شهر الصيام موسم عظيم يحمل بين طياته وجنباته معاني إيمانية سامية وأجواء روحانية مباركة وعظيمة ودروس وعبر جليلة وارتقاء بتهذيب النفس وتربيتها على مزيد من الخشية من الله سبحانه وتعالى في السر والعلن.
للصوم دور تربوي فعال يتمثل في (الصبر على الجوع والعطش وحمل النفس على الالتزام بالنظام والانضباط وتنمية المشاعر وتعويدها على ذلك.
قال تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (155) سورة البقرة.
وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) } سورة الزمر.
وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ( (4 } سورة الصف.
والصوم سبيل للتكافل، والتعاون والتراحم والتآلف والتآخي والترابط والمودة والمحبة ومن آثاره الإيجابية أنه يولد الإحساس في النفس البشرية لدى الصائم ويبعث فيه أيضاً مزيداً من الشفقة والرحمة والبذل والعطاء بما تجود به النفس البشرية.
وتفقد أحوال إخوانه من المعوزين والمحرومين من الأيتام والأرامل، والفقراء والمساكين والعجزة والمرضى الذين ضاقت بهم سب الحياة الكريمة والعيش المناسب كالغذاء والسكن والكساء والدواء وغير ذلك من أمور الحياة.
لكي يتحقق لهم الأمن والطمأنينة والاستقرار النفسي والصحي والمعنوي والمادي ومن فضائل هذا الشهر العظيم أن أعماله تتجدد في كل زمان ومكان.
قال تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) } سورة التوبة.
وقال تعالى: { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ } (273) سورة البقرة.
- حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم الصدقة، واعدوا للبلاء الدعاء (الطبراني).
- افضل الناس إيماناً أبسطهم كفاً: (الطحاوي).
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وقال الله تعالى: انفق يا ابن آدم ينفق عليك متفق عليه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً) متفق عليه.
وقال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) سورة الأعراف}.
وقال تعالى: { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) } سورة المائدة.
وقال تعالى: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) } سورة المائدة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي} أخرجه البخاري ومسلم.
ومن فوائد هذا الشهر الكريم أنه يطهر البدن من الأضرار الرديئة ويكسبه صحة وقوة ومن فوائده أيضاً أنه يعرف المرء بنفسه وحاجته وضعفه وفقره لخالقه ويذكره بعظيم نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى.
- الصوم صحة وعافية فقد أثبت الطب قديماً وحديثاً أن الصوم يخلص الجسم من السموم الضارة وينشط الجسم ويزيل كافة الالتهابات والميكروبات. حيث إن تقليل الطعام وضبط مواعيده علاج فعال لكثير من الأمراض العصبية والجلدية والباطنية فقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (صوموا تصحوا) رواه أحمد والطبراني.
ويعتبر الصوم بعد الله حصناً منيعاً من كثير من الجرائم والمفاسد التي ينزلق فيها كثير من الناس بشتى أنواعها وأشكالها حيث يقوم بدور فعال في ارتقاء الأخلاق بين الناس ويكثر التعاون مع بعضهم البعض وإقبالهم على أبواب الخير بشتى صوره.
أخي الكريم شهر رمضان المبارك بين يديك فاحرص كل الحرص على استغلال أيامه ولياليه الفضيلة فيما يرضي خالقك ويقربك إليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- الرياض