Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/10/2008 G Issue 13160
الخميس 10 شوال 1429   العدد  13160
إصلاح القُضاة
بدر بن أحمد كريّم

أقصدُ بإصلاح القُضاة: رفع مستواهم العلمي، وزيادة قدراتهم العملية، وتنمية مهاراتهم القضائية، فضلاً عن إثراء معلوماتهم وإلمامهم بما يستجد في المجالين: الجنائي، والادعاء العام الدوليين، في ضوء ما يلاحظ من ضَعْف بعض

القضاة، في التعمق في فَهم أبعاد المتغيرات والمستجدات العالمية واستيعابها، والمحدودية النسبية للمهارات الفردية العصرية لبعضهم الآخر، والتنامي المستمر لمفهوم ترابط مصالح الناس، الذي يعتمد تحقيقه على استيعاب القضاة لما تتطلبه الحاجات المتعددة، والمتنوعة، والمتشابكة للناس، في مجتمع يعتمد على نظرة متنورة في بناء الإنسان وتربيته، تستبعد ضمور قيمة العدل، وتقوم على الضبط الاجتماعي، وتضمن صدور أحكام لا تصل أحياناً حد التعارض.

يُعزز إصلاح القاضي الوظائف التي يضطلع بها من: إقامة للعدل بين الناس، والقِسْط بينهم من غير ميْل، أو حيْف، أو هوى، وإيصال الحقوق، ودفع المظالم، وقطع التنازع، وضمان الحقوق والحريات في المجتمع، وبذلك يؤدي القاضي دوراً مهماً في استتباب الأمن والنظام الاجتماعيين (ويضمن - من جهة - التزام الناس بالعَقْد الاجتماعي، وقيام الحكومة بتنفيذ واجباتها، بُغْية المحافظة على حقوق المجتمع، وهو - من جهة أخرى بعلاقته المنطقية والإيجابية - يسعى إلى تنظيم علاقة إيجابية بين الناس والحكومة، ويكون عاملاً مؤثراً في تحقيق التنمية والتقدم).

من أجل ذلك يتطلع الناس في المجتمع السعودي إلى إصلاح القاضي، تزامناً وموازياً مع جِدِّيّة الحكومة في إصلاح الجسم القضائي، وتحسين وضعه، وإذا كان القضاء مفتاح كل إصلاح، فإنه لا يمكن إجراء أي إصلاح بدون إصلاح القضاة، وإذا تم إصلاحهم فإنّ كل شيء سيصلح بعد ذلك، فالقاضي يتألق كلما كان عادلاً، وعفيفاً، ومستقيماً، ومحايداً، وسامياً خُلُقياً، ومتجرداً من التصرفات التي تخدم مصلحة طرف على آخر، وحينذاك لا يصاب العدل بالضمور، ولا يتأثر بغياب أبسط معاييره.

وإذا كانت الأنظمة القائمة في المجتمعات البشرية تختلف في طريقة تعيين القضاة، فإنها تتفق على أن إصلاحهم (أداة أساسية في تحقيق الطمأنينة، والاستقرار، والرضا داخل المجتمع، وبناء دولة الحق والقانون، واستتباب الأمن، فلا عدل بدون قضاة، يضمنون للعدل قوته ومناعته).. ومن هنا يصبح للقضاة مكانة متميزة في المجتمع؛ فبهم تُصان الحقوق، وتُرد المظالم، ويحافظ المجتمع على حرياته، وحقوقه الفردية والجماعية، وعندها تتوطد علاقات الأفراد، ويتم ضمان الأمن الحقوقي والقضائي لهم، فلا أحكام جزافية أو تعسفية بحقهم، لا تساعد على استتباب الأمن والنظام الاجتماعيين، وتُعرض للخطر العَقْد الاجتماعي الواجب الحفاظ عليه، بعلاقات منطقية وإيجابية بين الناس من جهة، والحكومة من جهة أخرى، (وإذا اطمأن الفرد إلى أن حقوقه مرعية يصبح جاداً في أداء واجباته وتعهداته نحو المجتمع، أما إذا استند القضاة في الفصل في الحقوق إلى مفاهيم مُبهمة وغامضة فإن أفراد المجتمع لا يجدون أنفسهم ملزمين برعاية شؤون مجتمعهم).

إصلاح القضاة في المجتمع السعودي يعزز حق الإنسان في قضاء مستقل، ونزيه، وعادل، ويُكرس قيمة العدل، ولا يزعزع ثقة الناس في جدوى قضاتهم.

فاكس: 4543856 - (الرياض)



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد