Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/06/2008 G Issue 13055
الخميس 22 جمادىالآخرة 1429   العدد  13055
شيء من
جامعة الملك سعود والريادة
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

يكاد يتفق الجميع أن ما قام به مدير جامعة الملك سعود الجديد الدكتور عبدالله العثمان، منذ أن تم تعيينه في هذا المنصب وحتى الآن، يعتبر بكل المقاييس إنجازاً لا يمكن لأي راصد موضوعي إلا أن يتوقف عنده بإعجاب. وفي رأيي أن أهم ما أنجزه المدير الجديد والمتميز كان تفعيل فكرة الأوقاف التعليمية، في خطوة مهمة ومفصلية تهدف إلى تحرير (أم الجامعات) في المملكة من قيود البيروقراطية المالية الحكومية، وخلق موارد مستقلة للجامعة على غرار الجامعات العالمية العريقة، والذي يعتبر (الوقف) ممولها الرئيس.

وتاريخ الوقف مرتبط ارتباطاً كاملاً بتاريخ المسجد، على اعتبار أنه المؤسسة التعليمية الأولى في تاريخ الإسلام. فقد كانت الأوقاف التي توقف على المساجد يعود جزء كبير من ربوعها إلى التعليم، حيث لم يكن المسجد مقراً للعبادة فحسب، وإنما دار تعليمية تكتظ بحلقات العلماء وطلبة العلم. وقد تطرق ابن خلدون في (المقدمة) إلى النهضة التعليمية التي كانت تزخر بها حواضر العالم الإسلامية في عصره.

وأشار إلى أن الذي جذر ذلك هو ما حدث في القرنين اللذين سبقا زمان ابن خلدون، وبالذات زمن صلاح الدين الأيوبي، الذي أوقف مزارع وبيوتاً وحوانيت على المدارس. وكانت مصر هي الرائدة في هذه الأوقاف وتنظيمها وعندما قفز عبدالناصر إلى الحكم خرب من ضمن ما خرب هذه الأوقاف، وألغى استغلالها، وأحال التعليم إلى مؤسسات بيروقراطية تابعة للجهاز الحكومي. وانتقلت العدوى إلى أغلب البلدان العربية، فتحولت الجامعات إلى مدارس، لا تختلف كثيراً عن المدارس الثانوية على أحسن تقدير.

وما من شك أن هناك توجهاً قوياً لدى السعوديين للمساهمة في أعمال البر والإحسان. هذا ما تشهده مدن المملكة وقراها من حركة لا تهدأ في بناء المساجد مثلاً غير أن الذي يجب أن نتنبه إليه أن دور المسجد اليوم لم يعد كدوره بالأمس، إذ إن التعليم لم تعد تضطلع به المساجد كما كان عليه الأمر في السابق، فقد أصبحت مؤسسات التعليم (المدارس، المعاهد، الجامعات) إحدى المظاهر الرئيسة للدولة المعاصرة. والذي ينتظر من خطباء المساجد، والفقهاء، ومن يضطلع بمهمة توثيق الأوقاف والوصايا لدينا أن يقوموا بالدفع نحو إحياء (الوقف على التعليم) من جديد، من خلال حث الناس على الإسهام في هذه الأعمال الخيرية التي سيكون انعكاسها كبيراً على تنمية الإنسان.

ولعل هذه المهمة على وجه التحديد مناطة في الدرجة الأولى بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، على اعتبار أنها الجهة الرسمية المسؤولة عن الأوقاف، وفي الوقت ذاته عن توجيه نظر خطباء الجمع إلى بعض القضايا التي يجب أن يتطرقوا إليها في خطبهم.

فقط أريدك أن تتصور لو أن الأموال (الهائلة) التي أنفقها طلاب الأجر والثواب من السعوديين على (الجهاد) في أفغانستان والشيشان، وارتدت علينا كمصادر تمويل للإرهاب، صرفت في هذه المصارف التنموية، هل سيصل (البحث العلمي) في جامعاتنا -مثلاً- إلى هذا الوضع المزري الذي هو عليه الآن، وهل ستتحول هذه الدور الأكاديمية إلى مجرد (مدارس) يلقن فيها (معلمون) طلبتهم مثل أية مدرسة ثانوية؟ إلى اللقاء.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد