في الوقت الذي ينتظر فيه الموهوبون (الحوافز) المشجعة لارتياد المنابر الثقافية التي تشرف عليها وزارة الثقافة والإعلام نجد الكثير من المفارقات الغريبة، ولنأخذ مثلاً الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون كأهم وعاءين ثقافيين للوزارة؛ حيث إن هذين المنبرين تركز أهداف إنشائهما على رعاية واحتضان المواهب، غير أن المتتبع المنصف لما تقدمه هذه الجهات الثقافية لرعاية واكتشاف وصقل المواهب الأدبية والفنية يجد الغرابة تشلّ التفكير والدهشة. وإذا كنا نجد المبرر لجمعيات الثقافة والفنون (الابنة المتبناة للوزارة) فإن الأندية الأدبية (الابن المدلل) لا يمكن أن نجد لها العذر بأي شكل من الأشكال، ولو أردنا أن نأخذ مثلاً بسيطاً بأن نلقي نظرة على المسابقات الثقافية الأدبية التي تطرحها الأندية الأدبية فسنجد (الهزال) يجسدها؛ فالمسابقة لا تقل عن ثلاثة أو أربعة مجالات في الشعر والقصة والبحث أو غيرها، ونجد الجوائز المرصودة لا تزيد على ألف وخمسمائة ريال للفائز الأول، وقد تجد أن اثنين أو ثلاثة يقتسمون المركز، والجائزة، فيما نجد أن أعضاء مجلس الإدارة لهذا النادي أو ذاك يتقاضون مبالغ ضخمة يسمونها (تجاوزاً) مكافآت؛ حيث قد لا تقل مكافأة الرئيس عن عشرة آلاف إلى ستة آلاف كسقف أدنى لعدم وضع لائحة واضحة (تحظى بمتابعة) تحدد نظام المكافآت لأعضاء مجالس الأندية، إضافة إلى اللجان العاملة التي تحظى ب(بالفتات)، وتُقال عند الحاجة أو لعدم توافر أنشطة صيفية (مقنعة)، فيما تستمر مكافآت أعضاء مجالس الأندية، فإنه بحسبة بسيطة يمكن لأيّ منا أن يدرك أن ثلثي ميزانيات الأندية الأدبية تذهب كمكافآت لأعضاء المجالس فيما يغيب الأهم وهو الورش النقدية الأسبوعية التي هي الأهم على الإطلاق في اكتشاف المواهب وصقلها ودعمها بالخبرات.
ومن ناحية أخرى نجد أن أنشطة هذه الأندية (الأدبية) باهتة مكررة وفي حاجة إلى التجديد في أسلوب تقديمها والتقليل من الوجوه الأدبية المكررة والبعد عن (المعرفية) والمحسوبية والاجتهادات الشخصية. إن الأندية الأدبية ستواجه معضلة ما لم تبحث عن آليات تحقق (إنتاجية) فاعلة على الأقل لتغطي على جوانب النقص الأخرى وسوء (التصريف) في ظل موجة تذبذب غيابي واجتهاد يتعثر ما بين الصواب والخطأ.
