Culture Magazine Thursday  14/02/2013 G Issue 396
أوراق
الخميس 4 ,ربيع الثاني 1434   العدد  396
 
كلي أسى يا معالي الوزير
د. شريفة سلامة أبو مريفة

 

معرض الرياض الدولي للكتاب ذلك العرس الثقافي الذي ننتظره كل عام لننهل من ينابيع الفكر ونروي أرواحنا الظمأى لنور المعرفة، هذا العرس الذي يفتتح برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود( حفظه الله ) وتنظمه وتشرف عليه وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية حيث تسخر كل طاقاتها وإمكاناتها لتظهر هذه الاحتفالية بالصورة المشرفة على الصعيدين المحلي والخارجي يترافق هذا مع تغطية إعلامية مكثفة تتفق مع قيمة وأهمية وجمال هذا الحدث الثقافي الأبرز خلال العام.

ويحسب للوزارة دأبها على توزيع الدعوة لطلاب وطالبات المدارس والكليات والجامعات ومنسوبي القطاعات الحكومية والخاصة لزيارة المعرض محققة هدفها أن يظهر المعرض كل عام بصورة مميزة ويرضي جميع الأطراف بمختلف توجهاتها الفكرية والثقافية، وكنا نتمنى أن تحرص الوزارة على ألا تغفل التوجهات الاجتماعية إن صح التعبير أو الظروف الاجتماعية لبعض رواد المعرض حيث أعلنت الوزارة عن موعد افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب للعام الهجري الحالي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وقد أوضحت جدول مواعيد الزيارة للمعرض والذي لم يتضمن يوماً مخصصاً لزيارة النساء للمعرض، كما كنا نأمل ونرجو، وكنت قد كتبت مقالاً في صحيفة الجزيرة بعيد انتهاء معرض الرياض الدولي للكتاب للعام المنصرم بعنوان ( حتى يصدر الرعاء ) ضمنته طلباً بل رجاءً لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور محيي الدين عبد العزيز خوجة لتخصيص يوم للنساء في جدول الزيارة من الأيام العشر التي خصصت للزوار وهذا ليس بالكثير

ومما قلته في ذاك المقال ( لا شك أن تخصيص مواعيد زيارة المعرض للجميع يضفي لكثير من البهجة على التسوق والتمتع بالنزهه الفكرية لأفراد الأسرة الواحدة لما يتاح لهم من تبادل الآراء حيال ما يودون اقتنائه كما أن هذا يحمي المرأة من مزاحمة الرجال فتجد الراحة والقدرة المعنوية ما يساعدها على التسوق، إلا أن هناك من يرتدن المعرض دونما مرافق لظروف إجتماعية قد يجدن مشقة وغضاضة في مزاحمة الرجال في دور العرض لما جبلت عليه المرأة من حياء فطري يجبرهن على ذلك الحرص على ألا يحرمن من هذه الفعالية، في حين أن هناك الكثير من النساء اللائي حرمن متعة هذه الزيارة لطبيعتهن التي لا تخولهن لمزاحمة الرجال خاصة وأن بعض دور النشر تكون مكتظة بالزوار ) ولقد خرجت من المعرض في العام المنصرم وكلي أسى حيث لم أكمل تجولي في دور النشر ولم أحظ بفرصتي في الإفادة من هذه الإحتفالية الحولية، لست وحدي في هذا الأسى فهناك الكثيرات في محيطي ممن إشتكين من صعوبة إرتياد المعرض على هذا النحو فلا حول لهن ولا طول

,لا أتحدث هنا عن الفصل بين الرجال والنساء في الزيارة لمعرض الكتاب من منظور شرعي فذاك أمرقد حسمه المشرع وإن كان فيه باباً للاجتهاد أو الإفتاء فذاك موكل لأهل العلم والإاختصاص، كما أن لي قيمي وثوابتي التي أؤمن وأعتز بها وأغار عليها ولكن هذا لا يخولني لأن أفرض رأيي وقناعاتي على الآخرين، أتحدث عن تخصيص يوم للنساء بمعزل عن الرجال من منظور وقيم امرأة عربية حرة تأنف من مزاحمة الرجال، أتحدث من منظور حياء المرأة العربية التي جبلت عليه حتى في جاهليتها المغرقة في الشرك، ومع الفارق الكبير في القياس والتشبيه فما سؤال هند بنت عتبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء على ألا يزنين بقولها ( وهل تزني الحرة يارسول الله ؟ ) إلا تأكيدا خالصا على غيرة المرأة العربية قبل الإسلام على عفتها وكرامتها فكيف بها في الإسلام ولا يختلف اثنان على المكانة التي حظيت بها المرأة في بلادنا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيزآل سعود ( خفظه الله ) إيمانا بقدراتها وإمكاناتها وطاقتها الكامنة بإعطائها مساحة أكبر من الفرص والمهام التي لم تكن توكل إليها سابقا كان آخر هذه المكرمات تعيينها عضوا في مجلس الشورى وفق ضوابط شرعية بما يتفق مع تعاليم دينها ويحفظ عليها وكرامتها بتحديد أماكن مستقلة لهن في المجلس وباب خاص بهن يدخلن المجلس منه ويخرجن منه وتأتي هذه الضوابط في إطار الضوابط التي تحكم عمل المرأة في دولتنا التي تحكم بالشرع والدين القيم، هذه الضوابط التي تم الحفاظ عليها رغم ضرورة عمل المرأة فأين هذه الضوابط التي تحمي كرامة المرأة أثناء زيارتها لمعرض الكتاب ؟ وما هو المنظور الذي ارتأت الوزارة من خلاله الفصل بين الطلاب والطالبات في مواعيد زيارة المعرض ؟

كما أن وزارة الإعلام رفعت سقف الحرية الفكرية للكتب الواردة للمعرض استجابة لبعض التوجهات المطالبة بذلك رغم الجدل الذي يثارحول هذا المناخ الفكري والغلو في محاربته . وذلك في إطار سعي الوزارة للأخذ بالمقترحات والآراء والملاحظات الواردة إليها حول فعاليات المعرض مؤمنة أن في ذلك تطويرا في سير هذه الاحتفالية عاما بعد عام إذ لا شك أن الإنفتاح على الثقافات الأخرى دون خوف أو تردد خطوة كبيرة في تقدم الأمم ونهضتها الفكرية، ومعرفة الآخر لا تعني حتمية الإيمان بما يقدمه من فكر أو التسليم والانقياد له فلدينا من الوعي والتربية والثقافة المجتمعية والدينية ما يحصننا ضد كل ماقد يمس هويتنا، أقول كان للرأي ولفكر الآخر نصيبه من استماع الوزارة واحترامه والإجابة إليه وهو أمر تحمد عليه، ومن هذا المنطلق كنا نأمل أن يكون لرأينا متسعا ومسمعا لدى الوزارة بتلبية رجائنا بتخصيص يوم للنساء ولا ندري ما الضير في الإجابة لمثل هذا المقترح وتكريمنا بيوم خاص للزيارة، فهل في هذا الأمر عناء لإدارة المعرض وتكليفها ما لا تطيق مما يصعب معه تخصيص مثل هذا اليوم ؟ في يقيني أن الإجابة عن هذا السؤال هي لا، ختاما نبارك لوزارة الثقافة والإعلام جهودها القيمة والمتميزة لإنجاح هذه الاحتفالية الراقية

عضو هيئة تدريس متقاعد - جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن/ كلية العلوم

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة