Al Jazirah Magazine Saturday  02/10/2007 G Issue 238
رمضانيات
السبت 20 ,رمضان 1428   العدد  238
 

فرحة العيد قلوب موحدة وعادات مختلفة

 

 

يأتي عيد الفطر المبارك، ليمثل فرحة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وقد تختلف الاشكال والالوان وقد تتباين اللغات والالسنة ولكن تبقى القلوب موحدة في شتى انحاء العالم الإسلامي تجمعها شريعة الله ودينه الحنيف دين الإسلام حيث ينعكس هذا التوحد على العديد من مظاهر الحياة ومن بينها طرق الاحتفال بتلك المناسبة العطرة التي نحياها هذه الايام ألا وهي (عيد الفطر المبارك) اعاده الله على الامة الإسلامية جمعاء بالخير واليمن والبركات.

واهم ما يميز هذه الاحتفالات تنوع المفردات التي تخص مختلف الشعوب. ويلاحظ الجميع تطابق عادات الاحتفال في كل من الدول العربية والدول الإسلامية مع وجود بعض الاختلافات البسيطة الناجمة عن التباينات الثقافية واختلاف الواقع والمحيط العام لتلك الشعوب.

مظاهر العيد في الكويت

اختلفت مظاهر الاحتفال بالعيد في الكويت في ايامنا الحالية عنها في الزمن الغابر، حيث كان الاحتفال بالعيد سواء عيد الاضحى أو عيد الفطر ـ يمتد على مدار سبعة ايام كاملة اما الآن فقد اختلف الامر مع المد الحضري الذي قضى على كثير من العادات القديمة في ظل التطور السريع الذي لحق بحياة البشرية بشكل عام. وكان الجميع يحتفل بالعيد رجالا ونساء واطفالا, فعقب الصلاة يجتمع الرجال في المقهى أو (الصفا) لتبادل التهنئة وتمضية أوقات طيبة مع تناول القهوة والتدخين والشيشة ولكن القهوة لا تسبق (الواجب) فبعد الانتهاء من صلاة العيد يتوجه الجميع أولا إلى الاجتماع في البيت الكبير لتلاقي افراد العائلة ليتبادلوا التهنئة بالعيد وقد تمضى العائلة مجتمعه في هذا البيت نحو نصف النهار وقد يمتد بهم الأمر إلى عصر اليوم الاول من العيد. وفيما مضى اعتاد الرجال التجمع في الديوان لتناول غذاء العيد المكون من اللحم والحشور والخبز توضع على صواني كبيرة ليجتمع حولها ستة أو سبعة من الرجال. اما الحلوى الكويتية الخاصة بالعيد فهي (شعر البنات) وهي حلوى خاصة تصنع على شكل الشعر الطويل ومازالت هذه الحلوى تقدم في العيد كما كان يقدم معها في العيد الهريس وهو نوع آخر من انواع حلوى العيد. والعيدية ايضا جزء هام من فعاليات العيد يحرص الجد الكويتي والاب كذلك على منحها للابناء والاحفاد كل على قدر سعته وامكاناته المادية. كما ان العيد الكويتي في ماضي كان له مذاقه الخاص يدفع الناس إلى ان يتمنوا ألا ينتهى العيد ابدا.

زفة العيد عند أهل السودان

امتاز السودانيون في احتفالاتهم بالعيد بفعالية خاصة يحرصون عليها في يوم وقفة عرفات وهي (زفة العيد) حيث تخرج هذه الزفة إلى الميادين الكبرى والشوارع الرئيسية بالمدن وفي مقدمتها كبار مسؤولي هذه المناطق تصحبهم الموسيقى الشعبية الأصيلة, وعشرات بل مئات الأطفال من أبناء الحي لتطوف هذه الزفة جنبات المنطقة (لتزف) إلى أهلها مقدم العيد. كما يشارك في هذه المسيرات الاحتفالية عدد من أبناء القبائل المختلفة في السودان بتقديم فنونها التراثية المميزة ابتهاجا بحلول العيد إلا ان هذه العادة الفلكلورية شديدة الخصوصية قد بدأت في التواري خلف حوائط المد الحضري الحديث شأنها في ذلك شأن العديد من تقاليد الشعوب التي أخذت في الانقراض نتيجة للتغيير الكبير أوجه الحياة العامة للشعوب والذي ادى إلى تحول بعض العادات الفلكلورية إلى موروث ثقافي نادر التكرار لكن الشعب السوداني لازال يحفظ بعض تقاليده الموروثة حتى ولو على أضيق نطاق ممكن.

العيد هو الطفل

وفي السودان شأن الحال في معظم أنحاء العالم العربي ان لم يكن شأن العالم أجمع عربيا كان أو اعجميا فيرى السودانيون ان الفرحة الحقيقية للعيد مكانها هو عيون الأطفال. فأول مراسم الإعداد لاستقبال العيد في السودان يكون بشراء وتجهيز الملابس الجديدة للأطفال أساس فرحة العيد وبهجته, كما ان وقائع احتفالية العيد تبدأ قبل عدة أيام بإنهماك ربات البيوت وبناتهن في تنظيف المنزل وإعداد المفروشات في أسلوب يغلب عليه الطابع الاحتفالي لأنه نشاط روتيني قد يكون هو النشاط اليومي لكل الأسر إلا ان ذلك النشاط يكون له عبق آخر وكأنه الاستعداد من قبل كل أسرة بجعل المنزل في أبهى صورة ليرتدي حلته الجديدة لاستقبال هذا الزائر العزيز الذي لا يتردد على المنزل إلا مرة واحدة في العام هو وعيد الأضحى المبارك. ويمثل ان اعداد المنزل وترتيب جنباته احد مصادر بهجة العيد حيث يحرص الاطفال ايضا على معاونة امهاتهم واخواتهم في هذه العملية في جو عام من المرح والسعادة الذي يخيم على الاسرة في ذلك اليوم الكريم الذي تسهر فيه الاسر السودانية حتى الصباح في عمل دؤوب ومستمر لإخراج المنزل في أبهى مظاهره, وبعد انتهاء العمل واكتمال الترتيب والتنظيم تقوم ربة الاسرة بإطلاق البخور في اركان المنزل مستخدمة نوعا خاصا من البخور يدعى (التيمان) وهو عبارة عن خليط من اللبان والعود وبعض الاعشاب الاخرى في تقليد تراثي بديع توارثته الاجيال الواحد تلو الآخر حيث تمثل تلك العادة جزءا من الثقافة السودانية القديمة.

الصلاة في الساحات

وفي الصباح المبكر يخرج السودانيون كما يخرج بقية المسلمين في أرجاء البسيطة لاداء صلاة العيد في ملابسهم البيضاء المميزة في تجمع ديني وروحاني بديع. ويحرصون على حفظ سنن الأولين وعادات المسلمين الأوائل من تأدية صلاة العيد في الخلاء وفي الساحات المكشوفة في كل من المدن والقرى على حد سواء فلا يختلف الأمر في الحضر عنه في المناطق الريفية بهذا الصدد. وعقب الفراغ من أداء صلاة العيد ينطلق الرجال والأطفال إلى منطقة سكنهم حيث يقومون بالمرور على بيوت الحي لتقديم واجب تهنئة العيد في عجالة لأهل هذه البيوت من الأقارب والجيران وهم في طريقهم إلى منازلهم. ولدى السودانيين عادة تدلل على مدى الحب والتمسك بعرى الصداقة والمودة مع الجيران والأقارب فلا يلقى الرجل تحية العيد على أهل بيته من زوجة وابناء في صباح أول أيام العيد وقبل خروجه من الصلاة ولكن تحيتهم تأتي بعد ان يعود الرجل إلى منزله من الصلاة حيث يكون قدم التحية والتهنئة أولا لأبناء الحي والجيران تلك العادة التي توضح مدى أصالة وعراقة التقاليد السودانية الضاربة بالجذور.

(ياليلة العيد آنستينا)

وفي مصر يأخذ العيد طابعا خاصا من البهجة والسرور في منظومة من الاعداد للعيد واستقباله قد لا تختلف كثيرا عن بقية انحاء العالم الإسلامي إلا انه يبقى لكل ركن من اركان هذا العالم ميزته الخاصة وطابعه المميز من خلال عدد من المفردات التراثية. يبدأ الاستعداد للعيد في مصر بشراء الملابس الجديدة للاطفال وحتى الشباب حيث تزدحم الشوارع في المدن والقرى طوال اسبوع كامل قبل العيد بالاسر التي تجوب المحال لشراء مستلزمات العيد من ملابس واحذية وايضا ربما المفروشات الجديدة ايضا. فالعيد في مصر يرتبط دائما بالجديد وتزدان المحال ابتهاجا بقدوم العيد. ومن الطريف في مصر ان ليلة العيد سواء كان عيد الاضحى أو عيد الفطر المباركين قد ارتبطت في اذهان المصريين بأغنية شهيرة لكوكب الشرق (أم كلثوم) اسمها (ياليلة العيد انستينا) ويعد انطلاق هذه الاغنية عبر الاثير اشارة على مقدم العيد. ويشتهر المصريون بـ(الرقاق) الذي يعد خصيصا للعيد وهو عبارة عن رقائق خفيفة صنعت من الدقيق المخلوط بالماء وتستخدم في صنع الصواني الشهيرة بالعيد حيث توضع بعضها فوق بعض يتخللها طبقات من اللحم المفروم ثم يوضع فوقها قدر بسيط من حساء اللحم ثم يزج بها في الفرن حتى تنضج. وقد جرت العادة ان يتم اعداد هذا (الرقاق) في الافران البلدية التقليدية حيث تنتشر صانعات الرقاق الريفيات قبيل العيد بفترة غير قصيرة ويجمعن الدقيق من المنازل ثم يقمن بعمل الرقاق وتوصيله إلى المنزل ولكن مع تطور الحياة بدأت المصانع في انتاج الرقاق الجاهز, لكن يبقى للرقاق التقليدي مذاقه ونكهته الخاصة التي قد تكون نابعة من كونيته الثقافية التراثية وارتباط هذا الشكل القديم بتقاليد وعادات توارثتها الاجيال منذ القدم.

الجد والعيدية والأفراح

الجد يرمز دائما لكل معاني الحكمة والوقار وهو حلقة الوصل بين الماضي والحاضر وله دائما مقامه الذي يحترمه الكبير قبل الصغير في العائلة فهو النقطة التي يلتقى عندها جميع افراد العائلة التي خرجت من نسله, وفي مصر تجتمع العائلة في منزل الجد عادة بدءا من التضحية حيث يقضي الجميع معظم اليوم فيما سمى (بالبيت الكبير) وهو بيت الجد أو الوالد والعيدية جزء لا يتجزأ من العيد حيث يعطى الكبير الصغير ويمنح الجد العيدية لجميع افراد العائلة كبيرا وصغيرا ثم تتوالى الادوار بمنح الكبار جميع صغار العائلة العيدية والمستفيد الاكبر بالطبع هو اصغر افراد العائلة سنا. ويكون العيد في مصر ايضا مناسبة خاصة يحرص فيها المصريون على نسيان همومهم وزيادة فرحتهم فتقام فيه الافراح وحفلات الزواج ليبتهج الجميع بفرحة العرس ممزوجة بفرحة العيد. كما تزدان شوارع مصر بالاضواء والزينات ويزدحم شاطىء نهر النيل عن آخره بالجماهير الغفيرة التي خرجت ابتهاجا بالعيد لتمضية اوقات جميلة في حضن النيل الخالد وربما كان ذلك انطلاقا من عادة اختزنها المصريون في عقلهم الباطن من ارتباط النيل بمعنى الحياة والسعادة فكما قال هيرودوت (فإن مصر هبة النيل).

وتجد الازدحام على اشده قبل العيد في جميع المخابز لأنها تستعد لعمل كعك العيد والذي هو سمة من سمات العيد في مصر، وتتفنن النساء في عمله مع الفطائر الأخرى والمعجنات والحلويات التي تقدم للضيوف. أما بيوت الله فتنطلق منها التكبيرات والتواشيح الدينية، حيث يؤدي الناس صلاة العيد في الساحات الكبرى والمساجد العريقة في القاهرة، وعقب صلاة العيد يتم تبادل التهاني بقدوم العيد المبارك، وتبدأ الزيارات ما بين الأهل والأقارب وتكون فرحة الأطفال كبيرة وهم يتسلمون العيدية من الكبار، فينطلقون بملابسهم الجميلة فرحين لركوب المراجيح ودواليب الهواء، والعربات التي تسير في شوارع المدن وهم يطلقون زغاريدهم وأغانيهم المحببة فرحين بهذه الأيام الجميلة.

الارتباط بالجذور

وفي اليمن يأتي العيد كأحدى المناسبات التي يبرز فيها مدى الترابط والتواصل داخل الاسرة والمجتمع اليمني المتمسك بأصالته وعاداته المستمدة من الدين الإسلامي. ويحرص اليمنيون على العودة إلى جذورهم في العيد فالمسافر خارج الدولة يعود اليها ومن يقطنون المدن من ابناء الريف يعودون إلى قراهم لتمضية عطلة العيد وذلك بسبب الترابط الاسري القوي الذي شكل عامل الدفاع والمحرك الاول للعادات اليمنية التي تبرز واضحة خاصة في فترة الاعياد فعندما يلقى الطفل جدة في العيد فإنه يقبل جبهته وركبته في اشارة على تواصل الاجيال واحترام الصغير الكبير اللانهائي. ولا تختلف عادات الاحتفال بالعيد في اليمن عن بقية الامثلة التي عرضنا لها إلا ان اليمنيين يحرصون على ابراز الجانب الاجتماعي في مراسم الاحتفال بالعيد فيعودون المرضى ويتبادلون الزيارات للتهنئة بحلول العيد في اعقاب الصلاة حيث يبدأون بزيارة اكبر افراد العائلة سنا انتهاء بأصغرهم كما تكثر في فترة العيد حفلات الزفاف والافراح. وقد يكون الطعام اليمني هو ما يميز اليمن في احتفالات العيد ففي الافطار يختلف اليمنيون في عادة تناول اللحم حيث يتناولون الكعك وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بالعيد سواء عيد الفطر ام عيد الاضحى. اما وجبة الغداء اليمنية في العيد فتشتمل على (الزربيان) وهو طبق من اللحم والارز وقد يضاف اليه الزبيب والبطاطا وايضا هناك (السبايا) وهي خليط من الدقيق والبيض والسمن يطهى في الفرن ويضاف اليها العسل اليمني الشهير الذي يعد من اشهر انواع العسل في العالم إلى جانب (السلتة) التي تطهى من الحلبة والكراث مع قليل من الارز وخليط التوابل المذابة في الخل والماء وتقدم مع خبز خاص يسمى بـ (الملوج) وهي كلها من الاكلات التي ارتبطت بالعيد. اما امسيات العيد في اليمن فتبدأ مبكرة حين يحرص اليمنيون على انهاء زياراتهم وجولات التهنئة في وقت مبكر للعودة إلى بيوتهم للالتفاف حول شاشة التلفزيون والاستمتاع بدفء المنزل في اجتماع شمل الاسرة لمشاهدة البرامج المميزة التي يبثها التلفزيون اثناء العيد من برامج تقدم الموروث الشعبي اليمني وحفلات ساهرة واعمال درامية عربية شهيرة سواء المسلسلات أو الافلام أو المسرحيات مع الاستمتاع بتناول الشاي اليمني وفواكه العيد.

نشاط في الأسواق

وفي تطبيق لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف يحرص جميع المسلمين على تحقيق صلة الرحم والتقارب والتواصل الاجتماعي خاصة في العيد حتى لا يشعر الفقير والمحروم انه قد سلب حقه في الفرحة بالعيد. وفي سوريا يظهر ذلك جليا وواضحا في حرص الاغنياء على العناية بالفقير تأخذ عادات وتقاليد السوريين في الاحتفال بالعيد طابعا اجتماعيا جميلا فقبل العيد يذهب اغنياء الحي ووجهاؤه إلى (مختار الحي) أو رئيس الحي لسؤاله عن حالة سكان حيه وعن الفقراء والمحتاجين منهم حيث يقدم كل منهم ما يستطيع تقديمه مما يملكه, فمثلا صاحب مصنع الملابس يقدم الملابس الجديدة لمختار الحي لتوزيعها على الفقراء وصاحب مصنع الاحذية يمنح الاحذية وهكذا ومن لا يملك ما يستطيع المساهمة به من ملبس وخلافه فإنه يقدم مبالغ مالية يتولى (مختار الحي) توزيعها على الفقراء قبل العيد. وتشهد الاسواق في سوريا حركة ونشاطا غير عاديين من البيع والشراء قبيل العيد لاقبال الاسر على شراء الملابس الجديدة لابنائهم وتبقى المحال مفتوحة على مدار 24 ساعة بلا توقف لمدة اسبوع كامل قبل العيد وتزدحم اسواق دمشق التقليدية واشهرها سوق (الحميدية) وسوق (النسوان) وسوق (الصوف). أما أشهر الأكلات السورية في العيد فهي (التسقية) (فتة بالسمن أو الزيت) و(الشاكرية) وهي عبارة عن لحم على هيئة مكعبات صغيرة يطهى مع اللبن والنشا ويقدم مع الأرز الأبيض أو البرغل. أما في الافطار فيحرص السوريون على تناول الفول (والمسبحة) (حمصمة مطحون مضاف للطحينة) كباقي ايام العطلات التي يداوم فيها السوريون على تناول هذه الوجبة في الافطار بها. اما المشروب الذي يقدم للضيوف لتحيتهم في العيد فهو دائما القهوة العربية والتي يطلق عليها (القهوة المرة). وفي امسيات العيد يتناول السوريون (الهيلاطية) والمعمول (بالفستق) إضافة إلى التمور بأنواعها. وفي صبيحة يوم العيد الأول يتوجه الجميع لزيارة الاقارب لتقديم التهنئة بينما يخرج الأطفال إلى الشوارع والمتنزهات مثل حدائق الطلائع وحديقة (البرامكة) و(الأرض السعيدة) للاحتفال بالعيد. أما فترة بعد الظهر وحتى المساء فيقضيها الجميع في الراحة في المنزل ويكتفون بمشاهدة التلفزيون وتجاذب أطراف الحديث في جو من الهدوء والسكينة مع الاستعداد الدائم لتلقى من قد يفد من الضيوف للتهنئة. أما اليوم الثاني فتزور فيه الأسر بناتها المتزوجات في بيوتهن حيث ان العيد في سوريا لا يكتمل إلا باكتمال حلقات التواصل وتأكيد صلة الرحم بين أبناء الشعب السوري.

الشرق الأقصى

ولا تتواجد فوارق بين الاحتفال بالعيد عند المسلمين من العرب وأقرانهم في الدول الأخرى ففي تايلاند احدى دول الشرق الاقصى يوجد نحو اربعة ملايين مسلم يشكلون حوالي 7% من اجمالي سكان المملكة ومن عادات الاحتفال بالعيد هناك تتعاون الاسرة في تنظيف المنزل وترتيبه وتزيينه كما يستعد الاطفال بتجيهز ملابسهم الجديدة لارتدائها في يوم العيد. كما يسهر الجميع حتى الصباح لاعداد الحلوى التي سيقدمونها للضيوف وايضا لمن سيزورونهم من الاصدقاء والأقارب لتهنئتهم بالعيد. ومن اشهر انواع هذه الحلوى (التوم) وهي مصنوعة من الأرز المحلي المخلوط بجوز الهند والملفوفة في ورق الموز وتأكل بعد غمسها في السكر وهي حلوى ارتبط اسمها بالعيد في تايلاند كأحد انواع التحية الرئيسية في العيد. ويحرص الجميع على التواجد سويا حتى من يعمل خارج البلاد لابد وان يعود للاحتفال مع اسرته واقاربه. وفي يوم العيد يغتسل الجميع ويتطيب بالعطر قبل الخروج إلى الصلاة في الملابس الوطنية الجديدة ويرتدي الرجال (السارونج والملاية) وهي الزي الشعبي التقليدي للمسلمين في تايلاند وعقب الصلاة يتصافح الجميع ثم يذهبون إلى القبور لزيارة الموتى وقراءة القرآن على ارواحهم, بعد ذلك يخرج التايلانديون المسلمون للحدائق والمتنزهات والشواطىء لقضاء اوقات سعيدة من المرح واللهو. ومن اشهر الأكلات التايلاندية اكلة (كانج ماسامات) هي اكثرها شيوعا في العيد وهي تتكون من اللحم المخلوط بالبهار وجوز الهند وتقدم مع الخبز أو الفطير.

كيف يحتفل الباكستانيون

لا تختلف عادات وتقاليد الشعب الباكستاني المسلم في الاحتفال بعيد الفطر كثيرا عن بقية الشعوب الإسلامية، حيث يلتزم الباكستانيون بشرائع الدين الحنيف فيما. وقد اعتاد الباكستانيون تجهيز الاطفال بملابسهم الجديدة لارتدائها في العيد وتزين النسائي ايديهن بنقوش الحناء في مظهر آخر من مظاهر الاحتفال. ويتناول الباكستانيون التمر في افطار اول ايام العيد بينما يكون الطبق الرئيسي في وجبة الغداء ويتبادل الباكستانيون الحلوى في العيد خاصة في بعض المناطق التراثية القديمة مثل منطقة (البولتان) ويقتصر تبادل الحلوى على عيد الفطر, وتبقى الميزة السائدة من التواصل الاجتماعي والاسري هي الاقوى ايضا في باكستان ليشترك المسلمون في احتفالية واحدة عبر ارجاء البسيطة يجمعهم خيط واحد هو خيط الايمان المقدس واتباع تعاليم الله ورسوله بنشر السلام والمودة بين الناس

على الرغم من تشابه عادات المسلمين في البلدان العربية والإسلامية خلال عيد الفطر المبارك، إلا أن لدى بعض الشعوب والدول عادات تختص بها دون غيرها.

وإن كانت صلاة العيد وزيارات الأقارب وصلة الرحم واحدة في الدول الإسلامية، لأنها صادرة من التشريعات الدينية، إلا أن لكل دولة طريقة مختلفة - بعض الشيء - في ممارسة هذه العادات والتقاليد.

العيد في السعودية

ففي السعودية مثلاً تبدأ مظاهر العيد قبل العيد نفسه، حيث تبدأ الأسرة بشراء حاجياتها من ألبسة وأطعمة وغيرها، ويتم الإعداد للحلويات الخاصة بالعيد في بعض المناطق، كمثل (الكليجية) والمعمول. ومع أول ساعة من صباح العيد، يتجمع الناس لصلاة العيد التي تجمع الناس في أحيائهم الخاصة، حيث يقوم الناس بعد أداء الصلاة بتهنئة بعضهم البعض في المسجد، وتقديم التهاني الخاصة كمثل (كل عام وأنتم بخير) و(عساكم من عواده) و(تقبل الله طاعتكم) وغيرها.

ثم يذهب الناس إلى منازلهم استعداداً للزيارات العائلية واستقبال الضيوف من الأهل والأقارب.

وتنتشر عادة في الكثير من الأسر السعودية بالاجتماعات الخاصة في الاستراحات التي تقع في المدينة أو في أطرافها، حيث يتم استئجار (استراحة) يتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، والتي تضم الجد والأولاد والأحفاد. حيث تقام الذبائح والولائم، يتبعها اللعب من قبل الصغار والكبار، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة.

احتفال أهل الإمارات

وفي الإمارات فإن ربة البيت في القرى تبدأ بإعداد المنزل وتنظيفه وترتيبه رغم انه في الغالب يكون مرتباً.. لكن من ضروريات العيد أن يتم إعادة ترتيب البيت، وتوضع الحناء على أيدي البنات والسيدات أيضاً، ويتم تجهيز الملابس الجديدة للأطفال بشكل خاص ولجميع أفراد الأسرة بشكل عام، ويتم تجهيز طعام العيد خاصة اللقيمات والبلاليط وغيرها.. ثم بعض الحلويات..

كما توضع كميات من الفواكه في المجالس لاستقبال الضيوف، وطبعاً في مقدمة ذلك كله التمر والقهوة والشاي.

وفي القرى أيضاً.. يبدأ العيد بالصلاة في الأماكن المفتوحة، وغالباً ما يكون الرجال في كامل زينتهم من ملابس جديدة، وقد يكون هنالك إطلاق نار في (الرزقة).. وهي رقصة شعبية أيضاً تعبيراً عن الفرح.

أما في المدن، فالاستعدادات متشابهة.. لكن الصلاة تكون في مصلى العيد، وهو مفتوح أيضاً، لكن لا يشاركون في الرزقة، وإنما ينطلقون بعد الصلاة لتهنئة الأهل والأقارب بالعيد، وعقب صلاة الظهر ينطلق الأطفال والأسر بشكل عام نحو الحدائق والمنتزهات للابتهاج بهذا اليوم.. وتكون عبارة التهنئة المعتادة.. مبروك عليكم العيد.. عساكم من عواده..

العيد في العراق

تبدأ مظاهر عيد الفطر في العراق عن طريق نصب المراجيح ودواليب الهواء والفرارات وتهيئتها للأطفال. أما النساء فيشرعن بتهيئة وتحضير الكليجة (المعمول) بأنواع حشوها المتعددة، إما بالجوز المبروش أو بالتمر أو بالسمسم والسكر والهيل، مع إضافة الحوايج وهي نوع من البهارات لتعطيها نكهة معروفة، حيث تقدم الكليجة للضيوف مع استكان شاي وبعض قطع الحلويات والحلقوم أو من السما (المن والسلوى) أو المسقول. وتعمل النساء نوعاً من الكليجة بدون حشو يطلق عليه (الخفيفي) حيث يضاف إليه قليل من السكر ويدهن بصفار البيض ويخبز إما بالفرن أو بالتنور. وتبدأ الزيارات العائلية عقب تناول فطور الصباح بالذهاب إلى بيت الوالدين والبقاء هناك لتناول طعام الغداء، ثم معايدة الأقارب والأرحام ومن ثم الأصدقاء. ويأخذ الأطفال العيدية من الوالدين أولاً ثم يذهبون معهما إلى الجد والجدة والأقارب الآخرين، بعدها ينطلقون إلى ساحات الألعاب حيث يركبون دواليب الهواء والمراجيح ويؤدون بعض الأغنيات الخاصة بهم.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة