكثر، وبصراحة أكبر، وبفاعلية أعمق. كما يجب على الشعراء استرداد اهتمام المجتمع الثقافي الأوسع عن طريق الكتابة في المطبوعات غير المتخصصة. كما يجب عليهم أيضاً، تجنب الرطانة والجعجعة والحذلقة النقدية الأكاديمية المعاصرة والكتابة بلغة عامة غير فنية. وأخيراً، يجب على الشعراء استعادة ثقة القارئ من خلال الاعتراف صراحة بما لا يحبونه فضلاً على تأكيد ما يحبونه. المجاملة المهنية لا مكان لها في الصحافة الأدبية.

(4) يجب على الشعراء الذين يحررون المختارات أن يكونوا أمينين بصورة متناهية في ضم القصائد النوعية التي تعجبهم حقاً. المختارات الشعرية هي الجسر إلى الثقافة العامة. لا ينبغي أن تستخدم هذه المختارات كوسيلة شعبوية لتجارة الكتابة الإبداعية والشللية الثقافية. الفن يوسع جمهوره بتقديم روائع فنية، وليس فناً رديئاً. وينبغي جمع المختارات لتؤثر وتبهج وترشد القراء، وليس لتملق الزملاء أو معلمي الكتابة الذين يقررون كتباً معينة. جامعو المختارات يجب أن لا يقايضوا أبداً (حوريات الإلهام) بمجاملات مهنية عابرة.

(5) ينبغي على مدرسي الشعر في المدارس الثانوية والمستويات الجامعية، أن يمضوا وقتاً أقل في التحليل ووقتاً أكثر في الأداء. يجب تحرير الشعر من (قيود) النقد الأدبي. ويجب حفظ القصائد وتكرارها وأدائها. ويجب التأكيد على البهجة الخالصة لهذا الفن. متعة الأداء هي ما يجذب الأطفال إلى الشعر أولاً، والإثارة الحسية للتحدث والاستماع لكلمات القصيدة. كما إن فن الأداء كان أيضاً أسلوب التدريس الذي أبقى الشعر حياً لعدة قرون. وربما يحمل أيضاً المفتاح لمستقبل الشعر.

(6) أخيراً، يجب على الشعراء وإداريي برامج الفنون والآداب، استخدام الراديو لتوسيع جمهور الفن. الشعر هو وسيلة سمعية، وبالتالي فهو مثالي للإذاعة. ويمكن بقليل من التخطيط المبتكر في محطات الإذاعة العامة (غير التجارية) وتلك التي تتبع مئات الكليات جلب الملايين من المستمعين. بعض البرامج موجودة، ولكنها في الغالب عالقة في الشكل المعياري الجامد أي قيام الشعراء بقراءة أعمالهم الخاصة. ويمكن مزج الشعر مع الموسيقى في الإذاعات التي تبث الموسيقى الكلاسيكية والجاز أو ابتكار أشكال جديدة من برامج التوك شو لإعادة تأسيس علاقة مباشرة بين الشعر والجمهور عامة.

تاريخ الفن يحكي القصة نفسها مراراً وتكراراً. عندما تتطور الأشكال الفنية، فإنها تنشئ أعرافاً تقود عمليات الابتكار والأداء والتعليم وحتى التحليل. ولكن في النهاية هذه الأعراف تصبح عتيقة وجامدة. وتبدأ في الوقوف كحاجز بين الفن وجمهوره. وعلى الرغم من أن الكثير من الشعر المدهش تتم كتابته بطريقة رائعة أكثر من ذلك بكثير، إلا أن مؤسسة الشعر الأميركي مقيدة بسلسلة من الأعراف البالية من طرق عفا عليها الزمن للعرض والمناقشة والتحرير وتدريس الشعر. وقد قننتها المؤسسات التعليمية في بيروقراطية خانقة تضعف الفن. ربما كان لهذه الأعراف الجامدة تبرير في وقت ما، ولكنها اليوم تسجن الشعر في غيتو ثقافي.

لقد حان وقت التجريب: وقت مغادرة قاعة الدرس المنضبطة والمكتظة، وقت استعادة حيوية الشعر وإطلاق العنان للطاقة المحصورة الآن عنوة في ثقافة فرعية. لا يوجد ما يمكن خسارته. لقد قال لنا المجتمع بالفعل إن الشعر قد مات. دعونا نبني محرقة للجثة لنحرقها بهذه الأعراف المكدسة من حولنا ونشاهد طائر الفينيق القديم يرتفع بريشه من الرماد.

انتهى مقال أزمة الشعر والشعراء

وبهذه المناسبة أتمنى من كل من تابعنا أن يرسل لي ملاحظته وهل يفضل القارئ الكريم مثل هذا النوع من المواد الطويلة والمركزة أم المواد الموجزة ذات الحلقة الواحدة مع جزيل الشكر.

***

هنا ترجمة لعرض (كتاب ثورة في سوريا: شهادة شاهد عيان) للصحافي الأيرلندي ستيفن ستار والذي نشر في الغارديان اللندنية بقلم أيان بلاك في 5 أكتوبر 2012:

ثورة في سوريا: شهادة شاهد عيان

نظام بشار الأسد، الذي كان يبدو واحدا من أكثر الدكتاتوريات العربية استقرارا ، اهتز بشدة ، ليس فقط بسبب كون 25,000 شخص لقوا حتفهم بالفعل. ولكن هل من الممكن أن الأسد الابن الذي لا يزال يتحدى ثورة شعبه سوف يسير على خطى والده حافظ الأسد الذي قتل ما يصل لهذا العدد أو أكثر في حماة في عام 1982، في عصر ما قبل اليوتيوب، ولكنه عاش لمدة 17 عاما أخرى بعد تلك المذبحة ليموت بسلام في سريره؟!

كتاب الصحافي الأيرلندي ستيفن ستار يقدم إجابة جزئية في روايته الحية للأشهر الأولى للانتفاضة. الكتاب هو أيضا رائع للكيفية التي استطاع فيها هذا الصحافي الشاب المقيم في دمشق منذ عام 2007 - حيث كان يعمل في البداية كمحرر في صحيفة إنكليزية سورية حكومية (سيريا تايمز) ثم استقال ليعمل كصحفي مستقل - أن يجد فيها الآن نفسه في المكان المناسب في الوقت المناسب، وتمكنه من العمل في تلك الظروف الخطرة. لقد كان محظوظا لقيام الصحيفة الأيرلندية التي تنشر مقالاته بوضع رسم مالي مقابل قراءة مقالاته حتى لا تستطيع وزارة الإعلام السورية معرفة خطورة ما يكتبه على الإنترنت.

بطرق كبيرة كانت سوريا حالة مختلفة عن مصر وتونس، حيث مال الجيش بسرعة مع الثورة، ومختلفة أيضا عن ليبيا، حيث تجمعت المعارضة المتحدة كلها في بنغازي وكسبت الدعم الغربي الذي أدى إلى تدخل حلف النيتو، وأخيرا القتل المرعب للقذافي. ولكن سوريا لديها عنصر حاسم مشترك مع دول عربية أخرى أصابتها حمى الربيع العربي في عام 2011: إنه شعور عَرَّفه المفكر الفرنسي أليكس دي توكفيل بأنه (ثورة التوقعات المتزايدة) أي اليقين بأن العيش في ظل نظام استبدادي ذي غرائز وحشية لم يعد يحتمل.

أشتعلت الشرارة في مدينة درعا الجنوبية ، حيث ألقي القبض على تلاميذ المدارس الذين كتبوا غرافيتي معادية للنظام على الجدران وتم ضربهم وقلع أظافرهم من قبل الشرطة السرية أي المخابرات. أثار هذا العقاب المتوحش ردا متحدا. وفي غضون أيام بثت قناة الجزيرة، وهي لاعب رئيس في هذه الدراما، صور لهدم تمثال حافظ - على غرار تمثال صدام - مع عشرات القتلى ملقين على الشوارع. وسائل الإعلام السورية الرسمية، بالطبع ، لم تبث أي خبر عن تلك الأحداث. ولكن الصحافي ستار بدأ يستلم مكالمات من درعا من أشخاص يشعرون بالرعب ويحثونه على تغطية الحادثة التي كتب بالفعل أنها كانت (وحشية وهمجية لدرجة يصعب تصديقها).

يجدر التذكير بهذه الخلفية لأن الذاكرة ضعفت من هول الأحداث. في هذه الأيام الجدل حول سوريا يركز على إمكانية التدخل الغربي، وانقسامات المعارضة، ودور الجهاديين ودوافع السعوديين والقطريين في تسليح المتمردين. في كثير من الأحيان، يتم سلب السوريين العاديين من حق التصرف كما يبتغون حيث يصورون كبيادق في لعبة جيوسياسية فحسب.

قوة كتاب ستار تكمن في كونه عمل كمراسل مقيم في سوريا منذ عام 2007. وكان هذا وقتا كافيا ليتعرف على آراء مختلف طبقات السوريين عن نظام الأسد من ركاب الميكروباص وما فوق. ويصف في كتابه ما يسميه (ثقافة الخوف) السائدة في المجتمع السوري وكيف تلاشت تلك الثقافة كلما زادت عمليات القمع والذبح على أيدي سفاحي (الشبيحة) التي أعقبت وعود الأسد المتأخرة وغير المقنعة بالإصلاح وكان هذا (سوء تقدير هائل) من النظام. ولكن ستار ينتقد أولئك الذين لا يفهمون لماذا احتفظ الرئيس بدعم من طائفته العلوية، ومن المسيحيين، بالإضافة إلى أجزاء كبيرة من الطبقة الوسطى السنية ، وأولئك الذين يعتمدون على الدولة والفئة الأخيرة التي يعتبرها (أغلبية صامتة تسعى للحصول على حياة أفضل). هذا الأمر لا يزال مهما حتى بعد استخدام النظام القصف المدفعي والجوي ، وبلطجية (الشبيحة) لارتكاب مجازر طائفية. ويضع ستار استنتاجا مثيرا للجدل حيث يعتقد أن الحكومة السورية - المشهورة بالتحكم بمتطرفين في لبنان والعراق – هي من خطط ونفذ العديد من التفجيرات الانتحارية في العاصمة وغيرها والتي زعمت أنها من تنفيذ (القاعدة) لتشويه سمعة المعارضة داخليا وخارجيا.

ويتوقع ستار أن الأسد والمحيطين به (لن يتفاوضوا لأن فكرة (التفاوض) تعتبر غريبة وأجنبية ولم يعتادوا عليها طوال 42 عاما في نظامهم القمعي بل إنها فكرة ليست متداولة في حياتهم اليومية. النظام وضع مسارا (لاتفاوضيا) واضحا لنفسه وللبلد ولن يتخلى طوعا للمعارضة عن شبر واحد من التراب السوري).

الباحث الأكاديمي بروفيسور ديفيد ليش درس رحلة الأسد إلى هذه النقطة في كتابه الصادر قبيل شهور (سوريا: سقوط آل الأسد) (ييل، 2012)، وكما هو واضح فقد وضع ليش نتيجة دراسته بصورة بليغة في عنوان الكتاب. يعترف ليش أنه كان واحدا من أولئك الذين يراقبون عن قرب الوضع في سوريا، وأنه اعتقد في بداية التسعينيات أن طبيب العيون (بشار) المتخرج من الغرب والمهوس بالكمبيوتر مع زوجته اللندنية الجذابة والمحب لموسيقى فيل كولينز ، كان مصلحا حقيقيا ولكنه وجد مقاومة من الحرس القديم المتشدد في عهد حافظ الأسد. (عنوان كتاب ليش الأسبق عن بشار المعنون (أسد دمشق الجديد) كان فيه مجاملة فاضحة). مراقبون آخرون لم يروا مطلقا في الابن أي وعد أو أمل في الإصلاح.

ليش يجادل الآن أن بشار رفع توقعات الإصلاح بصورة لا يستطيع الوفاء بها ما جعله يستعمل شمّاعات قديمة حفظها في طفولته كأعذار مثل: (الصراع العربي الإسرائيلي) ، والحرب الباردة، وحماية الطائفة العلوية ، والأهم أنه (ابن أبيه). وأعقب (ربيع دمشق) القصير (2000-2002) موجة من القمع بررها النظام بالغزو الأمريكي لجاره للعراق، ولكنها في الحقيقة رفضت الاستمرار على الوضع الاستبدادي الراهن. كانت سوريا بحاجة لشخصية مثل غورباتشوف يستطيع عمل تحول حقيقي. ولكن بشار – يقول ليش –لم يكن على مستوى هذه المهمة وفشل فشلا ذريعا ومن المؤسف أن يكتب هذا الفشل بالدم السوري.

Hamad.aleisa@gmail.com - المغرب

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة