الصندوق الخشبي حصة العتيبي
|
صرير الأيام قد بات يؤرق النظر في عينيها.. وكحل الزمن أصبح ينأى بحمل الحزن في مقلتيها.. وعبارات الانين كأنها بركان قد حان قطاف الزمن للحمم التي يحتفظ بها.. كأنها في شرودها تحفة قديمة قد بات على أصحابها التخلي عنها.. وتسليمها لمعول النحّات لتغيير معالمها القديمه بأخرى جديدة. ليس في مقدورها منع الهدم.. وليس في نيّتها مقاومته!! ليس في قاموسها القديم كيفية تعلم التصدي لمتغيرات الحياة من حولها وليس في نيتها تغيير عادتها من أجل ظروف تظن انها وقتية.. ستنتهي بانتهاء فاعلها.. لكن الظروف تستمر.. والفاعل يستأسد.. ويماطل.. ويتفنن في المراوغة والتحايل عليها..! كأنها.. في تقديرها لسيرة حياتها الماضية.. صندوق خشبي.. تزهو ازراره المعتقة بعبق الحياة.. وترنو النقوش التي تعلو هامته لمعانقة الحسن في عيون المعجبين..! قد حصل عليها أحد المعجبين.. وأضافها لمجموعته التي يفخر باقتنائها.. ويفاخر الجميع بالفوز بها.. لكن الصندوق بدأ يتململ.. ويضجر.. ويجاهر بالضيق من وضعه المتردي والمتكرر.. (وما أكثر الصناديق الخشبية في بيوتنا.. والتي تحولت مع الأيام إلى تحفة.. بفضل التعامل الغريب ممن يشاطرونها الحياة.. عفواً.. أقصد ممن يملكونها) فتعلمت أن تكون بلا صوت ولا لون.. تبهت الألوان على مقابض الصبر في جوانبها.. وتنحت الأيام رسوما أشبه برسوم الطبيعة على وجه صخرة لا
فالشكوى لغير الله مذلة.. والشكوى اصبحت لحنا مشروخا تكره الآذان الاصغاء اليه..!!) حتى اقربهم لها.. صار بمنأى عن مشاكلها.. يريد أغلاق أذنيه عن صوتها.. ولا يريد سوى سماع كلمتين.. كأنهما هدية له حين تنطقهما له (انا بخير.. والعيال كويسين)..!! أي تحريف للمشاعر عندما تتسلل عبارات المجاملة من بين الكلمات حتى لا تؤذي أسماع الآخرين بمشاكلك.. ويا لها من مجاملة.. تتخطى عناوين.. وتسافر مسافات.. وتلعن منطق الضعف عندما يأسر الكلام في فمك.. ويرفض حتى الافصاح عن مسارات الحياة التي عنونت بعض متاعبها على جبينك بالرغم منك.. ودون استئذان وبطلب منك!! ما اكثر البيوت التي تنأى بحمل صناديقها.. أقصد نساءها اللاتي تحولت مع الايام لصندوق.. أو تحفة.. أو حتى ركن تمر من جانبه ولا تشعر بوجوده.
تخشى حتى الاقتراب منه.. وتظن انه معدٍ.. وتعتقد أن مشاعره قد رحلت مع بريق الزخارف التي بهتت مع الايام.. وسافرت إلى غير رجعة.
وكأنني اسمع نحيبها..!!.. لكنها تكتمه.. تخشى الملامة وتخاف زيادة النفور من حولها.. كأنها تتحرك ببطء نحو زاوية أكثر ظلمة.. وأكثر تعتيما.. تريد أن تركن اليها.. وتعيش ما بقي لها من كرامة تخاف فقدها وانطفاءها في عيون من حولها.. من المقربين (الزوج.. والأولاد.. وربما بعض الأهل.. من الاخوة والأخوات)..!!
Hkhma6@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|