Culture Magazine Monday  22/10/2007 G Issue 219
أقواس
الأثنين 11 ,شوال 1428   العدد  219
 
قدّمه يحيى حقي واحتفت به باريس
الكفراوي:حكايتي بدأت في القرية

 

 
* القاهرة- محمد الصادق:

ما هي الحكايات الأدبية التي انشغل بها الأدباء في بداية مسيرتهم الأدبية ومتى كان تعلقهم بها؟ هذا التساؤل محور أمسية ثقافية أقامها مركز سعد زغلول الثقافي بالقاهرة للقاص سعيد الكفراوي الذي ينتمي إلى جيل الستينيات وشكلت القرية أهم تجليات أعماله وصدر له 11 مجموعة قصصية منها مدينة الموت الجميل ستر العورة سدرة المنتهى والبغدادية، وترجمت أعماله إلى الفرنسية والإنجليزية والألمانية وحصل هذا العام على جائزة السلطان قابوس في القصة القصيرة.

قال الكفراوي ان الحكاية هي ما ورثناه عن الأهل الذين حرموا من التعليم وتمتعوا بالثقافة الشفهية، ويستطرد عندما كنت صغيراً كنت أجد الأهل والجيران يجلسون علي المصاطب يحكون قصص الزير سالم وعنترة بن شداد المليئة بالعبر والعظات، وكثيراً ما كانت تلك الحكايات تتحدث عن الموت وليالي الفرح والمآتم والأساطير ومن هنا تكونت علاقته بالحياة والموت.

ويحكي الكفراوي حكايته مع الكتابة التي بدأت في سن مبكرة أواخر الستينيات حين سجل قصة بصوته في البرنامج الثاني بالإذاعة، وتعمد أن يسمعها والده وهو يجلس مع العمدة، وهنا انتشى والده وأحس أن هذه الثقافة ينتمي إليها ويشاهدها وعايشها في حواري وأزقة القرية وأن ابنه عبر بصدق وإخلاص عن واقع البسطاء ومنذ تلك اللحظة تغيرت علاقة الكفراوي مع والده. ويحكي الكفراوي عن موقف آخر عندما حمل قصته وذهب إلى القاهرة قاصداً مجلة (المجلة) لينشرها على صفحاتها، وكانت المجلة أعرق مطبوعة في ذلك الوقت، ويرأس تحريرها الأديب يحيى حقي. ويصف الكفراوي الموقف قائلاً: دخلت على يحيى حقي لابساً جلبابا بلديا وطاقية، وحين رآني رفع رأسه وسألني عن اسمي وعن مقصدي فأجبته بأن اسمي سعيد الكفراوي وأريد أن أنشر قصة في المجلة، وأمام إصراري وقف هذا العملاق الكبير وأغلق البلكونة وطلب مني قراءة القصة فقرأتها ثم أعاد الطلب فقرأتها ثانية ثم طلب مني تسليمها لسكرتير التحرير وفوجئت بنشرها بعد ذلك. ولم أر يحيى حقي منذ هذا التاريخ إلا بعد 10 سنوات، وحين رآني تذكرني فقبلت يديه ورأسه وجبهته ومضى بضع خطوات ثم عاد ثانية يقول: كانت أياما طيبة، نعم كانت طيبة لأنها كانت نقية. كانت الأمة تشكل مستقبلها وحياتها. ويتذكر الكفراوي موقفاً آخر وهو صبي في كتابة القرية وكانت معه طفلة كفيفة تحفظ القرآن بصوت جميل وتلاوة سليمة وكان شيخ الكتاب قد عهد إليه بمسؤوليتها، فكان يحضر معها صباحاً ويوصلها إلى منزلها بعد انتهاء اليوم، ولكنها ماتت بعد عام فأمر الشيخ الجميع بالمشي في الجنازة فاتحين المصاحف داعين للصغيرة بالرحمة والمغفرة، ويقول الكفراوي ربما كان ذلك سببا في بروز الجانب الصوفي لدي وعلاقة الفلاح بالموت التي امتدت عشرات السنين.

ويتحدث الكفراوي عن مرحلة أخرى في حياته عندما أرسل إلى فرنسا مع مجموعة من الكتاب المصريين، وكان ذلك في احتفالية تخص مصر وفرنسا بمناسبة إقامة معرض للكتاب في إحدي المدن الإقليمية وخرج سكان المدينة لمشاهدة الكتاب المصريين الذين تحدثوا عن المدارس الفرنسية في النقد وغير ذلك من القضايا التي يحفظها الفرنسيون عن ظهر قلب، وهنا استاء جمهور الحضور ولسان حالهم يقول إنهم جاءوا ليبيعوا لنا بضاعتنا، وتحدثت أنا عن تجربتي وأنني جئت من قرية تمتد 5 آلاف سنة عاشت التاريخ والجغرافيا وبعد انتهاء حكايتي وقفت القاعة تصفق لمدة 3 دقائق كاملة.

ويقول الكفراوي في النهاية إنني أسعى بكل ما حباني الله أن أحول هذا العالم إلى قصص وحكايات أحبها العالم.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة