Culture Magazine Saturday  14/09/2013 G Issue 411
عدد خاص
السبت 8 ,ذو القعدة 1434   العدد  411
 
ديناميكي يكره بيروقراطية العمل المكتبي
نظمي القطب

 

بالنسبة لمهام وهموم وزارة الصحة ومشاريعها فمن المفيد أن نذكر بعضها، فوزارة الصحة وزارة خدمات تتناول أغلى ما لدى الإنسان، إلا وهي «الصحة السليمة» التي عرفتها منظمة الصحة العالمية بأنها «حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً لا مجرد انعدام المرض أو العجز»، علماً بأن الصحة العامة أمر مشترك بين جميع الأمم، وهي محل تعاون وتنسيق فيما بينها.

وأشير هنا إلى أنه ظهرت بعض حالات الكوليرا في دولة البحرين الشقيقة عام 1390هـ، ومنعاً لتسرب المرض إلى المملكة، اتخذت وزارة لصحة كافة الإجراءات الوقائية الخاصة بالانتقال الداخلي والسفر الخارجي، طبقاً للأنظمة الصحية وتعليمات منظمة الصحة العالمية، ومع ذلك فقد ظهرت في الأحساء بالمنطقة الشرقية بعض حالات الكوليرا خلال نفس الفترة، وقد شكل معالي وزير الصحة حينئذ لجنة عليا للطوارئ لمواجهة الموقف برئاسة وكيل الوزارة الدكتور هاشم عبد الغفار وعضوية كبار المسؤولين بالوزارة، الدكتور هاشم الدباغ، مديرعام الطب الوقائي، ومساعده الدكتور جلال آشي، والدكتور مصطفى طيبة مدير عام الطب العلاجي، والدكتور محمد إبراهيم الشورى، الوكيل المساعد لشؤون المختبرات، وسكرتارية الاستاذ نظمي القطب، مدير العلاقات الخارجية بمكتب معالي الوزير.

وفي هذا الوقت بالذات كان تعيين معالي الشيخ جميل الحجيلان وزيراً للصحة، فدعا فوراً إلى اجتماع اللجنة العليا للطوارئ في مكتب معاليه بوزارة الإعلام بجدة، حيث تم تدارس الوضع وإقرار الإجراءات الفورية الضرورية، وانتقل الجميع إلى الحرص على المنطقة الشرقية لمداولة الوضع والإشراف على تنفيذ خطة العلاج والوقاية من أي انتشار للمرض، ومن بينها فرض الحجر الصحي على المنطقة الموبوءة والاستعانة بقوات الحرس الوطني مع اتلاف التمور والحفاظ على عدم نقل حتى الأخشاب والتحديد وما إلى ذلك، والتشديد على تنفيذ شروط إصحاح البيئة.

هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى قام معالي الوزير، الشيخ جميل الحجيلان بزيارة مختلف المستشفيات والمستوصفات (التي أصبحت تسمى مؤخراً مراكز رعاية صحية أولية حسب توصيات منظمة الصحة العالمية التي تقررت في مؤتمر «ألما آتا»، بغية الاطلاع على الطبيعة وعدم الاعتماد على التقارير المعتادة.

وبناءً على ذلك، وكنتيجة لمشاهداته الشخصية اتخذ معاليه العديد من الإجراءات الإصلاحية: ومنها:

1- بالنسبة للمستشفيات التي كان معظمها مباني عادية، محولة بشكل أو بآخر لتكون مستشفيات، علاوة على تجهيزاتها الضعيفة، بل الهزيلة، أو المتهالكة إضافة إلى النقص الحاصل في بعض الأجهزة والمعدات الطبية، وعليه أصدر معالي الوزير أوامره إلى الإدارات المعنية لاستكمال كافة المعدات والأجهزة، بما في ذلك لوازم الأسرة من مراتب وشراشف ومخدات وأغطية.. مع إجراء جرد للأدوية الموجودة فيها والعمل على استكمالها والتحقق من سلامة تخزينها وتنظيم صرفها.

2- حرص معالي الوزير على إنشاء مستشفيات جديدة حسب تصاميم خاصة بالمستشفيات، فقد نسق مع وزارتي المالية والتخطيط لاختيار شركة متخصصة في تصميم المستشفيات، وتم تشكيل لجنة مشتركة لدراسة ما تم جمعه من معلومات وجرى ترشيح خمس شركات وجهت الدعوة إليها، وجرى التعاقد مع أحداها، قامت فعلاً بتنفيذ العقد، حيث قدمت خرائط تصاميم عشرة مستشفيات مختلفة الاستيعاب، وتقبل التوسعة النسبية لاحقاً، إضافة إلى خرائط تصميم مبنى معهد صحي ومستودعات طبية، إلا أنه ومع شديد الأسف لم يتسن للوزارة، بعد انتقال معالي الوزير للعمل في السلك الدبلوماسي، تنفيذ هذه التصاميم خلال فترتي وزيرين آخرين، مما أدى إلى تخزينها ومن ثم تلفها واندثارها.

3- كما قدم معاليه مشروع «البطاقة الصحية» لكل مواطن، وتم دراسة ذلك من قبل لجنة اشتركت فيها عدة جهات، واتفق على أن يدفع المواطن رسماً رمزياً لقاء البطاقة قدره عشرة ريالات، وقد جرى بحث كيفية تحصيل المبلغ ووضعت لذلك نماذج خاصة، إلا أن المشروع لم ير النور.. حتى الآن.

4- وحيث اتضح من الدراسات أن هناك هدراً في صرف الأدوية وإساءة استعمال، لا بل استغلال، التسهيلات الصحية من تجهيزات وخدمات وأدوية وأشعة ومختبرات، عن طريق أطباء الحكومة الذين لديهم عيادات خاصة، إذ كان النظام يسمح للأطباء بالجمع بين العمل الحكومي وفتح عيادات خاصة.

قدم معاليه مشروعاً يقضي بعدم الجمع بين عمل الأطباء الحكومي والعمل بالعيادات الخاصة، بل تفرغ الأطباء اما للعمل الحكومي أو العيادات الخاصة، وقد صدرت الموافقة السامية على ذلك وتم تنفيذ النظام الجديد، مع ملاحظة زيادة ساعات عمل الأطباء بمعدل ثلاث ساعات يومياً.

5- هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، كان أطباء العيادات الخاصة قد درجوا على كتابة اختصاصات تفوق مؤهلاتهم على لوحات عياداتهم، الأمر الذي قد يُعدُّ نوعاً من التدليس على المرضى، ومنعاً من استغلال طيبة المرضى عبّر هذا الأسلوب، غير القانوني ولا حتى الأخلاقي، فقد أصدر معالي الوزير أمراً بضرورة الاكتفاء بذكر المؤهل العلمي على لوحات العيادات الخاصة.

6- كما كان معالي الوزير قد حرص على مشاركة أطباء ومسؤولي الوزارة في المؤتمرات الصحية والندوات الطبية الدولية كاجتماعات جمعية الصحة العالمية بجنيف ولجانها الإقليمية في مختلف دول إقليم شرق البحر الأبيض المتوسط (البالغ عددها 22 دولة) ومؤتمرات وزراء الصحة العرب ومؤتمرات وزراء الصحة لدول الخليج العربية.

7- وكان معاليه يحرص على الاجتماع بأعضاء الوفود قبل توجههم أو سفرهم لحضور المؤتمرات وتزويدهم بالتعليمات اللازمة وخصوصاً فيما يتعلق بالتصويت عند بحث موضوعات محددة، كما حدث مثلاً عند بحث موضوع طلب الصين الشعبية الدخول في عضوية منظمة الصحة العالمية، بدلاً عن الصين الوطنية، وكذلك قبول طلب منظمة التحرير الفلسطينية بصفة مراقب.

8- كما عرف عن معالي الشيخ جميل الحجيلان، التدقيق الشديد في المعاملات، مع اهتمامه اللغوي وأسلوب إعداد خطابات الطلبات والعروض والتقارير والرفع للجهات العليا، مع الاحاطة بأنه كان يتبع طريقة تعليمية وتدريب استفدت أنا شخصياً منها، فجزاه الله كل خير.

9- أما من الناحية الاجتماعية، فقد عرف عن معاليه أنه عطوف ودود يحترم ويقدر العاملين المخلصين، كما أنه كثيراً ما ينبه ويشير إلى ما يشجع العمل الدؤوب مع الرفاه والأفادة.. وأضرب مثلاً على ذلك أنه حين كنا في جنيف لحضور اجتماعات الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية أشار على الوفد بالاستفادة من العطلة الأسبوعية بزيارة لوزان، وكذلك قلعة روشيه دي نيه الثلجية مع مشاهدة أحد الأفلام المهمة.

استدراك:

من المعروف أن معالي الشيخ جميل الحجيلان من رواد القراءة وسعة الاطلاع، إذ إنه اعتاد كسب وقت ما بعد تناول طعام الغداء فيطالع في الكتب ويقرأ مطولاً. كما أن معاليه ديناميكي، يكره بيروقراطية العمل المكتبي، لذلك كان يحث المسؤولين على عدم الاعتماد على المكاتبات أو المراسلات، إذا كان من الممكن مداولة الأمور بالاتصال الهاتفي أو اللقاءات الشخصية، وعليه كان يحل الكثير من المشكلات بالاتصال الشخصي بالمسؤولين وبعقد اجتماعات قصيرة معهم.

وأخيراً وليس آخر، فقد حدث مرة أن تلقى رسالة من مواطن مريض يتعالج في بيروت، بإجراء عملية غسيل كلوي، ويتساءل لماذا لا يستطيع إجراء ذلك في المملكة، فقام معاليه بالاتصال بأحد المسؤولين، هو الدكتور سعيد رباح وسأله عن مدى إمكانية إجراء غسيل الكلى بالمملكة، وبتدارس الموضوع أرسل معاليه الدكتور سعيد إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، فأحضر فنية غسيل كلى مع تأمين الجهاز، وكان ذلك أول جهاز غسيل كلى تستعمله الوزارة، وعلى كل نحمد الله أن أصبح في المملكة اليوم مراكز لغسيل الكلى بالمستشفيات، علاوة على مركز سعودي لزراعة الأعضاء (كلى، كبد، بنكرياس، عيون، قلب..الخ).

مساعد مدير مكتب وزير الصحة سابقاً

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة