Culture Magazine Monday  22/10/2007 G Issue 219
تشكيل
الأثنين 11 ,شوال 1428   العدد  219
 

وميض
الفرس والفارس
عبد الرحمن السليمان

 

 

الحصان رمز للقوة وللعنفوان وللحيوية وللجمال، ولجوانب كثيرة تتبدى في تعلق العربي بحصانه أو فرسه فكان أن أخذ منه تسمية الفارس، والواقع أن ذلك يندرج على معظم الشعوب في علاقتها بالحصان. والعلاقة التي ربطت الفنان التشكيلي كمال المعلم بهذا الكائن الجميل نشأت منذ حداثة سنه، عندما شاهد وركب أحد الخيول بين أنظار والده. ازدادت هذه العلاقة - فيما بعد - عندما لم يجد صعوبة في تأكيدها وقد امتلكت العائلة بعضا من الخيول، هذا الاهتمام كبر مع الفنان الذي التحق للدراسة في أكاديمية فلورنسا بايطاليا فسجل حينها في أحد أندية (الفروسية) وعندما شرع في التهيئة لأول عروضه الفنية عام 1994-1995 كان الحصان مصدر إلهامه، بل إن المعرض اقترب من أن يُسمى (فرسي) ولم يكتف الفنان بالعرض المرئي فأرفق بالعرض عملا موسيقيا.

وتجربة الفنان التشكيلية تعود مبكرا إلى عهده بالدراسة في المرحلة المتوسطة عندما نظمت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران وكانت تسمى كلية البترول في النصف الأول من السبعينيات معرضا لموهوبين وهواة شباب من المنطقة الشرقية في أحد أروقتها، كان كمال المعلم أحد الشباب العارضين مع فيصل السمرة وعلي الدوسري وأحمد المغلوث وآخرون.

وما يمكن أن تمثله محاولات شاب لم يبلغ العشرين كانت أعماله التالية كانت أكثر إحكاما وتجويدا خاصة تلك التي قدمها مع بدايات إقامة المعارض في المنطقة الشرقية في النصف الثاني من السبعينات، وهو لم يزل يحتفظ ببعضها.

كانت أعماله المبكرة توحي بشيء من الاطلاع على بعض النتائج الفنية التعبيرية، وهو ما مثلته أو انعكس على بعض أعماله الزيتية التي كانت المعالجة اللونية فيها تؤكد الحالة التعبيرية التي يقيم عليها فكرته، ويحرص على تحقيقها، لتأثير اللقطة (الصورة).

أعمال تلك الفترة كانت ملفتة في قدرته على المحاكاة وتمثيل المشهد الذي أمامه وكان بين تلك المواضيع أعمال الطبيعة الصامتة والبورتريه، وكانت أعمال تلك المرحلة تحمل اهتماماتها الخاصة إلى أن اختار ايطاليا لدراسته الفنية (الرسم والنحت والحفر).

الأعمال الثمانينية التي بدأ فيها برسم الحصان على نحو لافت، وأخذ يعرض تلك النتائج على نحو محدود، كانت ترسم تصوراته للحصان كاستعارة للتعبير عن حالة ما، لعلها اقرب إلى حالة إنسانية، فالحصان هنا يخضع لتشكيلات على مستوى الأوضاع، وعندما أراد تأكيد هذا الاهتمام وتعميق ولعه بالحصان كانت الأعمال أكثر تنويعا، فهو اتخذ من الحصان مفردة اشتغل عليها في عدد من الجوانب التي يمكن أن ترسم حالة جمالية انفعالية مع حدث أو وضع وهو يعني الإحالة إلى التعبير عن علاقة رهيفة وحميمة بهذا الكائن الذي تغنى به محبوه بأجمل القصائد والأقوال والأعمال الفنية التصويرية والنحتية.

وتحولات الفنان من الأعمال النحتية التي أخضعها لتقاليد النحت أعاد مراجعاته عندما سعى للاستفادة من بعض التقنيات التي تساعد على تحقيق اكتشافات جديدة تعني نتيجة مختلفة، فكانت تحولاته إلى التكريس لعلاقة الحصان أو مقاطع منه واختيارات من نفس الخامة التي يتعامل معها وهو مع ذلك وجدناه يخضع العمل الفني إلى قوالب جديدة كما كانت أعماله المسماة (لا تأكل هذا فرسي) وهو تعبير عن قدر العلاقة لتمثيل فكرة مستحدثة أخذته أو تداعت إلى سعي جديد في تحقيق هذه العلاقة وتعميقها وفق التجربة التي عرضها في المملكة وبعض دول الخليج العربية، إضافة إلى استعارة بعض النماذج الزخرفية التي مثلت اهتماما موازيا في فترة من اشتغالاته، ثم علاقة جديدة بالتنور الذي فتح له أفقا مختلفا.

تتواصل مشاريع الفنان بكثير من البحث ضمن هذه العلاقة الحميمة، ومع ما يعتري مثل هذا الاهتمام من إشكالات إلا أننا نجد قدر الحساسية التي ترسمها أعماله في اختلافاتها، ولعل التضمينات المختلفة لهذه العلاقة تجعل من العمل اقل مشابهة وأكثر شخصية، ولعل مشروعا كبيرا تستدعيه مثل هذه العلاقة يعني أن الخط يتواصل من أجل تحقيق بل وتأصيل هذا المشروع في مشاريع أعمال جديدة.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244

aalsoliman@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة