Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/11/2006G Issue 12470الرأيالأحد 28 شوال 1427 هـ  19 نوفمبر2006 م   العدد  12470
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

مدارات شعبية

وطن ومواطن

وَرّاق الجزيرة

الأخيــرة

(الأستاذ أبي)... ذلك الصديق الوفي...!!
أحمد بن عبدالرحمن الطويل

قال معاوية - رضي الله عنه -.. أكلت الطعام، حتى لا أجد ما أستمرئه...!! وشربت الأشربة، حتى رجعت إلى الماء...!! وركبت المطايا...!! حتى اخترت نعلي...!! ولبست الثياب، حتى اخترت البياض...!! فما بقي من اللذات ما تتوق إليه نفسي...!! إلا محادثة أخِ كريم...!!

نعم...!! (أخ كريم)...!! نقي سخي...!! فكيف إذا كان هذا (الأخ) هو أباً رحيماً...!! عظيماً... (سحاً).. (غدقاً)...!! يسد خلتك...!! ويغفر زلتك...!! ويُقيل عثرتك...!! في زمن نتعثر فيه كثيراً... كثيراً..!!

ما بقيت من اللذات إلا

محادثة الرجال ذوي العقول..!!

وقد كنا نعدهم قليلاً

وقد صاروا أقل من القليل...!!

منذ أكثر من عشر سنين..!! جئت إلى (إخوة لي) بحضرة أستاذي الوالد... وأردت (أن أمكر عليهم)... حباً لهم..!! واستئثاراً بأبي الوالد..!! تم ذلك في غفلة من بعضهم...!! وصغر سن البعض الآخر..!! وهكذا عقدت صفقة العمر..!! عندما أخذت عهداً..!! ووعداً قاطعاً..!! جازماً لا ريب فيه..!! من حضرة الوالد، بأن أصحبه كل عام، بعد نهاية عيد الفطر المبارك (مباشرة) في رحلة (أسبوعية) إلى الحرمين الشريفين...!! لا يصحبنا فيها (ثالث) كائناً من كان...!!

أكتب هذه الأسطر بعد أن أتممنا رحلتنا السادسة عشرة...!! بفضله ومنه وكرمه..!! ولست أدري لماذا أجد نفسي (مرغماً) على تسجيل (صفحات مشرقة) سطرها (صديقي) في ذاكرتي خلال أسفارنا المتلاحقة..!!

إن أول سطر في أول (صفحة) أن (أستاذي) أحق أخ لي..!! ببقاء مودتي..!! حيث قيل..!! (أي الإخوان أحق ببقاء المودة..؟ قيل: الوافر في دينه...!! الوافي في عقله..!! الذي لا يملك على القرب..!! ولا ينساك رغم البعد...!! إذا دنوت منه داناك..!! وإذا بعدت عنه راعاك)..!!

ألتمس منك المعذرة أيها القارئ... حيث إننا لم نعتد الحديث عن أصدقائنا الآباء..!! لا سيما في حياتهم..!! لكن بشاشته التي تسع من حوله..!! وبٍشره المستديم..!! الذي يمتد حتى بعيد... بعيد...!! وحسن خلقه الذي يصلح أن يكون (مادة) في مدرسة..!! و(حزمه) الذي يمنع نفسك أن (توسوس) لك بحضرته..!!

ضحوك.. بسن أن نطقوا بخير..!!

وعند الشر مطراق (عبوس)...!!

كل ذلك، وغيره.. يدفعني للحديث عن هذا الصديق الوفي..!! الذي علت همته..!! فلا توقف مسيرته صغائر الأمور...!! وشرفت نفسه فلم يعد يلتفت إلا إلى ما (شرف) من عزائم الأمور..!!

رِفقته في الحرم.. عبادة في وقتها.. لا عسر فيها..!! مجاورته في (الفندق) مدرسة خالية من الواجبات..!! تضمن النجاح فيها...!!

مصاحبته في جولة... (متعة) لا شك فيها..!! مجالسته على شاطئ (جدة) سياحة (لا ذنب فيها)..!! تذكرت ما قاله إبراهيم الأطرش - وصديقي الوالد (يشيح) بوجهه عن شباب، جيران لنا على الشاطئ.. (متمتماً).. (الله يصلحهم) - عندما كان معروف الكرخي قاعداً يوماً على الدجلة ببغداد.. فمر بنا صبيان في زورق، يضربون الملاهي..!! ويعبثون..!! فقال له أصحابه.. أما ترى هؤلاء يعصون الله تعالى على هذا الماء..!!؟ فادعُ عليهم..!! فرفع يده إلى السماء وقال: (إلهي وسيدي..!! كما فرحتهم في الدنيا.. أسألك أن تفرحهم في الآخرة..!!) فقال له أصحابه: إنا سألناك أن تدعو عليهم..!! ولم نقل ادع لهم..!! فقال: (إن فرحهم الله في الآخرة..!! تاب عليهم في الدنيا..!! ولم يضركم ذلك...!!).

تلك مدرسة (صديقي) التي تخرج فيها..!! وها أنا (أتهجى) عليكم بعض أسطرها..!! من صفحتها الأولى..!!

لقد جاء في سطرها الأول: أن والدي كان كثيرا الاستشهاد بمن سبقونا..!! من الآباء والأجداد..!! كان يحكي عنهم عزة النفس..!! والثقة بالله..!! والصبر على الفضيلة..!! وكأني به يقول:

موت التقي.. حياة لا نفاد لها..!!
قد مات قوم..!! وهم في الناس أحياء..!!

وجاء في سطرها الثاني - عندما يروي عن أيام خلت (كان كثيرا ما يفعل ذلك..!!) - ألا يأس مع حرارة الشباب..!! ولا فشل مع إرادة جازمة..!! فمن الذي ولد وفي يده قطعة (مرمر)..!! ومن الذي (قضى) ورحل عنا.. وفي كفه شيك (مذهب) محول على الآخرة...!!

وجاء في سطرها الثالث.. ما لنا نتحد في البداية والنهاية..!! كما قال الرافعي.. ثم نختلف في الوسط.. ؟ لقد بدأنا جميعا من طريق الله..!! وننتهي جميعاً من طريق الله..!! ولكن الوسط (مدرجة) بيوتنا ومصانعنا وحوانيتنا..!! (وقش) أكواخنا..!! وشعر خيامنا..!! إنه طريق بعضنا إلى بعض..!! فلماذا لا نمهد لبعضنا سبيل المودة والأخوة والزيارة والتآلف..!!؟؟

وقرأت في سطرها الرابع - وأنا ما زلت (أتهجى) - طيلة مسيرتي (التي أدعو الله أن تطول) مع والدي، أن هؤلاء (الكبار) عملة نادرة...!! سعر صرفها في ازدياد..!! يغمرونك بعطفهم؛ عندما تظلم مسالك الحياة أمامك..!! ويبذلون لك النصيحة.. عندما تحيد بك (مركبة الحياة)..!! ويردون لك الصاع (صاعين) عندما تصلهم بحبل المودة..!! يعطونك..!! ولا يسألونك..!!

تراه إذا جئته متهللاً
كأنك تعطيه ما أنت سائله..!!

وقرأت في سطرها الخامس، حروفاً من ذهب شُكلت (بحركات) من فضة: أن من تدين لهم بالفضل في حياتك، هم رأس مالك..!! وعيالك..!! فإن كانوا بالنسبة لك أيها القارئ العزيز كثرٌ..!! فأنا قد أحصيتهم عدداً..!! فلم يجتازوا ثلاثة..!! والدان.. ووالدة..!! أمد الله في عمرهم - على طاعته - جميعاً..!! أولهم أبي وصديقي وأستاذي...!! الشيخ عبدالرحمن الطويل.. وأما الثاني فهو والدي ومعلمي وسندي بعد الله تعالى سمو الأمير عبدالعزيز بن فهد الفيصل..!! وأما الثالثة فهي الغالية.. السامية.. البلسم الشافي...!! والدتي سارة بنت محمد الجهيمي.. ولا أزيد على وصف هؤلاء غير ما قيل:

وقرأت أوصاف المروءة والسير
فظننتها شيئاً تلاشى واندثر..!!
أو أنها (كالغول) ليس له أثر
فإذا المروءة في رجال بلادي..!!

فإذا المروءة في نساء بلادي...!! أمي.. ثم أمي... ثم أمي..!!

وجاء في بعض أسطر مدرسة الوالد ما نصه: إذا أردت أن تعيش (عزيزاً) فلتكن شامخاً كذلك الجبل (المتمرد) (الباذخ) (الأشم)... الذي لا تلحق به العاصفة - أي عاصفة - أي سوء..!! وليكن ظاهرك مع الدنيا..!! ولكن باطنك ملتحق بالآخرة..!! ذلك أن خير العيش ما أدركه المرء بصبره وكده..!! عبر عزيمة حرة.. وقوة نفس تعين - أحياناً - على شرب جرعة الصبر... المرة..!! ولن يتأتى لك ذلك، إلا إذا حزمت أمرك وانتظم الإيمان شؤون حياتك كلها..!! وجاء فيها أيضا - وأنا أطيل النظر في وجه والدي - فإذا بي أستبين من سحنته الواضحة البسيطة.. القريبة إلى القلب.. أوصاف الحزم الهادئ.. والتسامي الذي يقوم على النفس الطيبة..!! والضمير الحي الذي يضيء من الداخل..!!

كما جاء فيها - وأنا أستجلي علاقاته (وما أكثرها) وصلة رحمه للجميع (وما أجملها) - أنه كلما مسه الأذى من رفيع أو سقيط... من قريب أو بعيد..!! إلا أحسن إلى الفضيلة ذاتها.. وذلك بنسيان من أساء إليه..!! وقرأت في علاقته (مع الدنيا)، أنه وإياها خصمان...!! لكنها لم تقهره في حالة الشدة.. ولم تغره في حالة الرخاء..!! حيث لم تكن له (أملاً) وحيداً؛ لذلك لم (يقع) في حبها..!! بل قهرها هو لأنها برغم إقبالها عليه؛ وملاحقتها له.. لم تظفر به...!! بل ظفر بها أبناؤه وبناته وأقاربه والمساكين من حوله في حياته...!! أمد الله فيها على طاعته..!!

وإذا الليالي ساعفته لا يضل ولا يتيه..!!

وإذا تحرق حاسدوه بكى ورق لحاسديه..!!

كالورد ينفح بالشذى حتى أنوف (سارقيه)..!!

تلك بعض الكلمات المضيئة في أسطر معدودة.. في صفحة من صفحات مدرسة والدي التي نشأت فيها.. وأسال الله أن يمد في عمره ووالدتي.. حتى أكمل تعليمي وأتخرج في كلية الحياة..!! فيا إلهنا.. وخالقنا، ورازقنا، ارزقنا رضا الوالدين..!! وبر الوالدين..!! وطاعة الوالدين..!! فإنهم كنز الحياة الباقي..!! ومعين المحبة الصافي..!! والسبيل إلى جنات النعيم..!! ذلك أن جنة الحياة الآخرة تحت أقدام الأمهات..!! أما جنة الحياة الدنيا فهي تحت أقدام الآباء..!! لا في حساباتهم أو جيوبهم..!! تلك نصيحتي لنفسي أولاً..!! ولزوجتي الغالية ثانياً.. ولإخواني الشباب والشابات في مملكتنا الحبيبة ثالثاً..!! حيث:

لا عز إلا بالشباب الراقي..!!
الناهض العزمات والأخلاق..!!
الثائر المتفجر الدفاق..!!
لولاه لم تشمخ جبال بلادي..!!

حفظ الله لنا آباءنا.. وأمهاتنا.. وأصلح الله شبابنا وشاباتنا.. والله المستعان...




نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved