Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/04/2008 G Issue 12969
الثلاثاء 24 ربيع الأول 1429   العدد  12969
أضواء
المكاشفة الملحة
جاسر عبدالعزيز الجاسر

من أهم الإيجابيات التي حققتها القمة العربية العشرين التي عُقدت في دمشق أخيراً، هو الموقف الواضح والصريح للدول التي خفَّفت مستوى تمثيل رؤوساء وفودها، في خطوة عدَّت عملاً تصحيحياً وتخلياً عن الأسلوب السابق الذي يعتمد (المجاملات) ودفن الخلافات تحت ستار الابتسامات التي تخفي غضباً مستعراً بسب انحراف بوصلة بعض الأنظمة العربية إلى خارج حدود الوطن العربي وربط مصلحة النظام - وليس (مصلحة القطر الذي يحكمه- بمصلحة ذلك النظام.

الأدهى من ذلك أن هذا النظام العربي أو ذاك (تطوع) ليقوم بمهمة تسهيل وتمكين النظام الأجنبي (حليفه) من اختراق المنظومة العربية، فأصبح لذلك النظام -ولا نقول الشعب- نفوذ وحضور في المناسبات العربية القومية الرسمية.

بالروح التي تعاملت بها الدول التي خفَّفت تمثيل رؤساء وفودها إلى قمة دمشق، نتساءل مثلما تتساءل معنا العديد من المراقبين عن دلالات حضور وزير خارجية إيران لقمة دمشق وبدعوة رسمية من النظام...؟!!

هل هو تأكيد على قوة التنسيق السوري الإيراني واختراق آخر لمنظومة العمل العربي؟

الدلالة تؤكد وتثبت بوضوح بأن هناك تفضيلاً على العلاقة التي أصبحت عضوية بين النظامين في طهران ودمشق، وهذا شيء مكشوف جداً، فالزيارات المتكررة والتنسيق المستمر بين إيران وسوريا شيء واضح للعيان، وسوريا لا تنكر هذه العلاقة الخاصة التي انعكست سلباً على النسيج العربي في لبنان والعراق، وعلى العلاقات بين الفصائل الفلسطينية.

إذن النظام السوري يرى أن من مصلحته ربط مصيره بالنظام الإيراني، لأن كلاهما مهددان من الغرب ومن أمريكا بالتحديد، ويجدان أنهما برفع مستوى التنسيق بينهما والالتحام مصيرياً، وهو ما يعد في نظر دمشق وطهران مصلحة مشتركة يجب التشبث بها.

في حين ترى الدول العربية الأخرى وبالذات التي خفَّفت تمثيلها في القمة أن ذلك يؤثر سلباً على العمل العربي المشترك، لأن دمشق تضطر في كثير من المواقف للسير في ركاب مصلحة النظام الإيراني حتى وإن تقاطعت مع المصلحة العربية كما هو حاصل في لبنان.

من أجل وضع حد لهذه الازدواجية، ومثلما تفعل دمشق بعدم إخفاء علاقتها الاستثنائيه مع طهران، ومثلما كان الموقف العربي الواضح في التشكك من هذه العلاقة، فإنه يجب أن يكون نهج الدبلوماسية العربية في مرحلة ما بعد القمة، هو المكاشفة والشفافية المطلقة والحديث بكل وضوح مع دمشق وطهران على حد سواء عن هذه المعضلة التي قد تعصف إن هي لم تقصف بعد بالعلاقات العربية - العربية، وبالعلاقات العربية - الإيرانية.

لتكن مصارحة ومكاشفة عن المواقف الإيرانية وتدخلاتها في الشؤون العربية بدءاً بالعراق ومروراً بلبنان والمنظمات الفلسطينية والمحاولات غير الخافية في دول الخليج، أن يكون الحديث واضحاً دون لبس..

ماذا تريد إيران... وماذا يريد العرب، بعيداً عن مجاملات وابتسامات لم تعد تخفي الكم الهائل من الخلافات.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد