| |
آليات جديدة تدعم الاستقرار والمشاركة..د. صالح بن سبعان : خطوة في طريق الإصلاح السياسي.. لها ما بعدها
|
|
قرارات وأوامر وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - على أهميتها - تكتسب أهمية استثنائية في هذه الظروف التاريخية الدقيقة التي يمر بها، ليس الوطن وحده، بل والمنطقة والعالم بأسره؛ إذ يتشكل العالم الآن ويعاد ترتيبه في ظل ظروف سياسية واقتصادية وثقافية بالغة الحساسية والتعقيد. وفي ظل ظروف مثل هذه تكون الدول والمجتمعات أحوج ما تكون إلى عامِلَين حاسمين في تقرير مصيرهما، وهما الاستقرار والمرونة. فعدم استقرار الدولة والمجتمع يطرح الفوضى كبديل وحيد، في حين يؤدي عدم المرونة إلى الجمود، إلى تخشب الدولة والمجتمع، ويكاد الجمع بين هذين العامِلَين أو المبدأين العمليين في القيادة يكون من أصعب الأشياء. وندر بين القادة في التاريخ من وُفِّق إلى الجمع والتوفيق بينهما.. وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز واحد من هذه القلة. فمنذ أن استلم دفة قيادة سفينة الوطن ومعها مسؤولية المملكة الدينية التي شرفها الله بأن استودع أرضها بيته العتيق وقبر خاتم رسله عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، استطاع أن يجيد قراءة تضاريس الواقع المحلي والاقليمي والعالمي بشكل جيد، ألهمه - بتوفيق من الله - إلى وضع يده الكريمة على المفتاح الذي يحل معادلات الوضع الدولي المعقد، ويتيح للمملكة أن تلعب الدور العالمي المناط بها. وهذا المفتاح هو باب الإصلاح.. ومنذ توليه مقاليد الحكم وخادم الحرمين الشريفين ينتقل بالوطن والمواطن بين محطات الاصلاح، وقد اثمرت هذه الخطوات وآتت أكلها الاقتصادية المتنوعة التي انعكست في حياة المواطنين بشكل مباشر مثلما شملت العمل والتعليم والثقافة.. وبقراراته الأخيرة تمتد اليد الملكية الاصلاحية إلى نظام أكثر تثبيتاً لاستقرار النظام السياسي للدولة الذي وضعه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته - وعلى نفس النهج: الاستقرار والمرونة. فكيف تُقرأ هذه القرارات والأوامر الملكية؟.. القراءة الصحيحة لقرارات خادم الحرمين تؤكد الآتي: - أولا: إنها ليست تغييراً في نظام الحكم وأسسه. - ثانياً: إنها تقنن عملية انتقال سلطة مسؤولية الحكم التي كانت تسير بوتيرة عرفية متداولة، وهي التي حفظت - بإذن الله - للمملكة استقرار نظامها السياسي، وسلاسة انتقال مسؤولية الحكم في إطار نظمه. - ثالثاً: لقد وضعت الأوامر الملكية الكريمة آليات جديدة لعملية انتقال مسؤولية سلطة الحكم، وتحديد الأهلية لتوليها بإشراك هيئة من المواطنين ذوي الأهلية والكفاءة في هذا الأمر. وبالتالي فإن الدلالات التي يمكن أن تُستقرأ من هذه النقلة الإصلاحية تتلخص في الآتي: - أولاً: تأكيد سير الملك بالدولة على طريق الاصلاح الشامل، وأن الاصلاح السياسي الذي قررته الإرادة الملكية اليوم، إنما يأتي استكمالاً لخطوة سبقته، تمثلت في انتخابات مجلس البلديات؛ ما يؤكد أن الوطن على موعد مع خطوات مماثلة اخرى جديدة على ذات الطريق. - ثانياً: إن هذه الخطوة قد رسخت وبشكل واضح وكامل أن منهج خادم الحرمين الشريفين الاصلاحي يقوم على دعامَتَي: الاستقرار والمرونة. الاستقرار، استقرار الدولة والمجتمع، يعني التدرج وعدم القفز في الظلام، والانتقال بالوطن خطوة بعد خطوة، وليس قفزاً وحرقاً للمراحل. أما المرونة فتعني القدرة على قراءة متغيرات الواقع وتطوره، القدرة على اتخاذ القرار الذي يناسب الموقف والحاجة والوقت. وعلّنا لن نضيف جديداً إذا قلنا إن الملك عبدالله بن عبدالعزيز لم يفعل سوى تطبيق النهج الذي أرساه ورسخه المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وذلك وفقاً لنوازل عصره ومتطلبات المرحلة التاريخية التي يقود فيها الوطن، وهو نهج مستمد من النهج النبوي الذي كان يأخذ بالتدرج ويأخذ في الحسبان معطيات الواقع، ثم هو نهج - ثانياً - أثبت في تاريخ المملكة الحديث نجاعته وكفايته وملاءمته.
|
|
|
| |
|