Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/09/2008 G Issue 13137
الثلاثاء 16 رمضان 1429   العدد  13137

رأيان لداهيتين
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

 

لو سألت كل من رزقه الله بنتاً أو بناتاً سواء رزق معهن ذرية ذكوراً أم لم يرزق عن رأيه بالبنات لقال: وهل هذا يحتاج سؤالاً؟

البنت هي الأم والأخت والعمة والخالة، فحبها لا شك فيه، وهو كحب الولد.

الأغلبية الساحقة ولله الحمد وخصوصاً في مجتمعنا صادقة في هذا القول بإذن الله، لكن هناك من لا يرى هذا الرأي وإن لم يصرح به.

من خلال حوار قصير جداً بين داهيتين من دهاة العرب والمسلمين هما معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهما، أرى رأيين في البنات (نساء الغد) وأعلق عليه، فإلى الحوار:

دخل عمرو بن العاص على معاوية رضي الله عنهما وعنده ابنته عائشة فقال:

من هذه يا أمير المؤمنين؟

قال: تفاحة القلب. قال: انبذها عنك. قال: ولمَ؟

قال: لأنهن يلدن الأعداء. ويقربن البعداء، ويورثن الضغائن.

فقال: لا تقل ذلك يا عمرو، فوالله ما مرض المرضى، ولا ندب الموتى، ولا أعان على الأحزان مثلهن، ورب ابن أخت قد نفع خاله.

فقال له عمرو: ما أراك إلا حببتهن لي.

إن رأي عمرو بن العاصم لم يأت به من فراغ، فهو يمثل رأياً في المجتمع آنذاك بل وإلى الآن وفيه شيء من الصحة ولا شك، فقد عبر شاعر عربي عن هذا الرأي تماماً بقوله:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

وكذلك رأي الخليفة الداهية معاوية له حقه من الصحة وله ما يسنده من كلام العرب قديماً وحديثاً، كالقائل:

أحب البنات فحب البنات

فرض على كل نفس كريمة

لأن شعيباً لأجل البنات

أخدمه الله موسى كليمه

وهذا الآخر الذي يقول:

أنا ابن العنبرية أزرتني

إزار المكرمات إزار خالي

فإن يكن الغنى مجداً فإني

سأدعو الله بالرزق الحلال

فهو يمدح ويمجد ويخلد ذكر خاله بين الناس وأن إزاره إزار مكرمات.

برأيي المتواضع أن الداهيتين معاوية وعمرو رضي الله عنهما لم يخطئا فيما قالا، وإن كانت هناك قسوة ظاهرة في قول عمرو فهي لا تعني بغضاً أو كرهاً كما في الجاهلية للبنت أو المرأة بل إنه يعدد ما يراه بعض مساوئ النساء في المجتمع العربي.

فهن يلدن الأعداء: وهل تعلم المرأة (البنت بالأمس) أن من ستلده اليوم سيعادي أباها أو قومها في الغد؟؟

وهن يقربن البعداء: فهذه قد تكون حسنة لا سيئة، فقد يقرب للمرء بعيد ويكون خيراً من أقرب قريب له وأنفع!

ويورثن الضغائن: نعم عرف هذا الأمر عند النساء أكثر من الرجال، لكن اللوم الحقيقي ليس على المرأة عندما تتمكن من إحداث الضغائن والأحقاد وتحدث قطيعة بين الرجل وأهله أو قومه أو بين جماعة وجماعة، بل اللوم على الرجل أو الرجال الذين يسمعون ويصدقون كل شاردة وواردة من هنا أو هناك ولا يحكمون العقل ويتبينون الأمور على حقيقتها.

كما أن وقفتي عند قول عمرو بن العاص رضي الله عنه أكثر لا تقلل من أهمية وفضل قول معاوية رضي الله عنه، بل إن محاسن ومكارم النساء والبنات لا تقف عند قول معاوية فقد سبقه بذكر محاسنهن وفضل تربيتهن تربية حسنة خير الخلق ورسول الرحمة محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه في أحاديث كثيرة لا يسع المجال لذكرها كاملة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار).

وقوله عليه أفضل الصلاة والتسليم: (من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجاباً من النار).

وما حبهن وتكريمهن والعطف عليهن وحسن تربيتهن إلا إحسان لهن.

al-boraidi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد