Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/08/2008 G Issue 13100
الأحد 09 شعبان 1429   العدد  13100
اختبار القدرات... وفرص الطالبات
د. عبد الملك بن إبراهيم الجندل

في هذا العام وللمرة الأولى اشترط اختبار القبول للتخصصات النظرية والعلمية لالتحاق الطالبة في الجامعات الحكومية، وذلك بعد أن تم تطبيقه منذ عدة سنوات على الطلاب، ويستحوذ ذلك الاختبار على ما نسبته 30% فأكثر من المعدل العام للطالبة.

وتختلف النسبة تبعا للجامعة والتخصص، ويشرف ويطبق تلك الاختبارات المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالى.

والملاحظ أن تطبيقه على الطالبات شابه أوجه قصور كبيرة، جعلت الكثير من الطالبات تسقط من أعلى السلم، وتتهم نفسها بعدم القدرة العلمية، وذلك بسبب إخفاقها أو انخفاض درجاتها في ما يسمى (اختبار القبول).

وهذا القصور جاء من عدة جوانب:

الأول: عدم تهيئة الطالبات نفسيا، وتدريبهن عمليا، على اسلوب هذا الاختبار الجديد.

الثاني: للطالبة فرصة واحدة - فقط لا غير - فإما أن تصعد أو تهبط أو بينهما

وسيكون محور الحديث حول ما اصاب الطالبات من هضم لحقوقهن من عدم إعطائهن الفرصة لإعادة اختبار القبول مرة ثانية وثالثة ورابعة أسوة بالطلاب الذكور، ومن هنا فالطالبة تقول: تعب عشر سنوات، أعقبها سنتان لا أذوق طعم النوم فيها إلا قليلا، حرمت نفسي من أشياء كثيرة، من أجل مستقبلي يضيع ذلك في ساعات معدودة، عقب عثرة واحدة؟ وبالمقابل يقول الطالب: الحمد لله اكتفيت بثلاث مرات في (اختبار القبول)، وقلت الرابعة ليس لها داع، فقد حصلت على نسبة مرتفعة.

فتلك (الفرصة الوحيدة) خلفت آثارا نفسية لايمكن علاجها وتداركها، فكم من فتاة انهارت، وكم من فتاة ناحت، والمشكلة لاتكمن فقط في عدم القبول أو الدخول إلى بوابة الجامعة، بل تتركز في عدم الالتحاق بالقسم الذي تتمناه الطالبة التي سهرت الليالي سابقا من أجله وحققت فيه المعدلات المرتفعة في الشهادة الثانوية، على مدى سنتين متتاليتين بعد نظام النسبة الموزونة للشهادة الثانوية. وتلك المشكلة لن يشعر بها إلا من كانت له بنت مجتهدة وتطمح في مستقبل أفضل بناء على ما قدمته في مجال التعلم، ثم تمر بتجربة عسيرة قاسية بخرت أحلام تلك الوردة فأصبحت سرابا خلال دقائق معدودة لم تستطع الفتاة ضبط أعصابها وتركيز انتباهها لأنها ترى مستقبلها وتتخيل نفسها بعد تخرجها من الجامعة عبر تلك الورقة ذات الدوائر الكثيرة (شختك بختك)، فكيف سيكون الشعور والتركيز والإجابة ومن ثم النتيجة.

ولتعدد الفرص وتكرار الموقف دور كبير في الاستقرار النفسي، ومن ثم الإجابة الصحيحة، ويتضح ذلك في حصول الطالبة على درجة مرتفعة في الدورات التأهيلية (على حسابها الخاص)، وفي إجاباتها عبر موقع المركز في الانترنت، ولكن عندما تحين ساعة الصفر، وتكون في القاعة وتحت عين الرقيب، مع حس مرهف وعاطفة جياشة، تضطرب الفتاة نفسيا، وتتجلى الصورة أكثر بين نتيجة الطالب الأولى والأخيرة في اختبار القبول، وأذكر كذلك في اختبار الحصول على رخصة القيادة، وعندما كان المختبر يجلس بجوار من يختبره يؤشر يمينا وهو سينعطف يسارا، أو يضغط (دواسة البنزين) وهو يريد (دواسة الفرامل) وكل ذلك أمر نفسي، ومع ذلك يعطي فرصة أخرى تكون نفسيته تعودت على الوضع، وهو رجل كبير.

فرصة.. في سنوات الدراسة يعطي الطالب الفرصة إذا أخفق، بل وفي نظام التقويم المستمر تستمر الفرصة مفتوحة في أي وقت خلال العام الدراسي لتدارك ما لم يجتزه من مهارات.

فرصة.. يعطى الطالب الراغب في الالتحاق بالجامعة أربع فرص للدخول في اختبار القبول، فما عليه إلا أن يدفع (100) مائة ريال، ويحصل على فرصة.

فرصة.. في لعبة (السلم والثعبان) عندما يوشك اللاعب على الفوز، قد يلتقمه الثعبان لينزله إلى المراتب الأولية بداية اللعبة، ومع ذلك فما زالت الفرصة أمام اللاعب للفوز.

آخر فرصة.. في عرض البحر تم إلقاء ركاب السفينة في البحر، فمن استطاع السباحة سيصل إلى الشاطئ، ومن لم يستطع فعليه السلام، فالغرق في انتظاره، وهذا ما حصل لبناتنا الطالبات في اختبار القبول، فليس لديهن إلا فرصة واحدة، إما النجاة أو الغرق.

ختاما.. لو كان الإخفاق في اختبارات الثانوية، لكان الأمر طبيعيا، لعدم الاجتهاد، ولكن تحقق الطالبة أعلى الدرجات خلال عامين، وتخفق خلال ساعتين!! ويزداد الغبن عندما يعطى الطالب أربع فرص، والطالبة فرصة واحدة يضيع خلالها مستقبلها، كما نتمنى تعديل الوضع في السنوات القادمة، حتى لا يكون فيه مزيد من الضحايا، وأن يكتفى بسنة واحدة من الضحايا.













aljndl@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد