Culture Magazine Monday  22/10/2007 G Issue 219
نصوص
الأثنين 11 ,شوال 1428   العدد  219
 
قصة قصيرة
يوم إجازة
محمد بن عبد العزيز اليحيا

 

 

كعادته كل صباح يصحو باكراً وبعد أدائه صلاة الفجر التي تعوّد أن يؤديها متأخراً قام بارتداء ملابسه ثم ركب سيارته متوجهاً لعمله، لكنه في ذلك اليوم استغرب ذلك الهدوء الذي ساد كل شيء على غير العادة، فقد تعود أن تكون الطرق مزدحمة في ذلك الوقت بالذات لكنها كانت شبه خالية إلا من سيارات بعض الشركات.

تساءل في نفسه ربما أكون تأخرت قليلاً أو خرجت باكراً.. سار في طريقه بكل هدوء وتساءل مجدداً هناك شيء غير طبيعي لكنه ما لبث أن أكمل سيره وكانت الإذاعة تبث في تلك اللحظة أغنية لصوت الأرض الفنان الراحل - طلال مداح - رحمه الله - تقول: أحبك لو تكون حاضر.. أحبك لو تكون هاجر.. ومهما الهجر يحرمني راح أمشي معاك للآخر، وكان يدندن مع الأغنية التي أطربته في زمن تدنى فيه الذوق والحس الفني.. ما زال فكره منشغلاً بسبب خلو الطريق حيث شعر بأنه أطول من المعتاد وحاول أن يشغل نفسه بتأمل الأشجار التي وقفت بكل شموخ طوال الطريق لا تشكو ولا تتألم ولا تعرف الراحة من لهيب الشمس أو عوامل البيئة الأخرى وهذا هو حالها طوال العام لكنها تحزن كثيراً إذا امتدت إليها يد لتؤذيها إما بالقطع الجائر أو إتلاف ثمارها دون سبب.. كان هناك عصفور وعصفورة في مشهد جميل زاده جمالاً الألوان الرنانة التي حباها الله بها.. كان يتأمل بكل إمعان تحركت عواطفه مع ذلك المنظر فقد كانت الأم وطفلها الصغير تطعمه بمنقارها الصغير الرقيق وصورة جمالية ربانية كلها عطف وحنان لا يصل إليه أي إنسان إلا الأم وأبناؤها.

انغمس كثيراً في هذا المنظر ولم ينتبه إلا وهو أمام سيارة مسرعة كاد يرتطم بها لو لا ستر الله.. حمد الله على السلامة وأنه لم يصب بأذى وكذلك صاحب السيارة المسرعة المتهور.. وما هي خطوات حتى وصل لمقر العمل.. وبعد دخوله من البوابة كانت المفاجأة عندما شاهد المواقف خالية ما عدا بعض السيارات التي تُعد على الأصابع.

المهم أوقف سيارته واستعد لكي يترجل عنها ليصعد لمكتبه لكن باب الإدارة كان مغلقاً قال في نفسه: ربما أكون حضرت قبل أن يصل العم أبو سعد يفتح الباب ثم قرر أن يذهب للبوفيه لكي يتناول إفطاره ثم يعود ويكون العم أبو سعد قد عاد لكنه تفاجأ مفاجأة أخرى فقد كان البوفيه مغلقاً.

أُصيب بنوع من الدهشة ترى ما الذي حدث هل أنا في حلم ماذا جرى؟

توقف لمدة خمس دقائق يفكر ماذا أفعل؟ هل أعود أم أنتظر؟

لم يدم تفكيره طويلاً حيث قرر أن يسأل رجال الأمن الذين يقفون أمام البوابة فتوجه لهم وقال: ما الذي حدث! هل هناك شيء حدث منع الموظفين من الدوام.. نظر حارس الأمن لزميله وأخذ الاثنان يضحكان بصوت مرتفع وصاحبنا في ذهول علام يضحكان وظل يردد السؤال لماذا تضحكان؟.. رد عليه أحد رجال الأمن هل أنت بخير قال: نعم.. سأله إذاً ما الأمر قال: ألا تعرف أن اليوم أول أيام إجازة العيد رد بذهول! ماذا.. ماذا؟

إجازة.. هل تمزح معي؟ أم ماذا ثم قال له رجل الأمن كيف أمزح معك لماذا؟ سكت وسار باتجاه سيارته ثم عاد وقال: بكل طيبة وعفوية طالما أنها إجازة كيف سمحت لي بالدخول رد رجل الأمن بسرعة بديهية وذكاء اعتقدت أنك من المكلفين بالعمل في العيد عاد لسيارته وهو حائر. وبصوت مرتفع فكاد يغشى عليه من شدة الضحك وحمد الله على أنه وحده ولا أحد حوله فيظن أن به مساً من الجنون.

mhd1999@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة