Culture Magazine Monday  26/11/2007 G Issue 224
فضاءات
الأثنين 16 ,ذو القعدة 1428   العدد  224
 

هل ينفصل ضمير النصب؟
.....أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

 

قسم النحويون الضمائر إلى متصلة تلحق الأفعال ومنفصلة. وقسموا المنفصلة إلى ضمائر رفع وضمائر نصب. وليس في ضمائر الرفع المنفصلة إشكال عندي فهي مختلفة عن ضمائر الرفع المتصلة اختلافًا بيّنًا. أما ضمائر النصب المنفصلة فهي التي تستحق التأمل. فإن كان المقصود فصلها عن الفعل فهذا صحيح لا مراء فيه، وإن كان المقصود بها أنها ضمائر تختلف عن المتصلة فهو أمر متوقف فيه عندي وكذلك إن كان المقصود أنها منفصلة انفصالا مطلقًا كانفصال ضمائر الرفع. فضمائر النصب وإن فصلت عن الفعل فهي لا تنفك عن الاتصال؛ لأنها لا تستعمل إلا متصلة؛ ولذلك اتخذ لها ما تتصل به وهو لفظ (إيّ) فصار الضمير متصلاً به: إيّاه، إيّاها، إيّاهما، إيّاهم، إيّاهنّ، إيّاي، إيّانا، إيّاكَ، إيّاكِ، إيّاكما، إيّاكم، إيّاكنّ. ومعنى ذلك أن الضمير لم ينفصل. وقد يتصل الضمير بإلا: إلاه، إلاك.

وليس هذا القول بجديد فهو في مجمله مستفاد من قول الفراء أن (إيًّا) عماد والكاف ضمير متصل به. وعلى الرغم من وضوح قول الفراء تعددت أقوال النحويين في هذه المسألة فذهب الخليل إلى أن (إيًّا) اسم مضمر مضاف إلى ما يأتي بعده من لواحق، وقد ردّ هذا القول بأن الضمير لا يضاف. وذهب سيبويه إلى أن (إيًّا) ضمير وأما اللواحق فحروف خطاب تبين أحوال الضمير، من تكلم، وخطاب، وغَيبة. وقريب من قول الخليل قول الزجاج بأن إيًّا اسم ظاهر مبهم، ولواحقه ضمائر مجرورة بإضافته إليها. وذهب الكوفيون سوى الفراء إلى أن (إيّاك) وأمثالها بكماله اسم واحد مضمر. وقال غيرهم إنه اسم ظاهر مبهم. ولم يستفد النحويون من قول الفراء بل ردوا عليه بأن جعل (أيّ) دعامة فاسد، لأن الاسم لا يسوغ أن يكون دعامة. والحق أنه ليس بلازم عدها اسما فقد نقل المرادي تصريح صاحب رصف المباني بأن إيًّا حرف؛ لأنه لا معنى له في نفسه. وإنما معناه في غيره، كسائر الحروف. ومعناه هنا الاعتماد عليه في النطق بالمضمر المتصل. وإذن فضمير النصب لا ينفصل، ولا أرى اتصال ضمير النصب بإلا من الشذوذ كما في قول الشاعر:

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا

ألا يجاورنا إلاك ديار

وقول الآخر:

أعوذ برب العرش من فئة بغت

عليّ، فما لي عوض إلاه ناصر

وليس بوهم عندي أن يقول أبو الطيب:

ليس إلاّكَ يا عليُّ هُمامٌ

سيْفُه دونَ عِرضِه مَسْلولُ

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة