Culture Magazine Thursday  14/02/2013 G Issue 396
فضاءات
الخميس 4 ,ربيع الثاني 1434   العدد  396
 
صناعة جاذبية القوة الثقافية
سهام القحطاني

 

* هل صناعة وحدة التشابه تخلق جاذبية القوة الثقافية؟

- لا أظن أن مفهوم القوة هو مفهوم جدليّ، على العكس أجده مفهوما ذا قاعدة أحادية لا تتجاوز «دلالة التأثير» واختلاف درجات التأثير وأشكالها لا شأن لها بتحويل الأحادي إلى جدلي في هذا المقام.

وهنا علينا أن نفرق بين «مفهوم القوة» وبين «مفهوم صناعة القوة»، أو مفهوم صناعة «جاذبية المؤثر»؛ آلية الاستقطاب والتجاذب. ومفهوم القوة كما ذكرت مطلع هذا الموضوع يتضمن دلالة تحوّل الاستقطاب والتجاذب من خلال «حدوث تأثير» يُنتج تحرك الصوامت وتمركزها حول ناطق خاص وفق آلية تكرار الانتقال من أطراف متعددة إلى طرف أحادي جاذب ومستقطِب.

وهذا التكرار بالانتقال للفواعل المتعددة للاستقرار في مقام أحادي جاذب هو الذي يُشكل المركز ويؤسس إستراتيجية العلاقات الجمعية والثنائية بين المركز والأطراف وتشكيل آلية وحدة التشابه الاستعمارية للفواعل المختلفة.

أما كيف تتحول النقطة المفردة الحاصلة على خاصيتي التجاذب والاستقطاب إلى مركز يتحكم في تقسيم الفضاء العلائقي للأشياء وشرعية ثنائية المركز والأطراف؟

والسؤال السابق يقودنا إلى فكرة الجوهر؛ وقبل فكرة الجوهر هناك ماهية «الفضاء العلائقي» أو الشبكة الوترية التي يتوزع من خلالها الفواعل، وبذلك يمكن اعتباره هو المجال الوظيفي الذي يتحرك من خلاله الفاعل متجاذبا مع شبكة وترية بالاستقطاب أو متنافرا مع الشبكة الوترية للفضاء العلائقي بالتفكيك والانسحاب.

وبذلك فإن الفضاء العلائقي هو مجموع من الفواعل الصامتة المتفرقة، وتتحول الفواعل الصامتة إلى فواعل ناطقة من خلال آليتي التصور والتصديق، وبذلك فالنطق يستحصل بالتصور والتصديق، والنطق مصدر تشكل علاقتي التأثر والتأثير؛ لأن الفواعل الصامتة لا تتجاذب، إنما التجاذب يقع بين الفواعل الناطقة والصامتة، والفواعل الصامتة تتحول إلى ناطقة بفعل اندماجها التجاذبي مع الفواعل الناطقة، وهذا الاندماج التجاذبي هو الذي يُحمّل الفواعل الصامتة بخصائص الفواعل الناطقة. وبذلك يمكن أن نحدد مستويين للفواعل الناطقة؛ المستوى الأول للفواعل الناطقة وفق التأثر بآليتي التصور والتصديق، والمستوى الثاني الفواعل الناطقة وفق التأثر بالاندماج التجاذبي بين الفواعل الصامتة والناطقة.

لا يمكن ها هنا اعتبار «النطق والصمت ثنائية للغة الوجودية التي تحصل بها الحياة أو العدم. فاللغة ليست معيارا للفاعل الناطق إلا إذا «تمنطقت» فتمنطق اللغة هو الذي يحولها إلى فاعل ناطق، بفضل ما يملكه من خاصية إنتاج الصيرورة، وخلوها من خاصية التمنطّق هو الذي يجعلها فاعلا صامتا.

كما أننا لا يمكن اعتبار اللغة وثيقة شرعية للمنطق لمجرد تحقق وجودها الإجرائي مجموع الشبكة اللفظية التي تحفظ رمزية الأشياء، فليس كل من يملك لغة هو فاعل ناطق، ودخولها أقصد الإجراء اللفظي فيما بعد كمؤثِر للاندماج التجاذبي ليس لمجرد تحققها في المطلق إنما لأنها ممثل لمصدر الاندماج التجاذبي وباعتبار التبعية.

ولذلك فالصمت لا يعني عدمية اللغة إنما غياب المنطق المؤسس للغة كعقل منطقي تطبيقي وفكر قانوني هو الذي «يُصمّت» الفاعل اللغوي. والفكر القانوني هو الذي يساعد الفاعل على الانتقاء الصحيح من الفاسد من الحدود والماهيات والحجج الداعمة لاستحصال التصور والتصديق.

وبذلك يُصبح النطق الحاصل من آليتي التصور والتصديق هو المؤسس للمنطق الذي يتشكل في ضوئه «العقل المعرفي التطبيقي».

وفي المقابل لا يمكن القول إن انعدام آليتي التصور والتصديق هو انعدام للمنطق؛ لأن انعدام المنطق هو حاصل الاضطراب التزامني بين آليتي التصور والتصديق.

وبذا يكون السؤال ها هنا ما هي الخصائص التي يتشكل من خلالها المنطق أو يُفقد؟.

ما هو المنطق؟

«المنطق صناعة الفكر الناقد للمتصور من خلال تحرير المقولات من أنماطها.»

ويمكن إجمال خصائصه في الآتي:

ضرورة الوعي المتزامن بين التصور والتصديق؛ وبذلك فإن اعتبار وجود آليتي التصور والتصديق في ذاتهما دون خاصية التزامن لا يمكن تحويل الفاعل الصامت إلى ناطق. بل وقد ترسخ آليتا التصور والتصديق صمت الفاعل متى ما أصرت على رفض الخضوع لخاصية «التزامن»، وأقصد بالتزامن هو «انتساب الفكرة وإجرائيتها إلى المُحدِث الزمني»

وبذلك بُصبح الوعي الزمني هو الحامي من الإفراط أو قدسية التعاقد وإحالته.

والخاصية الثانية الإمكانية الإجرائية لتطوير الأفكار من خلال استحداث علاقات متعددة وإنتاج ثنائيات تحسن من كفاءة الدلالات.

والخاصية الثالثة هي تجديد جذور تشكيل الحقائق، والخاصية الأخيرة هي إسقاط قدسية الإحالة.

والمنطق وفق تلك الخصائص هو الذي يتحكم في نشأة الجوهر لأنه يتحكم في الأدلة التي يُعرف من خلالها الجوهر وهي دليل ذات الوصف ويتضمن الوجود والكيفية والقانون، ودليل اعتبار الموضوع ويتضمن الطابع والعلاقة، ودليل اعتبار التأويل ويتضمن الإمكان والواقع والعلة.

والجوهر من حيث مصدر التشكل له نوعان الجوهر الذي يتشكل عبر القيمة، وجذر القيمة هنا مُختلف فقد يكون الجذر دينا أو قانونا أو خلقا أو عرفا أو تاريخا.

والنوع الثاني هو الجوهر الذي يتشكل عبر المركز أو الفاعل الناطق المؤثِر للاندماج التجاذبي، والمركز هنا تدرجيا يكتسب معادل القيمة. وبذلك فليس كل جوهر هو جوهر في المنشأ، وإنما الشيء يتحول إلى جوهر بخاصيتي الكثرة والتأثير، وهو ما سأوضحه لاحقا.

- جدة
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7333 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة