Al Jazirah NewsPaper Wednesday  27/12/2006G Issue 12508الاقتصاديةالاربعاء 07 ذو الحجة 1427 هـ  27 ديسمبر2006 م   العدد  12508
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

المجتمـع

فـن

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

هل ستحفظ اللائحة الجديدة
ما تبقى من أموال المساهمين في الصناديق؟

د. حسن الشقطي*
صدرت مساء أمس الأول اللائحة الجديدة لصناديق الاستثمار، وهي ليست الجديدة، بل نستطيع أن نقول الأولى، لأن الصناديق لم تكن تعمل بشكل منظم في ظل نظامها القديم. تصدر هذه اللائحة في ظل الإخفاقات المتتالية التي ألمَّت بصناديق الاستثمار منذ بداية أزمة التصحيح في سوق الأسهم المحلي، ومن اللافت للنظر أن هذه الإخفاقات لم تصب كافة أنواع صناديق الاستثمار، لكنها أصابت جوهرياً صناديق الاستثمار العاملة في الأسهم المحلية، وهو الأمر الذي أثار الكثير من الشكوك حول كيف يُمكن لمثل هذه الصناديق التي تمتلك الكفاءات والخبرات المتخصصة، وتمتلك أيضاً الأحجام الكبيرة لرؤوس الأموال، أن تلحق بها مثل هذه المعدلات الكبيرة من الخسائر.. التي فاقت في بعض الأحيان خسائر صغار المستثمرين في السوق؟ بالطبع لقد أُثير كثير من النقاش حول مدى كفاءة مديري هذه الصناديق وحول النظم والتشريعات التي تحكم إدارتهم لأصولها... فضلاً عن ضبابية الصورة لكل ما يتعلَّق بالمعلومات عن هذه الصورة أمام المساهمين فيها، وفي هذا السياق.. من الهام السعي للإجابة على تساؤل رئيس: هل بمقدور اللائحة الجديدة الحفاظ على البقية المتبقية من أموال المساهمين في هذه الصناديق بعد ما مُنيت به من خسائر فاقت كل التّصورات؟
صندوق الاستثمار
مجرد وسيط مالي يقوم بتجميع الأموال من مجموعة من المستثمرين واستثمارها بشكل يتفق مع هدف محدد سلفاً.. ولكل صندوق استثماري مدير يكون هو المسئول عن جمع الأموال واستثمارها في قنوات استثمارية خاصة ومحددة سلفاً.. في الغالب تكون الأسهم أو السندات، كما يُمكن تعريف صندوق الاستثمار بأنه كيان تنظيمي يُؤسس ويُدار من خلال مؤسسات مستقلة في الغالب تكون بنوكاً أو شركات مالية متخصصة، تهدف إلى زيادة أو تنمية رأس المال من خلال الاستثمار في أدوات مالية معينة.
صناديق الاستثمار تجربة عالمية
صناديق الاستثمار ليست حديثة العهد، وإنما بدأت رسمياً مع إنشاء أول صندوق استثماري في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1924م، واستمر نمو الصناديق في التزايد في كثير من دول العالم بسرعة كبيرة حتى وصل عددها في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها إلى حوالي 10 آلاف صندوق بإجمالي أصول يفوق نحو 9.3 تريليونات دولار في نهاية شهر يوليو من هذا العام، ليصل عدد المستثمرين فيها ما يزيد عن 83 مليون مستثمر.
الصناديق الأمريكية تجاوزت أزمة انهيار الأسهم
جدير بالملاحظة أن صناديق الاستثمار الأمريكية استطاعت تجاوز أزمة انهيار مؤشر ناسداك لسوق الأسهم الأمريكي بقدرة فائقة، حيث إنه رغم انهيار المؤشر بحوالي 62% خلال كامل فترة التصحيح، فإن صناديق الاستثمار تمكنت من التماسك والارتداد السريع بعد فترة انخفاض أصابتها لفترة لم تتجاوز شهوراً قليلة، حيث إن خسائرها لم تتجاوز الـ 15% تقريباً، تلاها ارتداد قوي عوّضت خلاله كافة خسائرها، بل وعاودت تحقيق أرباح جديدة للمساهمين فيها، وتحقق الصناديق الأمريكية نمواً في إجمالي أصولها بمعدل يبلغ 25% سنوياً.
كيف يُمكن تفسير الخسائر الكبيرة
في الصناديق المحلية؟
حسب آخر تقييم لصناديق الأسهم المحلية في 23 ديسمبر الماضي، فإن الـ 27 صندوقاً العاملة في الأسهم المحلية أحرزت منذ بداية العام انخفاضاً بنسبة 48.6%، وهي نسبة تكاد تقترب من نسبة انخفاض مؤشر سوق الأسهم السعودي، التي بلغت منذ بداية العام وحتى إغلاق الاثنين الماضي نسبة 53%. أي أن الصناديق خسرت كما يخسر عوام المستثمرين في السوق، بل إنه من المعروف أن نسبة من المستثمرين قد تمكَّنت من تحقيق أرباح نتيجة احترافها الدخول والخروج من السوق مع كل ارتداد وانكسار... فما هي أسباب عدم تمكُّن صناديق الأسهم؟ لا نقول تحقيق أرباح خلال الأزمة، لكن على الأقل الخروج بقدر من الخسائر يتناسب مع ما تمتلك من سمات المحفظة الكبيرة والخبرات والكفاءات المتخصصة، وهما عنصرا النجاح في سوق الأسهم؟ بالطبع هذه الخسائر نجمت عن عدم تنظيم وغياب تقنيني وانتقاص إداري، وما هو أهم عدم وجود آلية واضحة لمحاسبة وحوكمة مديري هذه الصناديق الذين يستثمر ويدير كل منهم محفظة تنطوي على بضعة مليارات أو أقل... وكل ذلك نتيجة غياب اللائحة المنظمة لكثير من الجوانب المرتبطة بالصناديق.
تجربة الصناديق في المملكة
تشير بعض الدراسات إلى أن عناصر نجاح واستقرار أداء صناديق الاستثمار تتمثَّل فيما يلي:
1- صياغة القواعد والتشريعات المنظمة لعمل وتشغيل الصناديق.
2- خلق وإيجاد نظام فعَّال للمحاسبة والرقابة على مديري الصناديق.
3- الشفافية والإفصاح عن عمل وطرق تشغيل الصناديق.
4- الفصل بين الجهة المصدرة للصندوق وبين الشركة التي تديره.
5- مشاركة الجهات المصدرة في الصناديق في رأس ماله، وتأسيس الصناديق على شكل شركة مساهمة تقوم فيه الجهة المصدرة بدور المؤسس.
ولعل كثير من هذه العناصر تُعتبر غائبة في السوق المحلي.. فهل اللائحة الجديدة ستعالج أوجه القصور؟ وهل ستتمكَّن من استقرار وتنمية أداء الصناديق المحلية؟ نتناول فيما يلي قراءة سريعة لبعض مواد ونصوص اللائحة الجديدة:
أولاً: متطلبات الطرح العام:
نصت هذه المتطلبات في المادة (5) على إمكانية أن يتم التقديم لطلب طرح وحدات في صندوق استثماري بشرط أن يكون مقدم الطلب شخصاً مرخصاً له من الهيئة لممارسة أعمال الإدارة، وهذا النص لم يحدد ما هي أعمال الإدارة؟ يعني هل سيسمح لكافة الشركات التي يدخل في نشاطها أعمال الإدارة إمكانية طرح صناديق استثمارية؟.. وينبغي التأكيد على أن كثيراً من الدول تنص على ضرورة أن يكون مقدم الطلب جهة مستقلة من تلك المتخصصة في المال وإدارة الأصول، مثل البنوك وشركات الأموال أو مؤسسات إدارة الاستثمار والأصول، فضلاً عن أن متطلبات الطرح لم تنص على شكل تأسيس شركة الصندوق، وهي من الأمور الهامة للغاية، حيث إن كثيراً من الدول تأخذ باشتراط ضرورة أن يتم تأسيس هذه الشركة في شكل شركة مساهمة.. فضلاً عن ذلك، فقد أخذت اللائحة الجديدة بمفهوم مدير الصندوق وليس بمفهوم شركة إدارة الصندوق!!
ثانياً: حوكمة مديري ومجالس إدارة الصناديق:
نصت المادة (29) على ضرورة أن يشرف على كل صندوق مجلس إدارة معين من قِبل مدير الصندوق بعد الحصول على موافقة الهيئة.. وهنا يحتمل حدوث الأخطاء الشائعة في حوكمة مجالس الإدارة، حيث كون مدير الصندوق هو من سيختار أعضاء مجلس إدارة الصندوق الذي يديره، فإنه لا يتوقع أن يتمكن أعضاء هذا المجلس من فرض الرقابة وتنفيذ المحاسبة المطلوبة على أداء من يقوم في الحقيقة بتحديد مكافآتهم والمزايا الأخرى التي يحصلون عليها.. لذا نأمل أن يتم في التطبيق العملي تنفيذ بعض المبادئ الفاعلة في حوكمة الشركات على نص هذه المادة بما يضمن حوكمة هذه المجالس التي ستتحكم في المليارات من أموال المساهمين في هذه الصناديق.
ثالثاً: الإفصاح والشفافية في الصناديق:
نصّت المادة (12) في الباب الثالث للإفصاح في الفقرة (أ) على ضرورة أن يقدم مدير الصندوق تقارير لمالكي الوحدات كل ثلاثة شهور تتضمن (صافي قيمة أصول وحدات الصندوق، وعدد الوحدات التي يمتلكها المشترك، وسجل صفقاته)، كما نصَّت في الفقرة (ب) على ضرورة أن ينشر مدير الصندوق معلومات أسبوعية عن الصندوق بالشكل الذي تحدده الهيئة.. وهنا الأمر غير واضح في مدى إفصاح الصندوق عن أصوله واستثماراته، يعني في النهاية قد نصل لوضع لا يعلم فيه المشارك في الصندوق فيم يستثمر هذا الصندوق.. وكيف تتوزع أصوله على الأسهم في السوق، وماذا يبيع وماذا يشتري؟.. الأمر الذي يفرط أيدي مديري الصناديق في التصرف كما يشاؤون لن يكون معلناً ماذا يفعلون، وهنا يصبح المساهمون في الصناديق مثلهم مثل المودعين في الودائع الادخارية في البنوك، هم يودعون أموالهم ولا دخل لهم بما تفعله أو بالشكل الذي تستثمر به البنوك ودائعهم، والبنوك لديها الحق في ذلك، لكن بالطبع صناديق الاستثمار ليس لها الحق في التصرف بدون الإعلان التفصيلي عن استثماراتها.. فضلاً عن أن الفقرة (ج) لم تحدد شكل القوائم المالية المراجعة التي يجب إلزام مديري الصناديق بتقديمها لمالكي الوحدات.. أما الفقرة (د) فإنها أعطت لمديري الصناديق الحق في عدم نشر القوائم المالية للصندوق في الصحف، وهو أمرٌ أيضاً يجب إعادة النظر فيه.. أما المادة (14) في الفقرة (ح) فإنها أجازت أن تتضمن إعلانات صندوق الاستثمار قائمة بجميع الاستثمارات في محفظة الصندوق، ثم أعقبتها بإجازة قائمة باستثمارات مختارة، وهنا فإنها تركت الباب مفتوحاً أمام مديري الصناديق لاختيار قائمة بالاستثمارات التي يرغبون في الإعلان عنها للمشتركين في الصندوق.
رابعاً: رسوم الخدمات الإدارية والحفظ والأخرى:
نصت المادة (20) على ضرورة أن لا تزيد أي رسوم أو عمولات أو أتعاب يتم دفعها لأي صندوق على تلك التي يتم دفعها لأطراف أخرى مقابل تقديم خدمات مماثلة في ظروف مماثلة، وهنا غير واضح ما هي تلك الخدمات الأخرى؟ هل تشير إلى الخدمات داخل المملكة فقط، وإذا كانت كذلك فإن هذا النص قد ترك الباب مفتوحاً أيضاً لإمكانية تكتل كافة مديري الصناديق في الداخل ومن ثم فرضهم للرسوم والأتعاب التي يرغبون بها، بل إمكانية زياداتها في أي وقت من خلال الاتفاق فيما بينهم.
خامساً: قيود الاستثمار:
نصت المادة (39) بالفقرة (هـ-2) على أنه يجوز لمدير الصندوق أن يستثمر أكثر من 10% من صافي أصول الصندوق في أسهم أي شركة مساهمة على ألا تتجاوز نسبة القيمة السوقية للشركة إلى إجمالي القيمة السوقية للسوق، وهو الأمر الذي أعطى لأي صندوق إمكانية أن يصبح صانعاً للسوق.. فمثلاً أجاز النص لصندوق (س) قيمة أصوله 60 مليار ريال أن يمتلك ما قيمته 58 ملياراً في شركة سابك، طالما أن ما يمتلكه لا يزيد على نسبة 22% وهي نسبة مساهمة سابك في إجمالي السوق.. وهنا يمكن لنا أن نتصوَّر خلق صندوق صانع للسوق، لأنه سيتحكَّم إجمالاً فيما يُعادل حوالي 5% من إجمالي السوق.. وإذا كان هذا هو حصيلة صندوق واحد، فما بالنا بحصيلة عدد أو تكتل من هذه الصناديق.
سادساً: طرح الوحدات واستردادها:
نصت المادة (46) بالفقرة (ب) على أن يتم بيع الوحدات واستردادها خلال يومي تعامل على الأقل في كل أسبوع، وهو ما لم يخرج كثيراً عن النظام الحالي الذي يتسبب في معاناة الكثير من المستثمرين في الصناديق.. لكن ينبغي القول بأن هذه اللائحة الجديدة للصناديق تحتاج مزيداً من الوقت والجهد لقراءتها قراءة شاملة ومتأنية.. إلا أنه ينبغي التنبيه إلى أن دور هيئة السوق المالية يُعتبر رئيساً وجوهرياً في تحديد مدى قدرة ونجاح هذه اللائحة في ضبط وحوكمة صناديق الاستثمار خلال الفترة المقبلة، وبخاصة أن معظم النصوص والتشريعات أعطت للهيئة حقوقاً واسعة في تطبيق نصوص مشددة أو تقديم استثناءات منها. إن نجاح تطبيق هذه اللائحة الجديدة سيمتد أثره إلى استقرار سوق الأسهم، لأن كثيراً من المواد والنصوص تُبدي نوعاً من رؤية صنَّاع سوق جدد يتمثَّلون في تلك الصناديق.

* محلل اقتصادي ومالي

Hassan14369@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved