Culture Magazine Monday  27/08/2007 G Issue 213
نصوص
الأثنين 14 ,شعبان 1428   العدد  213
 
(لا.. أحبك) ديوان جديد لعبد المحسن الحقيل
في الديوان نزعة للتجديد في مفردة الشعر الكلاسيكي

 

 

المتأمل لديوان الشاعر عبد المحسن الحقيل الجديد يكتشف أنه إزاء خطاب شعري منتظم الإيقاع، بل هو مدوزن في معزوفة استمالة السوق إلى عهد الشعر، وربما محاولة أخيرة للوقوف في وجه عاصفة التغيير أطول مدة ممكنة.. فمن بين تراتيل الحرقة من مآل أحلامنا إلى نحو الهاوية ها هو الحقيل يحاول في ديوانه (لا.. أحبك) أن يكرس مبدأ الحب رغم ما اكتشفه في العالم من عزوف، ومن عبوس، ومن تذمر، ومن خذلان في المشاعر، فها هو يؤكد رغم هذه المثبطات بلا النافية لكل ما هو بين النقطتين الفاصلتين بينها وبين تأكيد الحب. (فلا) هذه لا تنفي الحب عن الشاعر المولع بالمودة والجمال، إنما هي محاولة لنفي ما قد يقال عن الدنيا من أنها باتت بلا حب، فهي إذن إجابة واضحة لأسئلة ومقولات كثيرة حاولت فيما يبدو أن تثبط من همة الشاعر، وتزيد همومه.

أمر آخر نلمحه في عموم الديوان يتمثل في حرص الشاعر الحقيل على صياغة مفهوم الشعر الجديد.. ذلك المتمثل في المفردة المنحوتة بعصرية فارهة.

(قلبي الذي بالآهِ) كان مطوقاً

اليوم أصبح جنةً

قد عاد ينبض بالحنين

(الديوان ص 14)

فالشاعر وإن اقتفى أسلافه في ذكر الشعر لسيرة الراحلين في القصيدة الأولى في رثاء لاعج، ها هو يبني معادلة شعره على مقام الفرز الواقعي لحال الحياة المعاندة عما سواها من معادلات لا تأبه بالحياة على نحو ما ورد في قصيدة (ارحل) حينما يصبح الموقف الإنساني على لسان الفتاة قضية شعرية معاصرة، لا تراعي قواعد الشعر المألوف.

شعرية الموقف في قصائد ديوان (لا.. أحبك) ترجح كفة المقولة الذاهبة إلى أن الشاعر يزمع إبانة الحقيقة من خلال هذا الكم الهائل من القصائد الوجدانية الحالمة.. تلك التي يصوغ فيها (الحقيل) سيرة الحب كاملة غير منقوصة:

(ارحل إذا قررت لن أبكي عليك

أنت الذي تختار من تبقى لديك

إن شئت غادر مركبي

ارحل كشمس تهجر الروض البهي

فالروض لن يبكي عليها يا دنيّ)

(الديوان ص 20)

فالرجاء في القصائد لا ينقطع أن يتحرر الشاعر من ربقة الحب القديم.. ذلك الذي يكبل القلب، ويحبس المشاعر في أقفاص كالعصافير فلا تبارح المكان، تماماً فهو يريد أن يتحرر من طرق العشق القديمة.. تلك التي داومها الشعراء القدماء إذ لم يعد لها وجود في هذا البيان الشعري الجديد، فقصة الحب لم تعد كتلك التي تواترت بين قيس وليلى، إنما باتت قرارات مكررة وبإمضاء حاد أن القطيعة في الحب واردة على نحو ما ورد في قصيدة (أرجوكِ اكرهيني)، فهي بيان لحالة الفصام التي تعيشها قصة الحب الجديدة حتى وإن قيلت شعراً.

راوحت قصائد ديوان الحقيل بين التوسط والقصر، بل إنها اختطت لذاتها مسرباً يزاوج بين أغراض الشعر وفنونه فأضحت قاب قوسين من قول القصيدة الشاملة بمعانيها الجديدة، إذ لم تعد فتنة الجمال هي الملهم إنما بات الواقع هو الحكم الذي يمكن أن يركن إليه الشاعر حينما يضيق بمحبوبته ذرعاً، فلا هو ممسك بأعمدة القصيدة التقليدية ولا هو متحرر يحلق في فضاء الوجد اللاهي للقصيدة التفعيلية، فالركون - من وجهة نظر الحقيل - إلى نوع واحد هو ضرب من التجريب غير المأمون.

القصائد على هيئة رسائل وجدانية حالمة، تمحص في دلالات كثيرة تتقاطع في معاني الحب للأرض والإنسان، وتتشبث في معطيات البوح الوجداني لكل ما له علاقة بسلوكه، وعواطفه، وانثيالاته التي يكرسها في هذه القصائد ذات الإيقاع المتسارع على نحو قصيدة (النفس الأخير) حينما يصور الشاعر (الحقيل) وحدته، وعناءه حينما يجد أن المرأة لا يمكن أن تؤمَن الجانب حتى في أرق المشاعر، وأنبلها، لنراه وقد انبرى إلى شرح هذه الصور عن المرأة التي تتخلى وبشكل سريع عن ما كانت تزعمه من حب ومودة لذلك الرجل إلا أنها سرعان ما تصبح الوعود قبض الريح لتهيج عواطف الشاعر وتتوالد من قريحته هذه الصور الشعرية الراعفة.. تلك التي تبين حجم الفاجعة بتنافس المشاعر التي لم تتآلف حتى وإن بدت في صورة قريبة من هذا الشعور الشكلي الذي يحتاج إلى مكاشفة على نحو ما حوته بعض قصائد الديوان.

***

إشارة:

* لا.. أحبك (ديوان)

* عبد المحسن بن سليمان الحقيل

* دار المفردات بالرياض 1428هـ - 2007م

* يقع الديوان في نحو (94 صفحة) من القطع المتوسط

***

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

عبدالحفيظ الشمري hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة