الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 1st July,2003 العدد : 40

الثلاثاء 1 ,جمادى الاولى 1424

صيد "البلاد"..!
مع كل صباح..
حيث إشراقة الصباح..
بزقزقة عصافيره..
ونسيمه العليل..
وحيث كأس من برتقال..
وشيء من إفطار الصباح..
على موعد معنا جميعاً..
***
مع كل صباح..
يتناول كل منا جريدته أو صحفه المفضلة..
بانتظار أن يجد فيها شيئاً يقرأه..
أوحدثاً يوقظه من آثار نوم طويل..
شابه أحلام وردية..
وربما كوابيس مزعجة..
***
مع كل صباح..
نبدأ يوماً جديداً من أعمارنا..
نضيفها إلى أيام مضت وانقضت منها..
وأخرى في الطريق..
نسبح من خلالها في فلك يدور..
وعمر لن يطول..
***
مع كل صباح..
نتذكر الأحباب..
الغائبين منهم والحاضرين..
من بقي منهم أحياء بيننا..
ومن غابوا ولن يكون بمقدورنا أن نراهم أبداً..
***
وفي صباح أمس..
مع إفطار الصباح..
تذكرت زميلاً غالياً..
أدمى القلم أصابع يديه..
وحفر الجهد الصحفي الخلاق أخاديد جميلة في عقله وفكره وثقافته..
إنه زميلنا صيد "البلاد" الأستاذ علي حسون..
رئيس التحرير المكلف في صحيفة البلاد..
***
تذكرت الرجل صباح أمس..
ربما لأن مناسبة مسائية "جداوية" جمعتنا من جديد..
وسط حزمة من الأضواء ومظاهر من الزينة الباذخة..
وعلى إيقاع أصوات ملونة وجميلة من الألعاب النارية والفلكلور الشعبي الجميل..
***
قلت للزميل: ألم يحن الوقت لتعيينك رئيساً لتحرير صحيفة البلاد..
صمت علي حسون وهز رأسه وتمتم بإجابة حزينة مقتضبة..
على خطى من قاسى مرارة عدم تقدير كفاءته المتألقة..
وخبراته الصحفية الأكثر تميزاً..
وتركني ليلتها أمام حالة كنت أرى أنها تحتاج منا لصاحبها ولو إلى قليل من الإنصاف..
***
ولحسن الحظ..
أننا كنا نشارك في حضور حفل يرعاه
سمو الأمير الشهم عبد المجيد بن عبد العزيز..
وليلتها قلت لسموه وأنا أودعه شاكراً ما سمعته منه:
أوصيك خيراً بزميلنا علي حسون..
وكان تعليق سموه ينمّ عن معرفة بمكانة الرجل الصحفية وتميزه..
وأن هاجس سموه وأكثر ما يحرص عليه هو أن يعطى للرجل حقه..
وأن تتوج نجاحات "البلاد" بتعيينه رئيساً لتحريرها..
***
علي حسون..
تتلمذ على يديه صحفيون كثر..
وأعداد من الكتاب..
وبرزت مواهبه في أكثر من صحيفة..
وهو بالمناسبة يقود صحيفة "البلاد" منذ سنتين إلى مستويات جيدة ومتطورة..
على أمل أن تعود "بلادنا" إلى مجدها الغابر..
إحياءً لتاريخ مشرف كاد أن يندثر..
***
شكراً لسمو الأمير عبدالمجيد على ما وعد به..
وبانتظار ما هو أجمل للبلاد وأهل البلاد..
خالد المالك
((الأخ الأكبر))يراقب خطوات الجحيم
جمهورية الرعب العراقية!!

* اعداد محمد الزواوي
مع مرور كل يوم تتكشف في العراق الكثير من الفظائع التي لم يتورع النظام البائد من اللجوء اليها بهدف حماية نظام حكمه القمعي، ومن بين تلك الفظاعات المقابر الجماعية لمئات الآلاف من العراقيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى بالاضافة الى ما كان يقوم به جهاز الاستخبارات العراقي من انتهاكات لحقوق المواطنين، فقد كان مجرد الشك في عدم ولاء شخص ما لنظام صدام يعتبر كافيا للتنكيل به وتعذيبه وحتى اعدامه بدون توجيه تهمة محددة اليه، ولعل رائعة الكاتب جورج اورويل رواية 1984 تكاد تنطبق تمام الانطباق على ما كان يحدث في العراق ابان حكم صدام و يشبه البعض جهاز المخابرات العراقي آنذاك بجهاز الجستاب وخلال نظام حكم النازي في المانيا. فكلاهما كان يضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه فكرة تحدي النظام.
الملف السياسي لهذا الاسبوع يتناول الدور السلبي الذي قام به جهاز المخابرات العراقي في ترويع الشعب وقمعه وذلك من خلال قصة احد العراقيين الذي وجهت اليه تهمة التجسس بسبب صداقة جمعته مع صحفي امريكي. كما يلقي الملف السياسي الضوء على الآلية التي كان يعمل بها جهاز المخابرات ويعرض نماذج لبعض الاشخاص الذين وجهت اليهم التهم زورا وبهتانا.
في البداية يقول الصحفي سكوت بيترسون في تقرير نشر بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور ان كابوس صديق له يدعى خالدا قد بدأ في صباح السادس من يونيو عام 1999. عندما اقتيد من أمام محطة للحافلات تبعد 400 متر عن منزله عندما كان متوجها إلى عمله حيث قام رجلان بدفعه بقوة داخل سيارة بويك سوداء. وأخبراه أنهما "أخواه" وهي إشارة تعني أنهما من عملاء المخابرات العراقية.
كانت جرائم الظلم والاضطهاد تبدأ بتلك الطريقة في العراق ولكن في تلك الحالة يتابع سكوت بيترسون كنت أعرف ذلك المعتقل بصورة شخصية. واسمه الحقيقي ليس خالد وقد كان أحد أهم مصادر المعلومات الحكومية لي عندما كنت أعد تقريرا حول انتشار اليورانيوم المنضب في العراق.
دولة بوليسية
ويضيف بيترسون قائلا: تجربة خالد المريعة تعطينا لمحة سريعة عن طرق صدام حسين الذي كان يهيمن على العراق طرق الخوف والرعب التي كانت تمارس يوميا في ظل حكمه، كما يكشف ذلك أيضا عن المخاطر التي يمكن أن يواجهها مراسلو الصحف الغربية والمحررون عندما يكتبون تقاريرهم من داخل دولة بوليسية مغلقة تتشكك في مواطنيها.
ويقول سكوت بيترسون : بدأت القصة في عام 1998 عندما كنت أعد مقالات عن آثار الذخيرة الملوثة باليورانيوم المنضب في العراق والتي استخدمتها الولايات المتحدة في أثناء حرب الخليج عام 1991. وقد سمحت لي السلطات العراقية بالوصول إلى أماكن لم يصل إليها أي صحفي أجنبي آخر قبل ذلك بما في ذلك ساحات حرب الخليج السابقة وكان معي أدوات وأجهزة تقيس الإشعاع وكان يصحبني في ذلك الوقت خالد الذي كان يعمل رئيسا لأحد مراكز الأبحاث الرسمية العراقية التي كانت تتعامل مع قضية اليورانيوم المنضب، وكان لخالد دور هام في تنظيم لقاءات لي مع مسؤولين عراقيين وضباط من الجيش وجنود وأطباء.
وقد رأت لجنة مكونة من أعلى المسؤولين العراقيين كان يرأسها طارق عزيز نائب رئيس الوزراء أن التغطية الصحفية لقضية اليورانيوم المنضب سوف تصب في مصلحة العراق لأنهم كانوا يعلمون أن اليورانيوم المنضب هو المسؤول الأول عن جميع المشاكل الصحية التي انتشرت في جنوب العراق في أعقاب حرب الخليج.
ولأن العمل كان ضخما ولأن عمليات الإعداد الصحفي والمسائل المتعلقة بعمليات تقصي الحقائق كانت تأخذ وقتا كبيرا فلم تنشر تحقيقاتي الصحفية إلا بعد14 شهرا من بدء العمل في تلك التقارير وقد أدت تلك الفجوة الزمنية الطويلة في إثارة العديد من الشكوك في بغداد وبدأ المسؤولون العراقيون يعتقدون أنني لم أكن صحفيا ولكن جاسوسا جاء ليعمل في العراق بالاشتراك مع خالد وطلب خالد مقابلتي بعد أربع سنوات من بدء محنته ليقص علي قصته وقد بدا وجهه أكثر شحوبا عندما قال: بعد خمسين عاما قضيتها في خدمة بلدي كانت تلك هي النتيجة إن الموالين لنظام صدام حسين لن يغيروا أبدا من طريقتهم في التفكير، إنهم يشكون في أمهاتهم وآبائهم.
في ذلك اليوم من شهر يناير قاد عملاء المخابرات خالدا إلى مركز التحقيق سيئ السمعة في مبنى المخابرات الذي يقع في القدامية وأجبروه على تغيير ملابسه.ويستبدلها بملابس السجن القذرة ويستطرد خالد: بعد ذلك جاء ثلاثة من أبطال التعذيب ضخام الجثة وبدأوا يسألونه: هل تعرف الصحفي الأمريكي سكوت بيترسون؟.
ويمضي خالد في قوله إن المحققين بدأوا بعد ذلك بإمطاره بتفاصيل متضاربة أدت إلى زيادة شكوكهم ولكن بالرغم من أنها أشياء بريئة في حقيقتها فقد كان من الصعب على خالد تفسيرها وقد أخبروا خالدا أنني خبير في الصواريخ الباليستية، وأنني قد دفعت أموالا لخالد نظير حصولي على معلومات، وقال لي خالد: لقد أصررت على أنه لا علاقة لك بالتجسس على الإطلاق.
وكانت أولى "الأدلة" التي معهم هي لقطات من شريط فيديو لمؤتمر حضرته عن اليورانيوم المنضب استمر لمدة يومين وعقد في بغداد في يوليو 1998 وكانت تشتمل على لقطة لي وأنا أهرول لكي ألحق بخالد. وأعطيته بسرعة ورقة مطوية وضعتها في يده.
وقد أوضح لي خالد أنني كنت أعيد له ورقة مزيفة من فئة المائة دولار كان قد تبرع بها صحفي فرنسي لمساعدة أطفال العراق لتنفق في النواحي الصحية وقد أعطاني خالد تلك الورقة المزيفة لاستخدمها عندما كنت أغطي موضوعا عن النقود المزيفة التي كانت تطبع في لبنان.
وقال المحققون لخالد: حسنا نحن نصدقك ولكن ماذا بشأن تلك الوثائق التي وجدناها في غرفته؟.
أما الوثائق فكانت نسخا إضافية من التقارير التي لم أعد أحتاجها في شيء لذا قمت بتمزيقها قبل أن ألقي بها في سلة المهملات في غرفة الفندق أما بالنسبة للمخابرات العراقية فقد كان ذلك دليلا على التجسس وقد قام عملاء المخابرات بإعادة لصقها ثانية ليتمكنوا من قراءتها.
وقد وضعت القيود في يدي خالد واقتيد إلى الزنزانة 63. والتي كانت فيها مخلفات آدمية على الأرض ونام في الصقيع بدون أية أغطية.
وفي اليوم التالي تلقفه سبعة محققين وأضاف خالد: لقد وضعوا شريط فيديو ورأيت نفسي في الشريط ومعي حقيبة صغيرة وقد وضعت أنت يدك اليمنى على كتفي، وتلك الحركة مألوفة بين الناس في الشرق الأوسط ولكن المحققين وجدوا أن ذلك شيء مريب أن يضع رجل أجنبي يده على كتف عراقي، وسألني المحققون إذا ما كنت دفعت أية أموال للضباط العراقيين الذين صاحبونا إلى مدينة البصرة في جنوب العراق وإلى ساحات الحرب التي دارت فيها حرب الخليج.
غرفة العمليات
وفي أثناء استجواب خالد وإنكاره لتلك التهم قام أحد المحققين والذي يتذكره خالد جيداً ووصفه بأن له وجها قبيحا بمطالبة رئيسه مرتين بأن يصرح له بأن يأخذه إلى غرفة العمليات وهو المكان الذي فهمه خالد على أنه غرفة التعذيب.
وقد سأله محقق آخر: لماذا لا تعترف بأن السيد بيترسون حاول بأن يجندك للعمل معه وتقول إنك رفضت لأنك تحب وطنك وقائدك صدام حسين؟، ولكن خالد قال له إن الأمر ليس كذلك.
وقام عملاء المخابرات بفحص حساباته البنكية ووجدوا أنه لم يكن له رصيد وتقصوا عن آخر سيارة اشتراها خالد. ووجدوا أنه اشتراها من مصادر شرعية وأضاف خالد: لقد كانت لديهم معلومات عن كل شيء.
ولكن ما لم يكن لديهم معلومات عنه هو الصحفي الذي كانوا يلاحقونه فطلبوا من خالد أن يساعدهم في أن يستدرجني إلى الرجوع إلى العراق من المكتب الرئيسي الذي كنت أعمل فيه في الأردن وأن يقول لي بأنه يرحب بي للعودة إلى العراق، وعندها قال خالد إن ذلك الطلب قد أثار الشكوك في نفسه. وذكره بقصة صحفي من أصل إيراني كان يعمل مراسلا لصحيفة الأوبزرفر البريطانية. واتهم بالجاسوسية وأعدم بعدما ألقي القبض عليه عام 1989 متنكرا في هيئة طبيب. واتهموه بأنه جاء لكي يتجسس من قرب على تصميمات المنشآت النووية العراقية.
وبالرغم من أنني لم أكن أعلم شيئا عن المشاكل التي كان يمر بها خالد. فقد أيقنت أن هناك شيئا خطأ عندما وجدت اسمي بعد ذلك بعدة أشهر على القائمة السوداء للصحفيين الممنوعين من دخول العراق.
إطلاق سراحه
وقاموا بالتحقيق مع خالد بصورة مكثفة لمدة ثلاثة أيام وسألوه عن مساعداته لجريدة "كريستيان ساينس مونيتور"، ثم أطلق سراحه بعد أن وقع على خطاب بأنه يتعهد بالعمل والتعاون مع المخابرات، وكان يتم استدعاؤه مرة كل أسبوعين أوثلاثة أسابيع لعدة أشهر بعد ذلك لكي يقوم ب "الدردشة" مع ضباط المخابرات المحليين.
وقد أغلق ملفه في إبريل عام 1999 بعدما نشرت تقارير اليورانيوم المنضب في الجريدة وقد وصلت النسخ أخيرا إلى العراق بعد ذلك بشهرين كما قال لي خالد، وكانت بمثابة الدليل على أن صديقه الأمريكي سكوت بيترسون كان بالفعل صحفيا ولم يكن جاسوسا.
ولكن أثر تلك المحنة لم يفارق خالدا الذي لا يزال حتى ذلك اليوم بشعر بالازدراء للصورة التي قبض عليه بها والإهانات التي تلقاها على يد سفاحي نظام صدام حسين. وقد أعطاه رئيس المخابرات قلمين هدية، وكانت تلك علامة بأن قضيته قد أغلقت ويضيف خالد: ولكنهم لا يزالون موجودين حتى اليوم أنا أكره حتى مجرد لمسهم.
المخابرات العراقية
وحول الدور الوحشي الذي لعبته المخابرات العراقية خلال حكم الرئيس المخلوع صدام حسين يقول الصحفي وارين ريتشي من صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" في تقرير له من العاصمة العراقية بغداد إن صفحات عديدة من التاريخ العراقي تحت حكم صدام حسين سطرت داخل الزنازين وعلى حوائطها وقد كتب فصل من أظلم فصول التاريخ العراقي بداخل أقبية المخابرات العراقية، وهو أخشى ما يخشاه المواطنون العراقيون، أما بالنسبة للمعتقلين في الداخل فقد كان ذلك المكان يمثل نهاية الدنيا. وبالرغم من خلو الزنازين من المساجين الآن إلا إنها لا تزال تجأر وتصرخ مستغيثة بما تغص به من حكايات إلى الأحياء. وقد كتب على أحد الجدران ما يلي: "أيها السيد المحترم الذي يقرأ ذلك الكلام الآن نحن لم نذنب ولم نقم بأي جريمة على الإطلاق وكل اتهاماتنا مجرد تلفيق وتزوير، ولكننا سنخرج من ذلك المكان بمشيئة الله".
الجستابو العراقي!!
ويقودنا المقدم جيم جالاهار من القوات الجوية الأمريكية إلى داخل أقبية المخابرات، ويقول لنا: لقد كان ذلك بمثابة مقر الجستابو العراقي على غرار الجستابو النازي إبان هتلر، وكان يصحبنا صحفي ومترجم عراقي داخل متاهات ما كان يعرف في السابق على أنه أحد أهم معاقل صدام حسين الذي كان يحكم به قبضته على السلطة، مبنى المخابرات الذي دمره القصف الجوي الأمريكي ونهبه اللصوص، والمقدم جالاهار يعمل مع الفوج الثاني الأمريكي ضمن القوات المحمولة التي تقوم بدوريات في شرق بغداد، والتفت إلينا المترجم قائلا: لدينا في العراق مقولة أن من يؤخذ الى داخل مبنى المخابرات هذا فهو ميت لا محالة، أما إذا ما استطاع الخروج منه فذلك بمثابة من يستطيع الهروب من بين فكي الأسد، وقد كان ذلك المترجم يعمل سابقا ضابطا في الجيش العراقي، لذا طلب عدم ذكر اسمه خشية أن يواجه تهديدات من المسؤولين السابقين، فقط لأنه تجرأ وجاء إلى ذلك المكان.
وفي إحدى الزنزانات كان ما تبقى على الحوائط هو ما كتبه أحد المساجين الذي كان معتقلا في القسم الأمني بمجمع الاعتقالات، وهو عبارة: "أنقذني يا الله!"، وبالرغم من أن معظم الزنزانات قد نظفها اللصوص عن آخرها فقد تبقت هناك بعض محافظ النقود وشهادات الميلاد وبطاقات الهوية على أرضية أحد المكاتب بالقرب من مدخل السجن. وبعضهم قد قام بالتوقيع على الحوائط فقد كانت هناك أسماء "فارس إبراهيم"، "وليد سيد علي الكربلائي"، "حيدر جوادي"، وقال المترجم: لقد أيقنوا بأنهم لن يخرجوا للنور إلى الأبد لذا تركوا أسماءهم. فما كانوا يأملونه هو أن يقوم أحد بقراءة أسمائهم في المستقبل كما تفعل أنت الآن.
قائمة مسروقة
لم يكن الشغل الشاغل لجميع اللصوص الذين دخلوا مبنى المخابرات هو الحصول فقط على الأثاث أو ما خف حمله وغلا ثمنه ولكن بعضهم كان مهتما بالحصول على قائمة بالأعضاء المشتبه في انضمامهم إلى الجماعات الإسلامية الذين أعدموا داخل السجون وتلك القائمة معلقة الآن على أحد الحوائط خارج منزل اجتماعات في منطقة الثورة وهي منطقة ذات أغلبية شيعية داخل المدينة.
ولكن أحد المعتقلين استخدم أسلوبا ساخرا في وصفه للمكان الذي اعتقل فيه، فقد وصفه المعتقل إبراهيم متعب العمري بأنه "فندق السعادة"! أما بالنسبة للمعتقلين فلم يكن هناك شيء على الإطلاق يبعث على السعادة فيما كان يدور في ذلك المجمع الواسع الذي بني بخرسانة عصرية محاطا بأسوار عالية.
فعلى النقيض من الحياة البائسة التي كان يعيشها المعتقلون. كانت حياة مسؤولي المخابرات ترفل في النعيم والراحة والفخامة مقارنة بالمقاييس العراقية، فقد كانت هناك بنايات فخمة عالية مخصصة لسكناهم. إضافة إلى ملاعب للتنس وحمام سباحة ومسرح لعرض الأفلام.
أما وظيفتهم فقد كانت التعرف على أي شخص يمكن أن يمثل أدنى تهديد أو تحد لنظام صدام حسين، ومن ثم تحييده واعتقاله، وقد كان ذلك يعني ضمنيا أن كل العراقيين يعيشون في ظل نوع معين من المراقبة والتجسس على حياتهم.
أما ما كان يدل على ذلك النظام الأمني المكثف، فقد كان هناك الكثير من الملفات الملقاة في الطابق الثاني من المبنى الذي يقع بالقرب من مركز مجمع المخابرات، فقد قام اللصوص بسرقة محتويات الخزائن والأدراج ولكنهم تركوا أهم محتويات المبنى، وهي آلاف مؤلفة من الملفات والدوسيهات التي كانت تمثِّل عمل وكالة المخابرات العراقية، والتي كانت تستغل أي شبهة لكي تقوم بعمل تحرياتها، وقد كان من ضمن الوثائق قائمة بكل أسماء المخبرين العراقيين الذين كانوا يعملون لصالح النظام داخل مجال الصناعات العسكرية العراقية.
ويمكن أن تساهم تلك الوثائق التي تتعلق بأسماء هؤلاء المخبرين ومرتباتهم وملفات التحقيقات التي قاموا بها في التعرف على هويتهم، ومن ثم استئصالهم ومحاكمتهم مع مسؤولي النظام السابقين ومعاونيهم، كما أن تلك الوثائق تعد دليلا واضحا على أن صدام لم يكن يدع شيئا للصدفة في سعيه لحماية نظامه.
مقتطفات من الملفات
كان هناك ملف لحنان حسان عبيد محمد، أما جريمتها الوحيدة فقد كانت أنها أرادت الزواج!. وقد كان ملفها ملقى على الأرض بين ملفات كثيرة مشابهة، ويفيد ملفها بأن القسم الأمني في الدور أرسل خطاب استعلام إلى المخابرات في بغداد في24 فبراير 2000 ليسأل إذا ما كان لديهم أية معلومات مهمة عنها، ومن ضمن الإجراءات التي اتخذتها المخابرات وأظهرتها الوثائق هو التحقيق مع كل أفراد عائلتها المكونة من 13 فردا، فقد أجريت تحقيقات مع أبيها وأمها وأخيها وأخواتها لكي يتأكدوا أنهم لم يكن لهم أي دور في النشاطات المعادية لصدام حسين، ويقول جالاهار: تلك هي الآلية التي تعمل بها الدولة البوليسية.
أما سليمة عباس نصر نافع فقد كانت ربة منزل من البصرة ويعود ملفها إلى 8 مارس 1997. وقد أظهر ملفها أنها لم تفعل أي شيء خطأ فيما يبدو ولكن أراد عملاء المخابرات أن يستجوبوها عن احتمال تورطها في بعض النشاطات المعادية لصدام حسين، لأن أحد أبناء عمومتها كان يعتقد أنه من الناشطين في إحدى الجماعات المسلحة، أما المعلومات الشخصية التي كانت متوفرة عن السيدة سليمة في ملفها فقد أشارت إلى أنها كانت "ذات سلوك جيد".
وفي حجرة أخرى كانت هناك حزم كثيرة من الملفات تتعلق بالأعضاء المشتبه في انتمائهم إلى حزب الدعوة الإسلامي الشيعي، والتي اعتبرها نظام صدام حسين جماعة غير شرعية، ومجرد الانتماء إلى عضويتها يمكن أن يؤدي إلى غرفة الإعدام.
أما ملف هاشم عباس فيظهر أنه قد خدم في الجيش في منطقة بجوار الحلة، وليس عضوا في حزب البعث، ولم يكمل سوى دراسته الابتدائية، ويقول الملف أيضا إنه عضو بحزب الدعوة.
ويقول التقرير إن سمعة السيد عباس وسمعة عائلته جيدة وإن درجة استقراره جيدة أيضا، ولكن يشير الملف إلى أن بعضا من أقربائه تم إعدامهم كما أن ابن عمته تدور حوله شكوك بأنه ينتمي إلى حزب الدعوة، ولكن تم إطلاق سراحه لعدم كفاية الأدلة، ولكن ذلك لم يمنع عملاء المخابرات بالطبع من إطلاق حملة تحقيقات تدور حول عباس.

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
فن الادراة
الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
المستكشف
داخل الحدود
الصحة والتغذية
الملف السياسي
فضائيات
وجهة نظر
حوار
الفتاوى
برلمانيات
معالم عالمية
جولة
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved