Al Jazirah Magazine Tuesday  15/01/2008 G Issue 249
استطلاع
الثلاثاء 7 ,محرم 1429   العدد  249

الصراحة بين الزوجين

* استطلاع - خديجة الغامدي

الصراحة لغة سلسة، مفرداتها كالدرر النفيسة، وأسلوب حضاري يعمق الصلات في العلاقة الزوجية، فهناك من يراها قوام الحياة السليمة واستمرارها لإيجاد التفاهم وحصول المودة وتعزيز الثقة، والبعض الآخر ينظر إليها على أنها نواة لتتابع المزيد من التصادم والمشاحنات التي تهدد كيان الأسرة بالانهيار.

وفئة تجد أن الصراحة وحدها لا تكفي لبناء جوّ يحقق للأسرة القدر المطلوب من الاستقرار العاطفي والنفسي، إذ هناك ركائز ومعايير يجب مراعاتها وجميعها تصب في مدى ثقافة ووعي الزوجين وقدرة كل منهما في احتواء للآخر.

للصراحة حدود

أشارت أم عبدالله إلى أن الصراحة بين الزوجين هي فعلاً جدار ولكن ليس فاصلاً, بل له زوايا محدودة عندما نتجاوزها سنضرب رأسنا بذلك الجدار.

وأضافت: للصراحة حدود لا نخدش فيها كرامة من نحب ولا نكسر قلب من أراد أن يعيش معنا بقية حياته، والماضي يبقى ماض لا نريد فتح ملفات خاسره لأنه وبكل بساطة الحديث فيه سيكون عقيما.

حصة (معلمة): قالت على الرغم من أني

صريحة في كثير من الأمور.. لكن أفضل أن تكون لها حدود حتى لا تهدم حياتنا وأنا مع الصراحة في النقاش الذي يبنى على أساس قويم وبناء لعلاقتنا المستقبلية لتوطيد التفاهم والود وحسن التواصل.

وأكدت على أن الماضي هو الخط الأحمر والحد الفاصل بكل جوانبه وأضافت: لأن الحديث فيه قد يحدث خللاً وتنافراً و هدماً, وتختلف نظرتنا لبعضنا البعض ويبدأ الشك يتسلل في أدق تفاصيل حياتنا فلنعش للحاضر وبناء المستقبل وما فات فقد مات.

عهود ومواثيق

رانية (طالبة جامعية) تساءلت: لا أعلم إن كان فعلاً لي الرغبة في معرفة تفاصيل شريك الحياة أم أفضل أن أبدأ معه كتاب صفحاته بيضاء في هذه الحياة جميع أوراقها (عهود ومواثيق) جديدة.

وقالت: أنا بطبعي غيورة جداً ليس لعدم ثقة في شريك الحياة ولكن لا أرغب أن يشاركني أحد بالأحاسيس والصراحة تبقى لغز الحياة الزوجية إن كان جدار فصل أو وهم يحددها مدى ثقافة ووعي كلاهما بالمسؤليات المناطة به.

الحوار بمصداقية

أم سلطان: أشارت إلى أن الصراحة بين

الزوجين تعتمد على نوعية الحديث فليس كل شيء شخصي أو عام ماضي أو حاضر يكون الحوار فيه بمصداقية.

وأكدت على أن الصراحة بين الزوجين ليست جدارا أو حدودا وهمية لكن الوقت يلعب دوراً أساسياً لنضوجه فحديثي العهد بالزواج تغلب على حياتهم التكتم في كثير من الأمور بينما يكون العكس لزوجين مرت على زواجها فترة من الزمن نشأ بينها الكثير من الود والتفاهم والإحساس بالآخر يكون فيه الصراحة وقفات صادقة ونبراس لاستمرار الحياة وثبات دعائمه.

الأسلوب الأمثل

رنيم (طالبة جامعية) قالت: لم تعد الصراحة في هذه الأيام الأسلوب الأمثل في إيصال الحقيقة للآخرين بمحبة ومع ذلك أعتقد أنها مهمة في العلاقة الزوجية إذا كان الزوجان على مستوى جيد من التحضر والتفهم والأدب وهي اللبنة الأولى في تعزيز الثقة المتبادلة بينهما.

وأشارت إلى أن الصراحة لابد لها من شروط وحدود وذلك يتجلى في عدم تضليل الحقيقة لأجل مصلحة شخصية بحتة، وثانياً عدم تعرية الطرف الآخر أمام الجميع بحجة أننا نقول الحقيقة مع مراعاة كيفية التحدث بها واختيار الوقت الملائم.. والأهم هو طبيعة الإنسان نفسه هل يؤمن بالصراحة؟!

أبو خالد: قال: الصراحة أحياناً قد تزعزع أو تهدم إن لم يكن لها حدود وهي أيضاً أمر صحي لديمومة العلاقة الزوجية لذلك يجب علينا أن نتوخى الحذر في كيفية ومتى نكون صريحين مع الحفاظ على التوازن وأسلوب النقاش.

وأضاف قائلاً: قد تكون الصراحة غير مرغوبة أن لم نتيقن من تفهم الطرف الآخر حينها لابد من وضع خطوط حمراء وشعرت أن العاطفة القوية لا تشفع في إذابة الحواجز أحياناً سواء في الحديث عن الماضي أو ما نواجهه معاً في الحياة الزوجية.

للصراحة فن

أبو عبدالله: أكد على أن المصارحة من أساسيات الحياة الزوجية الناجحة وكتمان بعض منغصات الحياة يسبب تراكمات المشاكل ومع مرور الوقت تنفجر حينها لا يستطيعان حل الخلافات الشائكة التي استفحلت وأصبحت متأزمة لا مجال للنقاش فيها.. لكن عندما يفتحان باب الحوار في بادئ كل مشاكلهما ويغلقانه باتفاق ورضا منهما ستكون علاقتهما سليمة وأكثر حميمية والأهم أن يتقنا فن المصارحة دون تجريح أو تعنيف.

رأي الدين

علماء الدين بيَّنوا جانب الصراحة من خلال القرآن الكريم, وقالوا: وصف الله -عز وجل- العلاقة بين الزوجين في آيتين كريمتين؛ فقال (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}، وقال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ)، من هنا فإن الإسلام في هذه الآيات يوجب الصراحة بين الزوجين لدواع عدة وهي:

أولاً: إن الله سبحانه وتعالى وصف الزوجين بأنهما نفس واحدة، والإنسان أصرح ما يكون مع نفسه. ثانياً: إن مهمة الزواج تحقيق السكن النفسي والاجتماعي، الذي يقتضى نوعاً من عدم التكلف والصراحة والتلقائية، كما أن المودة والرحمة جاء وصفها في القرآن الكريم (وجعل بينكم مودة ورحمة)؛ فالرحمة هي جانب وجداني وانفعالي في الإنسان، والمودة هي جانب وجداني كذلك؛ ولكن لابد أن يظهر ذلك على شكل ممارسة في حياة الإنسان توحي بهذا الشيء وتدلل على الرحمة الموجودة في النفس.

علم النفس والاجتماع

فيما قال علماء النفس إن للمصارحة فوائد عديدة منها: إخراج مكنونات النفس وعدم تراكمها، والتقريب بين وجهات النظر وأنماط السلوك، والشعور بالثقة المتبادلة، والوقاية من كثير من المشكلات وحلها في مهدها قبل تفاقمها، بالإضافة إلى أن فيها إشعاراً لكل طرف بأهميته عند الطرف الآخر.

وعن آداب المصارحة الزوجية أوضحوا أن للمصارحة آداباً منها: أن تكون المصارحة لينة رقيقة، لا تؤذي شريك الحياة؛ كالمصارحة بعدم حب أحد الزوجين للآخر، فهذه مصارحة من النوع المؤذي، ولكن كيف يحولها الزوج إلى مصارحة إيجابية؟ من الممكن أن يقول مثلاً: (نريد أن نذكر بعض الوسائل التي من خلالها يمكن أن يزداد الحب بيننا)، بمعنى أنه يقول إن الحب موجود ولكننا نريد أن نزيده.

ويجب اختيار الظرف المناسب للمصارحة، فليس من المعقول أن تتم المصارحة في حال الغضب أو بعد مشكلة معينة، وأن تحمل المصارحة معنى النصيحة الصادقة لا التعيير أو التشنيع أو التوبيخ أو التشفي، وأن يكون أسلوبها هادئاً ولا تتحول إلى مجادلات.

وأشاروا إلى أن هناك جملة من الضوابط والحدود للمصارحة وهي، أن تكون المصارحة فيما يمكن تداركه مثل الطعام والشراب، وليس في ما لا يمكن تداركه مثل الأمور التي جبل عليها المرء مثل شكله أو غير ذلك، وألا تتناول المصارحة الذنوب والمعاصي التي سترها الله على أحد الزوجين، وألا تتناول أسرار الزوج مع أصدقائه أو العكس.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة