Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/10/2006G Issue 12437مقـالاتالثلاثاء 25 رمضان 1427 هـ  17 أكتوبر2006 م   العدد  12437
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

القوى العاملة

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

الأخيــرة

تأملات سياسية في رحاب فلسفة.. ميكافيلي والكواكبي
ندى الفايز

تأملات اليوم ستكون في رحاب فلسفة كل من (سيء الذكر) نيقولو ميكافلي و(طيب الذكر) عبدالرحمن الكواكبي ومعروفاً أن الأخير ولد في حلب عام 1855م بينما ولد الأول في فلورنسا ب(إيطاليا) في أواسط القرن الخامس عشر ويعدّ كتاب الأمير من أشهر مؤلفات ميكافلي في إيطاليا وفي العالم، كما أنه المرجع الرئيسي لكل طامح في السيطرة والاستبداد السياسي على مر العصور ولا اعتقد أن من نافلة القول تكرار نقد أفكاره التي لا أميل لها في الأصل لكن من الصعب تجاوز صاحب الكتاب الذي تنسب إليه نظرية (الغاية تبرر الوسيلة والغاية).
لا ريب أن سمعة ميكافيلي قد لطخت حتى أصبحت كلمة (المكيافلية) كلمة تدل على الخبث والخداع والفساد في السلوك السياسي وليس من اليسير القول إنه من الواجب على كل سياسي دراسة الفكر الميكافلي (لا) بغرض التطبيق، بل بغرض معرفة قواعد لعبة الآخر في الساحة السياسية الدولية التي يؤمن الكثير منهم ضمنياً بتلك المنهجية الاستبدادية وذلك منذ أن قام ميكافيلي بتقديم تلك الأفكار الشريرة بصورة هدية كتاب للأمير الإيطالي لورنز في عصر النهضة الإيطالية وأحدث بعدها الكتاب أثراً ثورياً في حياة إيطاليا السياسية حتى ارتكبت العديد من الجرائم نتيجة تلك الأفكار وأخذ معظم أرباب السياسة في الغرب بها حتى تقرر بعدها تحريم الكتاب مع أن انتشاره تعدى الدول الأوروبية حتى ترجم في النهاية إلى العربية.
ولا عجب أن يكون موسوليني من أبرز أنصار هذا الكتاب الذي اختاره موضوعاً قدمه في رسالة الدكتوراه، أما هتلر زعيم النازية فمعروف أنه لم يكن ينام إلا على هدهدة قراءة ميكافلي وحتى تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا له مقولة شهيرة أثناء الحرب مستلهمة من أفكار الكتاب جاء فيها: ليس لبريطانيا أصدقاء دائمون أو أعداء دائمون، بل مصالح دائمة، كما لا أتصور أن أحداً قد غلب الحركة الصهيونية في استعارة أفكار ميكافلي الشريرة، أما على صعيد القطر العربي فلقد كان الطاغية صدام حسين من أشد المعجبين بفكر وكتاب ميكافلي ويلاحظ التأثير القوي لفكرة ميكافيلي في كتابه (الأمير) الذي أنكر بصراحة تامة الأخلاق المعترف بصحتها فيما يختص بسلوك الحاكم الذي يجب أن يكون حسب وجهة نظره الشريرة (لا) وجهة نظر: ماكراً مكر الذئب ضارياً ضراوة الأسد ومن أبرز الأفكار الرئيسة بتلك السياسة الاستبدادية التي تجانب الصواب والأخلاق التي يدعو إليها الإسلام وفطرة الإنسان السليمة:
- إذا وقع الخيار على الحاكم أن يكون محبوباً أو مهاباً وكان الجمع بينهما غير ممكن فإن من الأفضل أن يكون مهاباً لأن الحب يرتبط بسلسلة من الالتزام قد تتحطم بالنظر إلى أنانية الناس.
- يوصي كذلك بالتظاهر بحيازة الإخلاص وحفظ العهود وأن يبدو القائد متديناً دون ألا يحافظ على وعوده إلا عندما يرى أن هذه المحافظة تصب في مصالحته على العهد حين يعود ذلك عليه بالفائدة فقط. أما إذا كانت المحافظة على العهد لا تعود عليه بالفائدة فيجب عليه حينئذ أن يكون غداراً.
- يرى أن على الحاكم ألا يبني سلطته على الأخلاق ومبدأ الفضيلة، بل على فساد الطبيعة البشرية وتناقضاتها الداخلية ويدعو إلى ضرورة إقامة سياسته الاستبداد عبر استخدام القوة والترهيب أكثر من الرأفة واللين.
أما عبدالرحمن الكواكبي الذي ترجع أصوله إلى بلاد فارس وقد استقر في مصر بعد أن عاش في سوريا وتعد كتبه من أهم كتب عصر النهضة العربية على الإطلاق وهما أم القرى وطباع الاستبداد.. وبالرغم من التفاوت الزمني في وضع الكتابين غير أنه يصلح القول بأن يكون أولهم مقدمة وثانيهم خاتمة لفلسفته السياسية وليس مبالغاً القول بأن الكواكبي يعدّ حجة فيما كتب ولقد أشاد به العديد من المفكرين الغربيين الذين أنصفوا الحضارة العربية حتى المتأخرين منهم ومع أن الباحثة الصهيونية سيلفيا حاييم اتهمت الكواكبي بسرقة كتاب أم القرى عن كتاب مستقبل الإسلام للباحث الإنجليزي (بلنت) واتهمته أيضاً بسرقة كتاب طبائع الاستبداد عن الكاتب الإيطالي فيتورو الفييري، غير أن ذلك ينافي الحقيقة، حيث أوضح الكواكبي ذاته في الفصل الأخير من كتابه إلى أن الكاتب الإيطالي قد سبقه إلى وضع كتاب في الاستبداد.
وأشار في مقدمة الطبعة الأولى من الكتاب إلى هذا الكتاب وقال: (فمنه ما استفدنا منه ومنه ما اقتبسناه) وقياساً على ذلك الحق المشروع للمؤلفين والذي يعدّ الكواكبي واحداً منهم يمكن أن يكون قد اطلع كذلك على كتاب مستقبل الإسلام للباحث الإنجليزي - بلنت - ومن المحتمل أنه قد اقتبس منه وليس هذا بالعيب أو المحرم.
وبعكس اتجاه ميكافيلي فلقد حارب الكواكبي فكرة الاستبداد وبحث عن شكل الحكومة المرغوبة احتكاماً إلى القرآن الكريم الذي يراه كبقية المسلمين معياراً للخطأ والصواب شأنه في ذلك شأن كل الموضوعات التي أراد معالجتها ويمكن اعتبار كتاب الكواكبي (طبائع الاستبداد ومصارع الاستبعاد) الاتجاه المعاكس والمناقض لما كتبه ميكافيلي، حيث عني الكواكبي في كتابه بتحذير الناس من أصل الداء وهو الاستبداد السياسي وعدّ دواؤه الأخذ بالشورى ولقد رفض الكواكبي تماماً فكرة الاستبداد بشكل مطلق ومعرفاً أن الاستبداد في اللغة تعني غرور المرء والأنفة عن قبول النصيحة أو الاستقلال في الرأي والحقوق المشتركة.
وفي اصطلاح السياسيين يرى بأنه تصرف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشينة وبلا خوف موضحاً انه قد يطرأ مزايدات على هذا المعنى الاصطلاحي فيستعمل في مقام كلمة (استبداد) كلمات مثل: استبعاد، وتسلط، وتحكم وفي مقابلتها كلمات: مساواة، وحس مشترك، وسلطة عامة، ويستعمل في مقام صفة (مستبد) كلمات: جبار طاغية، وحاكم بأمره، وحاكم مطلق. ويستخدم في مقابلة (حكومة مستبدة) كلمات: عادلة، ومسؤولة، ومقيدة، ودستورية. ويستعملون في مقام وصف الرعية (المستبد عليهم) كلمات: أسرى ومستصغرين، وبؤساء ومستنبتين، وفي المقابل: أحرار، وأباة، وأحياء، واعزاء.
وغيرها من المصطلحات التي تتبع التلاعب بالألفاظ كما أن من الملاحظات الجديرة بالاهتمام وصف المستبدين من السياسيين بأنهم يبنون استبدادهم على أساس أنهم يسترهبون الناس بالتعالي الشخصي والتشامخ الحسي ويذللونهم بالقهر والقوة وسلب الأموال حتى يجعلونهم خاضعين لهم عاملين لأجلهم كأنما خلقوا من جملة الأنعام نصيبهم من الحياة ما يقتضيه حفظ النوع فقط!!

nada@journalist.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved