Culture Magazine Thursday  11/04/2013 G Issue 402
فضاءات
الخميس 01 ,جمادى الآخر 1434   العدد  402
 
انطباعات أدبية
بروفيسور من طلابي
د. حمد الزيد

 

يفرح المدرس بنجاح تلاميذه في الدراسة ثم في الحياة، كما يفرح لأبنائه، أليسوا أبناءه الروحيين ؟ الذين ساعدهم التلقي ونقل الأفكار لوراثة بعض علمه وصفاته بنوع من التوارث أو التناسخ الفكري؟!

هذا إذا كان المدرس معلمًا متميزًا وليس موظف في التعليم، يؤدي عمله بموجب منهج مكتوب له، لا يحيد عنه!

وهنا يكون الفارق شاسعًا بين المدرس والمعلم!

وقد سرني في الأيام القليلة الماضية إهداء أحد طلابي السابقين من الذين درستهم قبل سنين طويلة في مدينة الطائف، مجموعة من الكتب القيمة من تأليفه في التاريخ الحديث وهو تخصصه، ووصوله إلى أعلى درجة علمية في مجاله وهي (الأستاذية) بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وهي فرحتان شعرت بهما عند تسلمي لهديته القيمة التي جاءت مصادفة جميلة، عندما وجد ابني يعمل في أحد البنوك التي يوجد فرع لها في الجامعة، وبعد الثناء وذكره لي بالخير كلما رآه، طلبت من الابن أن ينقل له شكري وأن يزودني ببعض ما ألف! وهذا ملخص حكاية اتصالي بأحد طلابي النجباء بعد فراق دام أكثر من أربعين عامًا! أو كما قال الشاعر:

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما

يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

والأحياء. . يلتقون - كما تقول العرب - أما الأموات فلا أدري! تذكرت ذلك الشاب الأنيق النحيل، كطيف! ولما رأيت صورته على غلاف بعض كتبه، تذكرته جيدًا، فقد وصفته في ذهني من البداية ضمن مجموعة مختارة من طلابي النجباء، الذين لا تمحوهم الذاكرة!

ولما وصلتني الكتب فرحت بها كثيرًا.. وتركت ما بين يدي.. وطفقت أقلبها فرحًا بمؤلفها ومحتفيًا بها، وبدأت تصفحها على عجل والسرور يغمرني، وبعد ذلك قرأت بعضها بتمعن، وبعضها قراءة سريعة.

كانت سبعة كتب والثامن (كتيب)!

وبما أن هذه الزاوية لا تحتمل استعراض كل ما جاء في هذه المائدة التاريخية ِ- الثقافية -! فإنني سأشير إليها مجرد إشارة، فقد مضى عليَّ حين من الدهر لم أستعرض فيها الكتب التي كانت تهدى لي، منذ صدور كتابي ( كاتب وكتاب ) قبل عشرين عامًا، استعرضت فيه أكثر من مئة كتاب!

أول كتب البروفيسور: عبد الله سراج منسي. بعنوان: العلاقات العمانية الأمريكية بين الحربين العالميتين (1919 – 1939م) ويقع في أكثر 400 صفحة، وهو على ما يبدو من المقدمة رسالته للدكتوراه من قسم التاريخ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، وطبع في مصر عام 1996م. وفي الكتاب معلومات قيمة ووثائق عن العلاقات العمانية - الأمريكية التي بدأت مبكرًا منذ عام 1833م بين البلدين.

أما الكتاب الثاني فهو بعنوان: المواجهة العثمانية البريطانية في الخليج العربي: 1869 - 1914م، ويقع في حوالي 300 صفحة، وهو رسالة الباحث للماجستير من نفس الجامعة، في التاريخ الحديث والمعاصر، ويذكر أن تخصصه الدقيق هو تاريخ الخليج العربي المعاصر، وهو موضوع هذا الكتاب وكتب أخرى ألفها هذا الباحث الجاد المتمكن.

أما الكتاب الرابع فموضوعه طريف، وهو بحث تاريخي لمنطقة (جوادر) التي لم أسمع عنها من قبل بالرغم من أنني متخصص في الجغرافيا ودرستها للطلاب ومنهم المؤلف قبل حوالي نصف قرن في مدرسة دار التوحيد بالطائف!

ومن الخريطة التي بالغلاف نجد أنها تقع في جنوبي باكستان على المحيط الهندي، وكانت سلطنة عمان تبسط عليها نفوذها منذ عام 1869م إلى أن تم التنازل عنها عام 1958م.

كما أن دولة عمان كانت تحكم (زنجبار) على الساحل الإفريقي لفترة طويلة، وهي الآن تابعة لدولة (كينيا).

أما الكتيب الخامس فيقع في حوالي 70 صفحة من الحجم الصغير، وهو بحث جيد عن محاولات بريطانيا دعم سيطرتها على الخليج العربي بين الحربين العالميتين. وقد كانت بريطانيا كما نعلم تسيطر من زمن طويل على الساحل العربي للخليج بمعاهدات طويلة الأجل حتى خروجها منه عام 1970م، وحصول دويلات الخليج على استقلالها.

وفي المجموعة كتاب – بحث قيم عن جامعة الدول العربية وإمارات الخليج العربية ( عرض وتوثيق ) في 166 صفحة.

كما كتب المؤلف عن العلاقة بين الكويت والعراق دراسة وثائقية مقارنة في 136 صفحة تطرق فيها إلى الأزمات المتتالية بين البلدين لسنوات 38 - 1939م وتطرق باختصار شديد لأزمة 1990م، وكان بودي لو أضافها مع الكتاب لتكتمل الفائدة، ولعله يفعل في الطبعة التالية.

والكتاب السابع في 148 صفحة من الحجم الصغير وهو عبارة عن محاضرات ألقاها المؤلف على طلابه في قسم التاريخ - بكلية الآداب بجامعة المؤسس بجدة، عن: (تاريخ المشرق العربي الحديث).

أما الكتاب القيم الثامن والأخير فهو كذلك محاضرات في تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر في 234 صفحة وهو كتاب مختصر وشامل لتاريخ هذه المنطقة الهامة التي نحن جزء منها، ولا يستغني عنه القارئ ناهيك بالباحث.

وقد لاحظت بفرح وسرور، بأن هذا المؤلف الباحث يورد في ثبت المصادر والمراجع مؤلفات كثيرة ودوائر معارف ووثائق باللغة الإنجليزية، وهذه ميزة له وخصوصًا وأن كل دراسته العامة والعليا كانت داخل المملكة، وهذه الميزة يفتقر إليها كثير من طلاب وخريجي الدراسات العليا في بلادنا.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة