Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/09/2008 G Issue 13137
الثلاثاء 16 رمضان 1429   العدد  13137
صراع أم حوار؟!
د. أحمد الزهراني

في واقعنا مجموعتان.. مجموعة تدّعي الأخذ بزمام الإصلاح الاجتماعي والثقافي.. وترفع لذلك شعارات في غاية الاستفزاز.. وتتجاوز المطالبة بالحقوق المشروعة إلى المطالبة بغير المشروع.. والنتيجة سقوط مشروعها وخسارتها الثقة والدعم من قطاعات عريضة جداً في المجتمع.

في المقابل مجموعة في طرحها شدة وغلو.. تتجاوز رد الباطل إلى الوقوف في وجه حقوق مشروعة خوفاً وخشية مما ليس بمشروع.

في رأيي الشخصي أن كثيراً من الصراع يدور في المكان الخطأ؛ فمدعو الإصلاح لما عجزوا راحوا يستفزون مخالفيهم بالتطاول على ثوابت ما كانوا يحلمون يوماً بالكلام عنها.. عجزوا عن جلب الحقوق الضائعة.. واكتفوا بالطعن في بعض المفردات الشرعية. والغلاة عجزوا عن إسكات أولئك الذين تمتلئ أعمدة الصحف وبرامج القنوات بهم.. فراغموهم بالوقوف في وجه أي مطالبة يتحدثون بها حتى لو كانت مشروعة، من باب الشك في نية المطالبين، لكنهم ظلموا المجتمع؛ إذ وقفوا في وجه كثير من الإصلاحات التي نحن بحاجة إليها تحت لافتة الخوف على الدين والشريعة.

والحقيقة أن الخاسر الوحيد في هذه المعركة هو بقية شرائح المجتمع التي لو ملكت منبراً تتحدث من عليه لقالت للجميع: صَهٍ، فكثير من مدعي الإصلاح وخصومهم هم من عينات اجتماعية تلقى الكثير من المجاملة؛ فصراعهم غالبه فكري تنظيري.. لو أحس هؤلاء بما يحس به الآخرون لكف كثير منهم عن التنظير والتجديف الفكري الذي لا قيمة له ولا هدف إلا الطعن في دين الأمة وهويتها، ولكف كثير من الآخرين أيضاً عن مجرد التنظير الفقهي والإفتاء في الهواء الطلق، ولنزل الجميع إلى الشارع واقترب من الناس في أماكن حاجاتهم في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، في كل مكان سيجدون من المظالم والمشاكل الخاصة والعامة، ومن المآسي والآهات التي تحتاج للعناية بها إلى الاقتراب كثيراً حتى تُرى بلا مكبر ولا مجهر.. وأنا على يقين أن لهم في كل ذلك شغلاً عن صراع المترفين.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد