Culture Magazine Monday  30/04/2007 G Issue 197
الثالثة
الأثنين 13 ,ربيع الثاني 1428   العدد  197
 

مصطفى عبده ناصف الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية:
الأساطير لا تنفي التوجّه العقلي والعقل لايصادرها

 

 
* حوار - علي سعد القحطاني:

خصصت مؤسسة الملك فيصل الخيرية للعام 1427- 2006م جائزتها العالمية التاسعة والعشرين في مجال الأدب في حقل الدراسات التي تناولت البلاغة العربية القديمة في موضوعاتها وأعلامها وكُتُبها، وقد فاز بها مناصفة كل من الدكتور محمد عبدالله العمري والدكتور مصطفى عبده ناصف وسعدت (المجلة الثقافية) باستضافة الدكتور مصطفى ناصف وأثارت معه العديد من الأسئلة والقضايا، وتحدث عن الدراسات البلاغية، ورأى أن البلاغة ليست محصورة في بعض الاتجاهات او الاصطلاحات وإنما يطلق أيضاً على كل ما يتصل بالشأن الفكري ويمكن اعتباره (بلاغة)، كما تحدث أيضاً عن كتابه (قراءة ثانية لشعرنا القديم) وشغفه ب(التأويل) في شرح كثير من قضاياه، وألمح الدكتور مصطفى ناصف إلى ان التجربة الفردية غالبا ما تكون مفعمة ببعد جماعي في قصيدة (الأطلال) وتحدث الضيف العزيز عن (الأساطير) و(النصوص الإبداعية).

النصوص الإبداعية

- هناك ازدياد مطرد في تنامي النصوص الابداعية إلا أنه في المقابل هناك ارتداد سلبي وعزوف كثير من النقاد للالتفاف إلى هؤلاء الأجيال.. وبالتالي فتجد بعضهم يوظف قراءاته النقدية لوجاهة أو أغراض مادية مثلاً.

* لا أحبذ ترك النصوص الإبداعية وراء ظهورنا، وأحبذ باستمرار أن نعود الى النص الإبداعي، وأن نتأمل فيه، ما فائدة الكلام النظري إذا لم ينته الى شرح أو فهم ثان، لهذا النص الإبداعي، ويجب أن يستمر احترام النص الإبداعي، يجب أن نجعله أمامنا دائماً.. نتركه مؤقتا لنعود إليه بعد ذلك، هناك ظاهرة غريبة لا نلتفت إليها هي كثرة النصوص الإبداعية، وأصبح من الصعب جداً أن نحتفظ للنص الإبداعي بالسبق لكن يجب مقاومة التأملات التي لا تنتهي الى فهم ثانِ أو ثالث، ويجب الحفاظ على حرية التأويل وبقائه ونشاطه، ويجب - أيضاً - عدم الفصل بين النقل الأدبي وعلم تأويل النصوص.

الأطلال

- أسرف الشعراء في البكاء على (الأطلال) كثيراً بدءاً من امرئ القيس وانتهاءً بإبراهيم ناجي.. متى نتجاوز التجارب الفردية في تلك المسألة؟

* مسألة التجارب الفردية في شرح (الأطلال) لا تكفي والتجربة الفردية غالبا مفعمة ببعد جماعي هذه مسألة واضحة لأن الشعراء اتفقوا على هذا النوع من الفكر، واتفاق الشعراء على خوض في هذا النوع من الفكر مسألة تحتاج الى شرح جماعي يتجاوز التجربة الفردية، والتجربة الفردية حديثة في أمور الفن بأكثر مما يتصور الناس، التجربة الفردية شأن فردي ولكنها غالبا ما تكون مبطنة بهمّ جماعي الذي فات الباحثين كثيراً هو هذا البعد الجماعي، البعد الجماعي لا يلغي التجربة الفردية والتجربة الفردية لا يمكن لها أن تعيش بمعزل عن بعد جماعي، البعد الجماعي ضرورة دراسية وضرورة اجتماعية ولابد من الحفاظ عليه والبحث عنه.

الأساليب الحديثة

- (البلاغة)، ألم يحن الوقت لدراستها بأسلوب عصري، وبشكل جديد، وذلك في الفنون الإبداعية والتصاوير الجمالية الحديثة بدلاً من الاستغراق شرحاً وتذييلاً في توضيح الأمثلة التقليدية (زيد كالأسد) وهذا مما أدى ببعض الباحثين الى التمرد عليها وتجاوز تلك المرحلة.. ومن ثمّ إعلان موتها.. والانشغال بعلوم أكثر حداثة ك(علم الأسلوب) و(المناهج النقدية الحديثة) مثلاً؟

* الزعم بأن نوعا ما من الدراسات يتعرض للموت، زعم طبيعي ولا يزعج، وكل شيء يموت ثم يحيا والعبرة دائماً هي اكتشاف ملاءمة أخرى بين موضوع الدراسة وحاجات الجيل العقلية، فمسألة موت البلاغة مسألة نسبية، فما تراه أنت ميتا قد يكتشف فيه آخرون حياة، و(البلاغة) ماتت ثم عادت إليها الحياة مراراً أكثر من مرة، والبلاغة الآن - بمعنى ما - لها سيادة قوية فلا ننزعج من أي حكم على البلاغة أو لصالح البلاغة.. البلاغة مسألة واسعة يمكن أن تتناول بطرق متعددة، البلاغة ليست محصورة في بعض الاتجاهات أو الاصطلاحات، كل ما يتصل بالشأن الفكري يمكن اعتباره بلاغة.

سوء الفهم

* هل هناك اضطراب في فهم وترجمة المصطلحات وعادة ما تتهم بعض القراءات النقدية بالرداءة وسوء الفهم.. ولم يسلم من هذا حتى كبار النقاد.. والساحة تتسع بالأمثلة؟

- اتهامات بعض القراءات أمر طبيعي، وما من قراءة تسلم من الاعتراض على القراءة، مسألة لا تخيف ولا يمكن تجنبها، وشرف القراءة لا ينفصل عن إمكان الاعتراض عليها، والربط بين ملاءمة القراءة والتغلب على أي اعتراض غالباً ما يكون أمراً وهمياً.

الأساطير

* رغم أن تراثنا في شقيه النثري والشعري حافل ب(الأساطير) إلا أنه تتهم عادة الذهنية العربية بجفافها وخلوها من هذا الفن، ومما يعزز هذا الاتهام أنه لم يأخذ نصيبه بعد من اهتمام الدارسين؟

- وصف النزعة العقلية بالجفاف نوع من التحيز ولا داعي له.. ومسألة الأساطير كأي مسألة أو اتجاه آخر لا تعني مطلقاً التقليل من شأن النزعة العقلية، ولا تعني أيضاً التوفر على نوع واحد من الفكر نردده باستمرار ف(الأساطير) لا تنفي التوجه العقلي، وربما كان التوجه العقلي أيضاً لا ينفي الاتجاه إلى الأساطير ولا خير في أن نحوّل كل شيء إلى نوع من الفكر نسميه الأساطير.

التأويل

* كتابك (قراءة ثانية لشعرنا القديم) أتى بقراءة جديدة ومغايرة للقصيدة الجاهلية، لم نألفها من قبل، وكنت شغوفاً ب(التأويل) في شرح كثير من قضاياه؟

- كل دراسة هي نوع من التفسير غير المسبوق، ولابد لنا أن نستمر في هذه المحاولات لأنه ما معنى أن ندرس شيئاً دون أن نقول فيه غير ما قيل، فلا حياء في التأويل والتأويل هو نوع من النشاط الذي يكتشف حاجات عقلية ويمارسها.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة