Culture Magazine Saturday  14/09/2013 G Issue 411
عدد خاص
السبت 8 ,ذو القعدة 1434   العدد  411
 
رؤيته المستقبلية
فاروق باسلامة

 

عندما كان وزيراً للإعلام في عهد الملك فيصل - رحمه الله- استطاع هذا الرجل - جميل الحجيلان- أن يكوِّن تصوراً ثقافياً للإذاعة والتلفاز والصحافة بشمولية ميسورة وإلمام بصير وإحاطة إعلامية حيَّة، وذلك في النصف الثاني من العقد السادس من القرن العشرين، ولقد سبق له أن عيِّن مديراً عاماً للإذاعة والصحافة والنشر في العام ستين من القرن المذكور ولكنه عيِّن سفيراً للمملكة في الكويت عقب ذلك ثم أصبح وزيراً للإعلام حتى العام 1974م، حيث تقلَّد وزارة الصحة وبعدها عيِّن سفيراً للمملكة لدى ألمانيا الاتحادية، وفي عام 1976م عيِّن سفيراً لدى فرنسا حتى العام 1995م، وفي العام الذي تلاه 1996م عيِّن أميناً عاماً لمجلس التعاون الخليجي الذي قضى فيه ردحاً من الزمن.

هذه المعالم من الدبلوماسية والعامل السياسي حنكت صاحبها بفعل الخبرة والعمل المتواصل والشغل الشاغل أكثر من أربعين سنة واصل خلالها الحجيلان الركض في معالم ودهاليز السياسة والدبلوماسية التي رآها رؤية حصيفة ونظر إليها نظرة مستقبلية تدعو إلى هدف من خلال هذا النظر نحو الديناميكية للعمل السياسي السعودي الداعي إلى ما اشتهرت به المملكة العربية السعودية من ثقل سياسي واقتصادي وديني عالمياً على وجه عام، وعندما اندلعت حرب الخليج الثانية كان الحجيلان السفير السعودي في فرنسا الذي دافع في وسائل الإعلام الغربية عن قضية الخليج العربي بكل إيمان يحدوه في ذلك خبرته الإعلامية وبيانه الدبلوماسي المؤطر بالسياسة المحنكة، بل دالة هذه القضية بوجه خاص للسعوديين وإخوتهم من دول مجلس التعاون، ومن الذي يماثله في باريس وهو عميد السلك الدبلوماسي العربي فيها والأحق بهذا الدور الدبلوماسي العتيد آنئذ؟ والجدير إعلامياً به!!

لقد خدم الأستاذ جميل بلادنا بكل ما ملك من قدرات وإمكانات وقدَّم إنجازات جميلة كان لها نصيب من اسمه الأنيق وبصيرته النفاذة وخبرته الممتازة، فقد قدّم للإعلام مقدرة كبيرة على تنفيذ الشخصية الإعلامية التي تريد إنجاز الأعمال في دقة وانتظام ورؤية ثقافية مستقبلية عبر الأجيال المتطورة، كما قدّم مشعلاً رشيداً وتصوراً جميلاً للبرامج والمواد التي سارت وسائل الإعلام في عهد وزارته على مقاييس ومعايير حسنة، واستطاع النهوض بها على طرائق مناسبة لبلادنا ومجتمعنا الكبير مستمداً كل ذلك من السياسة السعودية وإرشادات ولي الأمر، أما الصيغة التنفيذية لهذا الإعلام فحدث عنها ولا حرج، إذ تصاغ بأسلوب غاية في الروعة الأدبية الفنية منها والثقافية والدينية والحياتية الفردية والاجتماعية بحيث تتم التغطية الإعلامية على ما يرام منها للمستمع والمشاهد والقارئ. هذا الثلاثي في حساب الإعلام أنعم به متلقياً لما يبثه الإعلام لجمهوره ووسائله لمتلقيه ومواده للسامعين والمشاهدين والقراء، حيث تحرك وسائل الإعلام أفئدة هؤلاء المتلقين لتلقي ما يرغبون، ومشاركين لما يبث من برامج شعبية ومواد علمية ومعرفية وفقرات دينية واجتماعية وما يطلبه المتلقون من برامج شتى فيها الثقافة والأدب والاجتماعيات والدينيات والمعارف الإنسانية القائمة على الصدق والإتقان والإخلاص والثقة، كي يشارك في هذا المضمار كوكبة من أعلام الأدب والدين ورجال الثقافة والإعلام وذوو الفنون الجميلة المبسطة، فيعدون البرامج ويقدمونها ويلبون النداء الإعلامي لذلك، فترى من خلاله المشاركات الفعَّالة والإنجازات العملية العامة لكل المستويات العمرية من أطفال ورجال وسيدات من أولئك الأساتذة: طاهر زمخشري وعزيز ضياء ومحمد سعيد العامودي ومحمد حسن عواد وضياء الدين رجب، ومن المذيعين: بدر أحمد كريم وعباس فائق غزاوي ومحمد أحمد صبيحي ويحيى كتوعة وعبد الرحمن يغمور وماجد الشبل وغالب كامل ويوسف الهاجري ومحمد علي كريم وسواهم من الذين شادوا الإذاعة والتلفاز بأصواتهم المقتدرة الرائعة ومزاياهم الجيدة ومعلوماتهم الثقافية ومواهبهم الفطرية، كان الإعلام حافلاً في عهد الحجيلان بالمنجز من القول والعمل ومن المعاني والقيم الأخلاقية الدمثة والأفكار والآراء الناضجة، كان إعلاماً بحق وحقيق له أهداف مستقبلية الأمر الذي مهّد لما بعده من مراحل وأطوار حتى تشعبت إنجازاته.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة