Culture Magazine Monday  27/08/2007 G Issue 213
فضاءات
الأثنين 14 ,شعبان 1428   العدد  213
 
علي دمر.. شظايا عمر مبعثرة
1-2
عبدالله بن أحمد الشباط

 

 

في مقدمة ديوانه الضخم الذي تولى طباعته نادي جدة الأدبي الثقافي عام 1407هـ كتب علي محمد الحمراء المعروف بعلي دمر، نسبة إلى بلدة حالمة قرب دمشق تناثرت شظايا عمري على المدن والقرى والأقطار التالية:

ولد في حماه عام 1927م، وبعد وفاة والده عام 1930م بدأت رحلة الاغتراب وقد استمر هذا التنقل والترحال في سوريا إلى أن التحق بكلية اللغة العربية جامعة القاهرة، ونال شهادتها العالية عام 1955م، حيث تعاقد مع وزارة المعارف السعودية لتبدأ رحلة امتدت خمسة عشر عاماً متنقلاً من جدة إلى رابغ، بريدة، المذنب، الأحساء، أبها، ظهران الجنوب، نجران، ثم عاد إلى سوريا حيث التحق بوزارة المعارف طالباً الاستقرار؛ إلا أن عدم الاستقرار لاحقه حتى في مسقط رأسه حيث أمضى خمس سنوات متنقلاً بين القرى والبلدان حتى استقال، وعاد للتعاقد مع وزارة المعارف السعودية لتعادله الدورة من جدة إلى وادي قديد، ثم إلى جدة، ثم إلى الأحساء، ومنها إلى حفر الباطن، ثم العودة إلى الأحساء للعمل في قرية الطرف، هذا إلى جانب تنقلاته إلى الأردن، وفلسطين، والكويت، وبغداد، والهند (بومباي وحيدر أباد).

عمر يضيع على الدروب كم في التنقل من كروب

كنت الغريب وكم أزل في موطني ذاك الغريب

طوفت في الدنيا فلم أدع الشمال ولا الجنوب

في الجو في البحر أو في البر مضطرباً الوب

رحلة مضيئة قطعها علي دمر -رحمه الله- من سني حياته دون اختيار منه، فهو شاعر أديب ينشد الاستقرار وتكوين الصداقات والحضور الدائم في أي مكان يحل فيه حضوراً أدبياً واجتماعياً، ففي عودته الأخيرة إلى المملكة مع عائلته التي رافقته في حله وترحاله، وعاشت تلك الرحلة الشاقة معه، فخلال هذه السيرة كان يلهج بالشعر وينشر إنتاجه في عدد من الصحف المحلية والعربية، حتى تكّون لديه رصيد شعري صدر في ثماني مجموعات، عدا ديوانه الذي صدر عن النادي الأدبي الثقافي بجدة، والذي قدمه الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين رئيس النادي آنذاك معتذراً عن تأخير طباعة الكتاب: وكعادة الكثير من الأدباء.. في عدم الانتظام والفوضى جاءني حمل من الورق غير منسق ولا مرتب، المطبوع مع ما لم يطبع فغصت فيه واستعنت بعد الله بالصديق الدكتور بكري شيخ أمين الذي أمضى وقتاً وجهداً على هذا الشعر الذي يحتاج إلى غربلة، ثم جاء رأي الدكتور بكري بما ينبغي أن يختار وما ينبغي إبعاده والتمست من أخي الناقد الأستاذ سعيد السريحي، فغاص أيضاً في هذا الشعر الذي بلغ ثلاثة عشر ديواناً، كل ذلك استغرق وقتاً ولكنه طويل على الشعر العجل الذي ظن أننا أهملنا شعره وانصرفنا عنه إلى شواغلنا.

ثم قال: لقد كنا نترقب شاعرنا أن يفاجئنا في جدة بين يوم وآخر، وإذ نبأ وفاته هو ما يصلنا، وإنه لنبأ مفجع مباغت ولكن الدنيا عودتنا المباغتة، وكان الشاعر قد بعث بقصيدة إلى إخوانه في النادي يستحثهم على الإسراع في طبع ديوانه تحمل تاريخ 2 من جمادى الآخرة عام 1405هـ قال في ختامها:

لا تهملوني ذكركم في خاطري كالبرء يشفيني من الأحزان

وفي ذلك الترحال الدائم استطاع أن يتعرف على كثير من أوضاع البلاد، وأن يكون الكثير من الصداقات والعلاقات الطيبة مع عدد من الشعراء والأدباء وفي مقدمتهم د. بكري شيخ أمين والأستاذ ياسر فتوى، وطبعاً رئيس نادي جدة الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين، وفي الأحساء الشاعر يوسف أبو سعد والشاعر مبارك بوبشيت والأستاذ أحمد الديولي الذي كتب محاضرة ضافية عن حياة الشاعر علي دمر وشعره، ولقد عايشه هاجس الموت منذ عام 1983م:

مر عمري كالحلم لم أحظ فيه بالأماني أسير ثم أسير

وإلى القبر سائر وهو شيء كل حي إليه يوماً يسير

ما أضيع الأحلام والآمال في قبر تموت به جميع مزاعمي

وكان أثناء عمله بقرية الطرف بالأحساء يمر بالمقبرة في ذهابه إلى المدرسة وإيابه منها برفقة ابنه محمد، فكان يشير إلى المقبرة ويقول: إنني أرى قبري بين هذه القبور، فيحاول محمد أن يصرفه عن التفكير في هذا الموضوع؛ إلا أن ذلك الهاجس خرج عن مجرد التفكير ليصب شعراً يعبر عن الإحساس الصادق فتراه يكتب تحية للمقبرة:

أيا داري إذا غادرت داري على خشب إلى السفر الأخير

مقري حيثما أغدو تراباً يبعثر تحت مردوم القبور

هناك ستنتهي كل الأماني وأخمد لا أفكر في أموري

وروحي سوف تصعد نحو ربي تلاقي عنده جنات حور

رضيت بما قضى الرحمن طراً وقدره قضى ربي القدير

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7699» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الخبر


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة