الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 25th February,2003 العدد : 23

الثلاثاء 24 ,ذو الحجة 1423

مولد فضائية جديدة
يفترض في وسائل الإعلام العربية..
المرئي والمسموع والمقروء منها..
ما هو مملوك للدول العربية..
وتلك التي تعود في تمويلها إلى القطاع العربي الخاص..
أن تتحلَّى بهويتها الدينية والقومية والوطنية..
وأن تثير من القضايا وبصوت عال ما يعزز من مكانة دولها..
بشفافية وحرية كاملة تستجيب لمتطلبات المصلحة العامة..
ضمن التجسير لإعلام نزيه ومسؤول بمواصفات المرحلة الراهنة.
***
وبمثل هذا الافتراض..
فإن على إعلامنا العربي مسؤوليات كبيرة..
شغله عنها مع الأسف الشديد ممارساته العبثية..
التي ألهى بها الأمة دولاً وشعوباً عن مهامها..
وغيَّبها عن حقيقة المستقبل المجهول الذي ينتظرها..
وهو ما عبَّر عنه وأسماه وأطلق عليه وزير خارجية أمريكا من أنه ترتيب لرسم جديد لخريطة المنطقة.
***
هذا الإعلام العبثي..
لا يمارس إعلاماً أميناً وصادقاً ونزيهاً وإن تصوَّر ذلك..
ولا يقدِّم رؤية إعلامية منهجية تفيد في مستقبل الأمة..
ولا ينطلق في أطروحاته من شعور ديني أو قومي أو وطني صحيح بحجم هاجس الخوف الذي يبيِّته لنا المستقبل المجهول..
إنه إعلام يمارس ألعاباً خطرة..
سواء بوعي أو بدون وعي..
بقناعة منه أو بتوجيه من غيره..
وقد آن الأوان لتطويق هذه الألعاب الغبية..
ومن المهم أن يكون ذلك سريعاً وقبل فوات الأوان.
***
أكتب هذه السطور، وقد أسعدني مولد الفضائية العربية..
بأمل أن تساهم في إعادة الوعي لمن لوَّثت فكره بعض الفضائيات العربية..
فهي إذاً خيار إعلامي جديد أطل في الزمن المناسب..
وهي إضافة إعلامية أصبحت و ينبغي أن تصبح بتصرف وفي خدمة هذه الأمة المنكوبة..
بعيداً عن تغذية الصراعات بين الأشقاء..
وإثارة المشاكل فيما بينهم..
إنها بذلك خطوة على الطريق الطويل..
نحو إعلام مهني أفضل..
مبروك..


خالد المالك

فساد الشرطة..
بعض رجال الشرطة ينصرفون إلى بيع المخدرات
أبشع صور استغلال السلطة!

القانون رمز كل دولة وتاج عزتها، وضمان السريان الطبيعي والآمن لمناحي الحياة الاجتماعية وصمام الأمان.. تثق كل قطاعات المجتمع فيه وفي عدم وجود فوارق في تطبيقه على كافة قطاعاته.. للقانون رجال يسهرون على تطبيقه.. لهم صلاحيات واسعة وثقة غير محدودة.. ولأن النفس البشرية أمارة بالسوء.. فقد تظهر بين الفينة والأخرى بعض الهفوات.. ولكن حينما يتجاوز الأمر الهفوة إلى استغلال وفساد.. يتحول الأمر إلى كارثة يجب الشد على يد القائمين عليها بحزم وقوة.. ولا يخلو الأمر في كل بلدان العالم المتقدم منها ومن يصنف في خانة «النامية» أو «العالم الثالث» من ظاهرة فساد الشرطة أو رجال القانون القائمين على تنفيذه.. ونماذج الفساد كثيرة سنحاول بحول الله الوقوف على هذه الظاهرة وأسبابها وسبر اغوارها، عبر ايراد امثلة من مختلف الدول ووضعها تحت المجهر..
تعدّ ظاهرة فساد الشرطة في المجتمعات التي لا تطبق الشريعة الإسلامية من الظواهر المعقدة التي يصعب تحليلها عبر منظار بسيط أو بمجرد تناول الموضوع بشكل سطحي، فالظاهرة في هذه المجتمعات عميقة كما انها حساسة جداً، ويمكن ان يكون لها تأثير على مختلف فئات المجتمع بما في ذلك العاملون أنفسهم في قطاع الشرطة، كما انه من الملاحظ ان هذه الظاهرة غير محدودة بزمان أو مكان اذ انها تنتشر في كثير من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، فما من يوم يمر دون ان يكون هناك خبر او تحليل اعلامي عن واحد من أفراد الشرطة قام بارتكاب جريمة ما او قام بخرق واحد من القوانين بدلاً من تفعيل هذا القانون وحمايته، بل ان حجم المشكلة يتفاقم اذا كان هذا الشرطي يعمل في موقع يسمح له باستغلال نفوذه لتمرير اهدافه الشخصية وتحقيق مآرب له، ويتمثل ذلك بوضوح على سبيل المثال في بعض ضباط المخدرات المعرضين أكثر من غيرهم لان يطالهم الانحراف واستغلال ما تحت ايديهم من نفوذ وسلطة كي يحصلوا على بعض المال اما عن طريق السماح بصفقات المخدرات بان يتم تحت حمايتهم الشخصية وتسهيل عمليات ترويج هذه المخدرات بغض النظر والتعامي عما يحدث أو حتى عن طريق المتاجرة بها والتحول بأنفسهم إلى باعة مخدرات والعمل لحسابهم مستغلين في ذلك ماتمنحهم حكومتهم من صلاحيات.
وإجمالاً يكفي الاطلاع على أي من صحف جنوب إفريقيا واستراليا والمكسيك والولايات المتحدة لادراك مدى ارتفاع وتيرة فساد الشرطة لدى أقسام الشرطة في جميع انحاء العالم، مما ادى الى تنامي الشعور المعادي لرجال الشرطة في اماكن كثيرة من وجهة نظر تحليلية، يمكن تقسيم أنواع الفساد في ادارات الشرطة إلى قسمين فساد داخلي ضمن رجال الشرطة أنفسهم وفيما بينهم وفساد خارجي اطرافه رجال الشرطة والعامة من المواطنين الذين يتعامل أفراد الشرطة معهم في بعض الحالات، والنوع الثاني أي الخارجي، هو الذي ينظر اليه المختصون على انه الأكثر انتشاراً أو أشد خطراً، وهذا النوع من فساد الشرطة الخارجي يأخذ اشكالاً عديدة.. منها دفع مبالغ مالية لعناصر من الشرطة من قبل مخالفي قوانين المرور الذين لا يريدون دفع الغرامات والتعرض لعقوبات السجن والايقاف وسحب رخص القيادة أو تلقي مبالغ مالية من أشخاص يتكسبون معيشتهم ويحصلون على رزقهم عبر خرقهم لقوانين الدولة كما في حالات أصحاب صالات القمار ومروجي المخدرات.
فساد الشرطة تاريخياً
لا تعتبر مسألة فساد الشرطة حادثاً جديداً في الوقت الحالي وانما تمتد جذور المسألة لتصل إلى منتصف القرن الماضي او حتى بداياته، ففي الخمسينيات من هذا القرن كانت صالات القمار في المجتمعات التي لا تطبق الشريعة الإسلامية محمية بشكل مباشر من قبل بعض رجال الشرطة الكبار الذين يحصلون على مبالغ مالية كبيرة تدفع لهم بشكل دوري ومنظم أكثر من طريقة حصولهم على رواتبهم القانونية، لقد كان الفساد شائعا بين رجال الشرطة آن ذاك إلى الحد الذي يجعل بعض الخبراء والمحللين اليوم يرى ان المسألة أقل مما كانت عليه في الفترة الماضية، ويشرح ذلك إحد المحللين في قوله ان الاعداد اصبحت أقل ولكن أفراد الضباط هم الذين اصبحوا أشد خطورة وجشعاً، اذ نجد بعض الأفراد يسطو على المنازل وربما يعتدي على احد المارة اذا ما عارض مصلحته او كشف مخالفته.
فساد الشرطة في الولايات المتحدة
الولايات المتحدة الأمريكية التي ظل أبناؤها يتباهون كثيراً بانها بلد الحرية والتي يعتقدون انها من أكثر البلدان حرصاً على اظهار صورة الديمقراطية وحقوق الانسان.. تعاني الأمرين من بعض نماذج الشرطة المتورطة في الفساد وقد انشغلت الساحة الأمريكية في الخمس السنوات الاخيرة بفضائح ذات صدى واسع تتحدث عن فساد البوليس وعلاقته بالمخدرات.
ترجع مشكلة فساد الشرطة إلى تاريخ تأسيس اول وحدة منظمة لمكافحة الجريمة على مستوى الولايات المتحدة، فالفساد آفة طالت بعض وحدات الشرطة وظاهرة شملت العديد من المدن الرئيسية بأمريكا، تتغير اشكال الفساد بين الحين والآخر ولكن جذوره راسخة منذ قديم الزمان، فكتاب «نظرة تاريخية على تطور البوليس الأمريكي» ليوشيدا: يشير «اذا كان هناك اطار يمكن ان يوضع فيه البوليس في القرن التاسع عشر فأشد ما يميز هذا الاطر هو استشراء الفساد في بعض وحدات البوليس على امتداد الولايات المتحدة، كما يشير لنفس النقطة الكاتب آلبرت في كتابه «كابلير» قائلاً: انه لدراسة تاريخ البوليس يجب دراسة الفساد المنتشر في قطاعات البوليس المختلفة».
يعتبر الفساد من المشاكل المستعصية امام مهام حفظ القانون ويبدو ان طبيعة الفساد قد اختلفت بصورة درامية عبر السنين. الهدف المنشود هو تحديث قوات البوليس من خلال تطوير برامج التجنيد والتدريب وتحسين الأوضاع وظروف العمل مما يؤدي لتقليل نسبة الفساد في صفوف تلك القوات الذين أصبح جزء بسيط منهم مع الأسف أكثر تورطاً في الأنشطة الإجرامية، حيث أن الأنشطة الأقل خطورة مثل الروتينية في الاجراءات ورتابة وبطء العمل وسوء الأداء في تطبيق القوانين تحولت هذه الأيام لأنماط أكثر عدائية لتحتوي نماذج مثل التورط في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة وما شابهها ولكن نسبة استخدام العنف في شكل جرائم قد قلت بين قوات الشرطة الأمريكية نتيجة حرص السلطات هناك على معالجة مثل هذه المشاكل والقضاء على الفساد نهائياً.
أنواع الفساد
النموذج الأكثر مثالية لتلك الجرائم ذلك النمط الذي يقع بين صفوف شرطة نيويورك، ففي عام 1970م حددت مفوضية التحقيق في صفوف الشرطة نوعين أساسيين من فساد الشرطة أحدهما لهؤلاء المتورطين في نمط الجرائم الخفيفة أو المتعلقة بسوء السلوك والآخر لهؤلاء المتورطين في الجرائم الكبرى.. الآن وبعد عشرين سنة ونصف السنة على هذا التقرير، تغير شكل الفساد إلى «فساد جماعي» فيما يتعلق بمساعدة مجموعة من الضباط لبعضهم البعض في التغطية على نشاط اجرامي أو سوء استغلال للنفوذ او هؤلاء الذين يمارسون جرائم تتعلق بمساندة الجريمة والتغطية عليها في شكل مساعدة للسرقات أو الاعداد لحملات غير مشروعة بهدف المنفعة الخاصة أو في نطاق توقيف وتحرير المخالفات للسيارات أو التكسب من تجار ومروجي المخدرات أو الاستعمال الخاص لتلك السموم أو الحنث بقسم تطبيق القانون وكتابة التقارير المزورة عن الشرطة، وعندما تحرى المسؤولون الأمر لم يجدوه يقتصر على نيويورك فقط بل وجدوا انماطاً مشابهة في مدن مثل «ميامي» حيث افتضح أمر ما يسمى «بشرطة ميامي رفر» ووجد ان سبعة عشر على الأقل من رجال الشرطة مدانين في التكسب بما يقدر بملايين الدولارات من تجار موردين للمخدرات وتسبب رجال الشرطة في ثلاث وفيات وفي نهاية الأمر تم اخذ الاجراءات المختلفة من سجن وتوقيف عن عمل وخلافه في حق مائة من رجال الشرطة.
في «نيو أورليانز» تورط حوالي تسعة وعشرين من رجال البوليس في عام 1994م في حماية متجر مشبوه لجلب وتوزيع مخدر الكوكايين وبمداهمته من المباحث المركزية الفدرالية وجد به 286 كيلوجرام من المخدر وتمت ادانة عشرة رجال شرطة بدفع مبلغ مائة الف دولار لعميل مستتر للبوليس كرشوة ومع هذا تم كشفهم. لم تكن «فلادلفيا» بأقل حظاً فقد تورط عشرة من رجال الشرطة في العام 1995م في زرع أدلة مزورة لمخدرات بهدف اثبات الاتهام على أشخاص وشملت التهم سرقة البيوت واستهداف الأموال بها بغرض السرقة.
في «لوس انجلوس» اتهم ضباط في وحدة مكافحة المخدرات بكسب ستين مليون دولار من خلال عملهم في الوحدة وذلك في عام 1994م خلال عامين من فترة عملهم.
التكسب من الوظيفة
الحديث عن المخدرات يقودنا إلى اسرع بل وأسهل
الطرق التي تؤدي إلى الكسب غير الشريف وتجميع الأموال من مصادر غير شرعية، وللمخدرات ملف كبير اذا ما ناقشنا علاقته برجال الشرطة، اذ تختلف اوجه تعامل الضباط المنحرفين مع المخدرات ومروجيها، فقد يحدث ان يسهل رجال الشرطة مرور شحنات المخدرات تحت مراقبتهم وحمايتهم الخاصة، كذلك نجد من رجال الشرطة من يساعدهم في تهريبها عن طريق افادتهم بالمعلومات المهمة لكي يتجنبوا الوقوع بين يدي الشرطة، اما البعض الآخر فلا يكتفي بذلك ولكن نجده يقوم بجلب وترويج المخدرات بنفسه ولحسابه الخاص. لقد وصل الأمر إلى الحد الذي جعل بعض رجال مكافحة المخدرات يلاحقون مهربي المخدرات ويقتلونهم أحياناً من أجل الحصول على جزء منها لبيعها لحسابهم. وبشكل عام فقد وصل الأمر إلى ان العديد من الأبحاث التي تجري الآن حول إدارات الشرطة تفيد بأن مسألة الحرب ضد المخدرات قد اصبحت تؤثر على عمل الشرطة بشكل عام وتضعف من قدرة انظمة الشرطة في محاربتها للمخدرات.
ولا تعتبر هذه المشكلة الوحيدة الذي يرتكبها رجال الشرطة بشكل عام اذ ان هناك قضية الحصول على الأموال العامة وسرقتها تحت اسم الشرطة واستغلالاً لنفوذها. ويندرج تحت هذه الفكرة الكثير من حوادث اخذ الرشوة من أجل تسهيل المصالح والاجراءات او السكوت عن بعض الجرائم مثل صالات القمار والتي تدفع لرجال الشرطة بشكل منتظم لأجل حمايتهم وعدم التعرض لأصحابها.
وعندما بدأت الشرطة في زيادة أعداد رجال الشرطة الملحقين بها، نتيجة لتزايد المخاوف من قبل العامة حول تزايد معدل الجريمة، جاءت المفاجأة أن المعينين الجدد كانوا من صغار السن ومن غير المؤهلين جيدا لمهام الشرطة وغير مدركين أيضاًً لمدى أهمية ما يقومون به من عمل. وكانت النتيجة ان ازدادت معدلات الجريمة وازدادت فضائح الفساد التي ضربت بعض دوائر هيئات الشرطة في مختلف المناطق وخاصة ميامي في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وعلى أثر ذلك كان هناك مايزيد على10% من الضباط الجدد من بين المسجونين أو المفصولين او الموقوفين عن العمل نتيجة لاتجاههم إلى تجارة المخدرات واختراقهم للقوانين بشكل عام.
العنف غير المبرر
هناك مشكلة أخرى ظهرت نتيجة لهذه الزيادة في قوة رجال الشرطة وهي مسألة العودة إلى أسلوب الضرب واستخدام العنف من قبل ضباط الشرطة والذي اصبح مستخدماً من قبل رجال الدوريات في شوارع المدن المختلفة وخاصة مدينة نيويورك. ان من شأن هذه الدوريات ان تكون على دراية بالمناطق المكلفة بحمايتها ومعرفة الأشخاص الذين يسكنون تلك المناطق من أجل التمكن من المحافظة على هدوء المنطقة والأمن بها، ولكن ما يحدث فعلاً غير ذلك اذ كان الواقع هو ان ذلك كان عاملاً مساعداً للحصول على الرشاوى من أجل التستر على الجرائم والمخالفات، بالاضافة إلى حدوث عمليات السطو المسلح على منازل المنطقة من قبل رجال الشرطة أنفسهم.
ولاتقتصر فضائح رجال الشرطة على هذين المجالين فقط ولكن هناك من الحوادث التي لايمكن تصنيفها على انها جرائم ترتكب، او بمعنى ادق على صلة بجرائم أخرى، ولكنها جرائم ضد العامة والأبرياء من الناس والذين ليس لهم علاقة بعمل رجال الشرطة. من هذه الحوادث قتل بريء عن طريق الخطأ بإطلاق النار عليه اثناء ملاحقة احد المجرمين الهاربين أو الاشتباه في أحد الأشخاص أو تصرفاته وإطلاق النار عليه دون التأكد من شخصيته الحقيقية، ومن ذلك ما حدث في عام 1997م في مدينة نيويورك حيث توفي احد المواطنين الأمريكيين من أصل افريقي أثر اطلاق احد رجال الشرطة النار عليه بعد ان اشتبه في ميدالية المفاتيح التي كان يحملها ربما كانت سلاحاً نارياً.
ومن ذلك أيضاًً ان سيدة من نفس الأصل لقيت حتفها في سيارة كانت تستقلها بسبب انها لم تستطع ايقاف السيارة عند احدى نقاط التفتيش مما دعا رجال الشرطة لإطلاق النار على سيارتها حتى اصيبت. لقد ابرزت التحقيقات ان عدد الطلقات قد وصل إلى 22 طلقة في جسم السيارة وفي جسم السيدة أيضاًً.
ومن ضمن الحوادث او المشكلات التي تندرج تحت مسألة العلاقة بين رجال الشرطة والمواطنين مسألة استخدام العنف المستخدم في التعامل مع المواطنين. الأمر الذي يقودنا لمناقشة مسألة العنف بشكل عام واستخدامه من قبل رجال الشرطة. ان هناك العديد من التقارير التي تبرز مظاهر العنف في التعامل مع المجرمين وعامة الناس من الابرياء، حيث انه من المعروف استخدام رجال البوليس للضرب والركل بالارجل إلى ان يصل الأمر إلى حد اطلاق النار، ناهيك عن استخدام الادوات المعدنية بل والوسائل الكهربائية ضد المجرمين ومن هم رهن السجون، وقد يحدث ذلك أيضاًً اثناء القبض على احد المتهمين أو البحث عنه او حتى في حوادث المرور التي تحدث نتيجة خطأ احد مستخدمي حركة السير.
والحقيقة ان مثل تلك المشكلات والفضائح عامة ماتزيد من مخاوف المواطنين وتجعلهم غير آمنين على حياتهم ولا على أطفالهم ومصالحهم الخاصة، اذ ان من ينتظر ان يقوم بدور الحماية هو نفسه من يشكل الخطر على الناس. ان هناك الكثير من الملفات التي تحوي مثل تلك المعلومات لايمكن الوصول اليها، هذا بالرغم من ان الحكومة الفيدرالية قد طلبت تقريرا رسميا عن هذه الجرائم الا ان مجلس الكونجرس قد فشل في جمع هذه المعلومات.
ومن «رامبارت» في كاليفورنيا إلى «تيوليا» في تكساس تتوالى الاحداث على الرغم من ان السواد الأعظم منها لم يسجل او حتى يكتشف بعد.. وكان تقرير عام 1998م الذي اعدته عدة جهات من صحف وجهات رقابية ودراسات اكاديمية قد اشار إلى ان الفرص اليوم أكثر ملاءمة من ذي قبل للفساد في جهاز البوليس وخاصة ذلك المتعلق بالمخدرات.. فيما رصدت وزارة العدل نقلاً عن تقارير المباحث الفيدرالية المركزية حوالي 400 قضية فساد تخص اجهزة البوليس المحلية والولائية ترجع جلها إلى المخدرات وادت إلى اتهام حوالي 300 ضابط شرطة!.. واذا ما تساءل البعض عن لماذا المخدرات دون غيرها؟ تكمن الاجابة في ان تجارتها يصعب تتبع الأدلة فيها لانها مسألة مصلحة تتم بكامل الحرية بين البائع والمشتري.. فأصبح تزوير الأدلة وقيادة الحملات غير المنظمة أمراً ملاحظاً بل ومنتظماً.. فبعد انفاق بلايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب لإرساء القانون والقبض على ملايين المدانين والمشبوهين في قضايا تتعلق بالمخدرات بقي المخدر الارخص والأكثر توفراً من ذي قبل.. بل واصبح تبديل متهم في قضية مخدرات بآخر شيئاً مألوفاً في صفوف رجال القانون.. وكذلك لا أحد يعلم حجم الكميات المرصودة وتلك التي سمح لها بالمرور بعد رصدها.. فإغراء أموال المخدرات التي عادة ما تدفع سائلة وفي حقائب حاضرة جعلها المهمة الأكثر حساسية والتي تحتاج الى ارادة فولاذية لا يستطيع معظم الضباط الوقوف امام اغرائها مما جعل الفساد وسوء استغلال السلطة فيها شيئاً ملحوظاً ومرصوداً كما يلي:
التلاعب بالأدلة!
في حملة لمكافحة المخدرات بولاية تكساس في يوليو من عام 1999م بمدينة «تيوليا» قبض على 43 شخصاً مع الساعات الاولى من الصباح وكان 40 من هؤلاء من المواطنين السود وكان الدليل الوحيد على ادانتهم احد ضباط الشرطة السريين من البيض الذي كان يعمل وحيداً وبدون اجهزة تسجيل او فيديو او حتى شهود عينيين!! واكتشف لاحقاً ان احد أفراد الشرطة السرية قد تخلى عن مهمته في حفظ القانون وذاب في وسط المدينة لتفادي تهم بالسرقة ووصف بانه حاد المزاج وشديد الكذب.. ورغم ان لا دليل ضد هؤلاء عدا شهادة هذا الرجل ضدهم.. فقدتم الحكم على معظم هؤلاء بأحكام قاسية وصل بعضها للسجن لمدة عشرين عاماً!! على الرغم من ان سجلهم خال من التهم المماثلة من قبل.. ثار رد فعل قوي على تلك الفضيحة منعت السلطات التشريعية الأمريكية بموجبه البت في التهم التي تعتمد فقط على معلومات معطاة.. واطلقت وزارة العدل تحقيقاً فيدرالياً حول الحقوق المدنية فيما يختص بتلك الفضيحة.. وفي ابريل من العام 2001م أطلق سراح 17 متهماً في مدينة صغيرة تدعى «هيرن» بوسط تكساس كانوا قد اعتقلوا في حملة لمكافحة المخدرات بنت جهودها على التركيز على الوطنيين الأمريكان السود وذلك بعد فشل مصدر المعلومات التي ادت إلى اعتقال هؤلاء في اختبار لكشف الكذب حول القرائن التي دعت به لاتهامهم! وفي اغسطس من نفس العام اعتقل ثمانية من ضباط شرطة مدينة «سان انطونيو» في فضيحة فدرالية بتهمة التغطية على عملية تسليم مخدر الكوكايين.
طباشير لا مخدرات!
فضيحة أخرى هذه المرة في مدينة «دلاس» حيث قبض على شخص يعمل ميكانيكياً بتهمة كسب آلاف الدولارات من ترويج وبيع الكوكايين وقامت اسرته باقناع هيئة المحلفين بانه بريء واجتاز الرجل اختبار كشف الكذب بنجاح فيما نسب له من تهم ورافع محامو الدفاع بان المواد المكتشفة ما هي الا مسحوق الطباشير الجيري الذي عبئ على انه كوكايين! وعندما سمع محامون عن متهمين في قضايا مشابهة بالأمر طلبوا فحوصاً معملية مشابهة للمواد المضبوطة مع موكليهم في قضايا تعود لأعوام طويلة مضت وجدت وحدة المعامل الجنائية نفسها في حيرة.. حيث اكتشف ان المواد المحفوظة كأدلة على انها مخدرات في 18 قضية سابقة ما هي الا مسحوق الطباشير!!! تم بعدها مراجعة محاضر الضبط عند كل قضية حيث كتب الضباط ان المواد المضبوطة ميدانياً عبارة عن مخدرات.. ووجد ان معظم الموقوفين في تلك القضايا هم من المهاجرين المكسيكيين الذين اما لا يعرفون اللغة الانجليزية او لا يجيدونها وفتح هذا الباب لاطلاق 40 موقوفاً من قضايا مشابهة بعضهم كان قد تم ترحيله بموجب التهمة لبلده!! واتهم اثنان من ضباط المعامل الجنائية على ضوء تلك الفضيحة وحامت الشبهة حول مخبر سري عمل مع هؤلاء الضباط لمدة سبع سنوات تقاضى خلالها 200 الف دولار وكالعادة اطلقت وزارة العدل الفيدرالية تحقيقاً حول الفضيحة..!
«الرامبارتية» في كاليفورنيا
خلال الحقبة بين العام 2000م إلى 2001م تفجرت فضيحة بمدينة لوس انجلوس بولاية كاليفورنيا فضيحة قسم «رامبارت» لمكافحة المخدرات حيث اتهم ضباط في القسم بالقتل وترويج المخدرات وتزوير تقارير الضبط واتهام أشخاص بريئين حيث انكشفت الفضيحة بعد القبض على ضابط بتهمة سرقة ثمانية كيلوجرامات من الكوكايين من مركز حفظ الأدلة الجنائية واقر الضابط على بعض زملائه في محاولة للحصول على حكم مخفف واسقطت ما لا يقل عن مائة تهمة لأسباب تتعلق بسوء استخدام السلطة التنفيذية للضباط عند التعامل مع أصحابها منها استخدام القوة لانتزاع الاعترافات من أصحابها والادهى ان احد التهم سقط فيها شخص صريع برصاص الشرطة ثم وضع السلاح في يده للتدليل على انه اطلق النار على الشرطة في بادئ الأمر!! وجرح في أخرى احد الأشخاص وترك دون سبب واضح وترك ليموت قبل استدعاء الاسعاف. وتركت القضية مصطلحاً يسمى «الرامبارتية» يدل على اضطهاد المهاجرين الضعفاء وكيل التهم ضدهم دون وجه حق.. مما حدا برئاسة ادعاء شرطة المدينة لتسمية لوصف وحدة شرطة رامبارت بتطبيق قانونها الخاص بصورة دورية لمصالحها الخاصة ولسبب او لآخر لم تجد من يراجع تلك الجرائم وراءها، ولاحقاً في نفس العام تفجرت فضيحة أخرى في «اوكلاند» بنفس الولاية حيث اعتقل أربعة ضباط سمو أنفسهم «الراكبون» من وحدة أدلة المخدرات بتهم تتعلق بتضليل القانون والاعتداء والخطف وتزوير تقارير مزورة بغرض الاعتقال غير المشروع وحكم عليهم بالسجن لمدة خمس سنوات واسقطت التهمة عن العديد من الأشخاص لسوء استخدام القانون بسبب اعترافات هؤلاء الضباط.
وفي التفاصيل أن ضابطاً سابقاً مع زميله من شرطة ولاية كاليفورنيا وبالتحديد مدينة «لوس انجلوس» وجدا مدانين في تهم تتعلق بتزوير تقرير للشرطة والتآمر لتضليل المحكمة مما حدا برئيس هيئة الاتهام «بيل هودجمان للتعليق على الأمر بانه مؤسف ويدعو للشفقة «فالضابط الذي كان معاونا لقسم التكتيك في الولاية والبوليس الفيدرالي على حد سواء قد شملته تهم التعدي على حقوق الانسان وحيازة سلاح ناري غير مرخص.. وقد أمر قاضي المحكمة العليا «دافيد ويلسي» على الضابط بالبقاء قيد التوقيف او دفع كفالة تبلغ 680 ألف دولار للبقاء حرا لحين النطق بالحكم.
دور الدولة
ادت الفضيحة لفتح ملف وحدات مكافحة المخدرات ومحاربة الجريمة المنظمة في المدينة ووضع كل وحدات البوليس لمدينة «لوس انجلوس» تحت اختبار اعادة التقييم من قبل وزارة العدل الأمريكية فيما يختص باعادة النظر في ادارة دائرة البوليس الخاصة بها واجراءات التدريب الخاصة بتلك الوحدة.. وتتوأصل فصول الفضيحة وتداعياتها التي ادت إلى ان تدفع المدينة 45 مليون دولار كتعويضات عن قضايا مدنية تعلقت بالفضيحة وقدر بعض المحليين المبلغ بـ125 مليون دولار عندما تحل بقية المشاكل المعلقة.. وطالت التهم عن تحقيقات امتدت لماضٍ من أربعة أعوام ثمانية ضباط اخرين ادينوا بتهم تتعلق بخرق القانون واتهم أكثر من 70 ضابطاً بجرائم تتعلق بعدم احترام القانون واختراقه ولكن معظم التهم قد تم اسقاطها لعدم توفر الأدلة أو لان الوقت الزمني لها قد تداعى بالتقادم.
ترويج المخدرات في فلوريدا
في فبراير من العام 2001م اتهم ثلاثة من ضباط جنوب فلوريدا بنقل المخدرات في سيارات الشرطة خلال مساعدتهم لمروجين معروفين للمخدرات واكتشف الضباط ضابط شرطة تخفى في شكل مروج بعد ان اعتقله المتهمون واخذوا 200 ألف دولار كانت معه لعملية ما ووزعوها فيما بينهم ظناً منهم انه تاجر مخدرات وما ان حل سبتمبر من نفس العام حتى كان العشرات من رجال شرطة مكافحة المخدرات والأدلة الجنائية ومكافحة الجرائم الخاصة في قفص الاتهام بتهم وضع الاسلحة زوراً في مسارح الجرائم والتغطية على زميل لهم قتل ثلاثة أشخاص دون أسباب واضحة منهم مسن في الـ73 من عمره بعد ان امطروا غرفته بمائة وثلاث وعشرين رصاصة بحجة انه كان يحمل سلاحاً أثناء تفتيش روتيني عن المخدرات على الرغم ان المخدرات المزعومة لم توجد في مكان الحادث!! وتهم أخرى تتعلق بسرقة وتزوير الأدلة.. مما اعاد للاذهان فضيحة سابقة في الثمانينات تم القاء القبض فيها والطرد من العمل والعقاب الاداري على المئات من رجال شرطة قسم «نهر ميامي» خلال تهم تتعلق بالمخدرات. وكان قد القي القبض على اثنين من رجال شرطة منطقة «هايليا» في اكتوبر 2001م بتهمة نقل وترويج المخدرات وحماية تجارها بالمنطقة وسرقة والمساعدة في سرقة من 7 إلى 11 متجراً بل واعارة شارات الشرطة والاصفاد الرسمية لسارقي المتاجر!! وفي نوفمبر من نفس العام حصلت أمرأة على تعويض يقدر بحوالي 3 ملايين دولار عندما زرع خمسة من مساعدي الشرطة «الشريف» المخدرات في منزلها واضيف إلى تهمهم سرقة أموال المشتبه بهم أثناء توقيفهم والكذب والكارثة انهم كانوا من ضمن وحدة النخبة في مكافحة المخدرات والتي تسمى «دلتا» وكانت السيدة قد فقدت حضانة طفلها ذي الثمانية عشر شهراً جراء تهمة تتعلق بالاتجار وحيازة المخدرات عام 1997م ولكن القضية كشفت ان الضباط هم من زرعوا المخدرات في منزلها..
كذب x كذب
صحت مدينة شيكاغو الأمريكية على فضيحة أخرى في عام 2000م حيث اتهم اثنان من وحدة النخبة في قسم مكافحة المخدرات قد قبض عليهما بتهم السطو المسلح والفساد والكذب وزرع أدلة مزورة وانتزاع اعترافات قسرية من مشتبهين وادارة حلقة لتوزيع المخدرات من شيكاغو في الشمال حتى ميامي في الجنوب وكانت احدى النساء قد اشتكت من ان احد الضباط المتهمين قد اطاح بها من سلم سكنها وزرع المخدرات في منزلها مما وضع المتهمين تحت المراقبة ومن ثم تبين ان إحدهما قد ساعد مروج مخدرات على الهرب من كمين للشرطة وبعدها تبين للتحقيق بأنهما كانا يدلان المروجين الخطرين على زملائهما من البوليس السري لمكافحة المخدرات وبالتالي يتحكمان في دائرة ترويج تمتد حتى مدينة ميامي في فلوريدا!!
إدعاء بالباطل
في ديسمبر من العام 2001م اضطرت مكتب الادعاء بشرطة «دافيسون» لابطال التهم عن 65 من قضايا المخدرات تم التحقيق فيها بواسطة أربعة ضباط شرطة من قسم أدلة المخدرات ادينوا بواسطة تحقيق فدرالي بتهم تتعلق بالتزوير والتآمر باخذ الأموال من متهمين لعمل أدلة تبرأ ذممهم والترويج لمخدرات مضبوطة تشمل المارجيوانا والكوكايين والاكستاسي ومادة الاسترويد وادت الفضيحة إلى اسقاط مزيد من التهم لاحقاً عن معتقلين.
فساد القضاء
في اغسطس 2002م تم تحويل 60 من رجال البوليس في انحاء الجزيرة للتحقيق بتهم تتعلق بتقديم الحماية وخدمات أخرى تشمل ارجاع المخدرات المضبوطة خلال المكافحة لبائعيها بمقابل مادي وبيع الاسلحة المتحفظ عليها خلال حملات المداهمة المختلفة وتم ادانة 29 منهم والزج بهم وراء القضبان في أكبر حملة لمكافحة الفساد تقودها المباحث المركزية الفدرالية في تاريخ الجزيرة وقبض على 23 آخرين لاحقاً وما زاد الاثارة اتهام قاضيين كانا في هيئة المحلفين بالتلاعب بالقضية وعلقت صلاحيتهما..
فساد الشرطة في ايرلندا!!
ايرلندا.. بلد أوربي مقسم قسراً لدولتين ولكن العادات والتقاليد والجغرافية والتاريخ تقول بوحدته ولكن شماله يتبع للتاج البريطاني وعاصمته «بلفاست» بينما يحظى جنوبه بحكم سيادي مستقل وعاصمته «دبلن» يخوض سكان الشمال منه حرباً ضروس للوحدة مع الجنوب تحت حكم مستقل عن بريطانيا.. اضافة إلى تعدد المذاهب المسيحية فيه بعد ان تعمد المستعمر تكريس النعرات الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت مما اصبح من الواضح ان المسيحيين الكاثوليك في شمال مدينة «بلفاست» يشعرون بالخوف على حياتهم من الوحدويين ومن ذلك اعتقادهم ان البوليس الايرلندي لن تتحرك له ساكنة اذا ما قتل أحدهم على يد الوحدويين.. وفي خضم ملف الفساد في اجهزة الشرطة، اتهم البوليس الايرلندي مؤخراً باستخدام مكيالين في تحقيق يخص قضية مقتل احد الناشطين من اجل الوحدة على يد أربعة شباب يافعين.. حيث تم استجواب خمسة آلاف شخص شمال بلفاست العاصمة بواسطة أربعين محققاً متفرغاً.. ولأن جرائم القتل هي الأسوأ.. وعلى الرغم من ان الرجل من عصابة من الوحدويين مسؤولة عن مقتل أربعة شباب كاثوليك وهم من الطائفة التي تدعم الوحدة مع بريطانيا في ضاحية «راتثكول» إلا ان البوليس لم يشر بأي دالة إلى ذلك، مما اثار حفيظة الكاثوليك في تغطية البوليس على جرائم المجموعات المنادية بالوحدة مع بريطانيا، وفي حادثة مماثلة فضى كاثوليكي بعد ان ضرب بوحشية على يد الاتحاديين وترك على مشارف بلفاست وكالمعتاد لا أحد متهم على الرغم من وجود أدلة تدين الوحدويين. وهذا جزء من فساد الشرطة المتشعب في ترك تنفيذ القانون وفقاً للأهواء والمصالح السياسية و غيرها. وفي نفس الصدد عثر البوليس خلال حملة مداهمة في بيت احد الناشطين المؤيدين لفكرة الخضوع للتاج البريطاني، على كمبيوتر شخصي يحتوي على أسماء وعناوين الف وأربعمائة من ضباط حرس السجون وعائلاتهم والمشاريع الأمنية المنفذة لحماية الأمن العام والقائمين عليها وتلك التي تحت التنفيذ مما اثار موجة من الهلع ادت إلى تظاهرة هؤلاء الضباط وطلب تغيير مساكنهم وعناوينهم خوفاً على عائلاتهم من انتقام الجماعات الوحدوية المناهضة للوجود البريطاني وعلى رأسها «الشين فين» الجناح العسكري للجيش الجمهوري الايرلندي.. وفي واجهة أخرى لفساد البوليس تبين تسرب المعلومات عن طريق أفراد من الشرطة موالين لفكرة الوحدة مع ايرلندا مما حدا باجراء تغييرات كبيرة في وحدات مكافحة الشغب ووضع طائرات مروحية اضافية وحافلات وتغيير في معدات وأوضاع القوات في الجزء الشمالي من ايرلندا.. كل ذلك تحت بند فساد الشرطة ورجالها على مستوى التدخلات السياسية التي يجب ان تكون فيها الشرطة في موقف المحايد تماماً الا من مصلحة البلاد..
كيفية إصلاح هذا الفساد؟
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل هناك طريقة لحل هذه المشكلة الكبيرة؟ ان من الواضح ان ذلك لن يكون سهلاً لدرجة ان البعض لا يعتقد ان هناك حلاً أصلاً، وربما يكون ذلك واضحاً لان المشكلة مستمرة حتى بعد محاولات الحكومة السيطرة عليها وايجاد الحلول المختلفة لها، لقد حاولت ادارات الشرطة رفع مرتبات رجال الشرطة للحد من اغوائهم عن طريق دفع الأموال، ولكن الأمر لم يكن ليجدي طالما ان ما يدفعه المجرمون والخارجون على القانون يمثل اضعاف المبالغ التي يتقاضاها رجال الشرطة من اداراتهم، اذ ان المسألة في النهاية تعتبر مسألة مادة لمن ليس لهم من ضمير أو هدف آخر غير الحصول على المال وفي مجتمعات تقوم على الرأسمالية وتقدير المال من الصعب القضاء كلياً على المشكلة طالما كانت المادة الهدف والمبتغى.
من ناحية أخرى بدأت ادارة الشرطة الأمريكية في تنفيذ برامج تدريب وتطوير لرجال البوليس وقدراتهم لكي لا يكونوا فريسة سهلة للانحراف وذلك بتثقيفهم وزيادة الوعي العام لديهم لكي يشعروا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، والغريب في الأمر ان كل هذه المحاولات لم تجد نفعاً في عملية القضاء على الفساد نهائياً، ولذلك كان الحل هو الحد منه والتحكم فيه قدر المستطاع. ولعل هذه النتيجة المؤسفة ترجع إلى ان مسألة الفساد يتحكم فيها من الأساس العامل الشخصي والنفسي لضابط الشرطة، اذ ان كل فرد لديه ظروفه الاجتماعية والنفسية التي لابد وان تؤثر عليه في حياته المستقبلية، انها تلك الصياغة النفسية التي تقولب الفرد في شكل معين والتي تتحكم في تصرفاته رغماً عنه.
بعد ذلك يأتي في المرتبة الثانية، بالنسبة للعوامل المؤثرة على ظاهرة الفساد، مسألة بيئة العمل التي يعمل فيها الضابط، ولا يقل هذا العامل اهمية عن العامل السابق حيث ان رجل الشرطة حتى وان كان منصلحاً في ذاته إلا انه يمكن ان يفسد اذا ما اختلط ببيئة فاسدة، وهذا لانه لا يعمل منفرداً ولكنه يعمل ضمن زملاء آخرين فان كانوا هم فاسدين كان الخوف من اتباع هذا العنصر الجديد لنفس اساليبهم او ان يكون سهل الاغواء والانحراف.
ان العمل لحل هذه المشكلة لابد ان يكون على مستويين اولهما أصلاح بيئة العمل إلى جانب تعاون كل أفراد المجتمع الذي يحيط بها، ويكون الأصلاح في بيئة العمل عن طريق وجود القيادة القوية والتنظيم الجيد الذي يعلن منذ البداية انه لامجال لأي انحراف في العمل وليس هناك مجال للتخلي عن القوانين والمبادئ التي تسنها الحكومة بهذا الشأن، ذلك حيث ان أي تهاون من جانب الادارة تجاه أي نوع من المخالفة سوف يفهم من قبل الموظفين على ان الأمر سهل وانه ليس هناك عقاب رادع.


* المصدر: cnn.com

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
الطابور الخامس
الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
النصف الاخر
الطب البديل
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
ثقافة عالمية
رياضة عالمية
داخل الحدود
الصحة والتغذية
الصحة والتأمين
الملف السياسي
فضائيات
الحدث صورة
من الصفر
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved