Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/10/2008 G Issue 13160
الخميس 10 شوال 1429   العدد  13160
ببغاء القصبي
منيف خضير

أذكر في سنوات التدريب الميداني على التدريس، كنت في مدرسة متوسطة في العاصمة، وكان ثمة تلميذ متفوق في مادة اللغة الإنجليزية بشكل لافت للنظر، وكان معلم الإنجليزي بالمدرسة يراهن على أن هذا التلميذ لابد أن يكون قد درس في الخارج لبراعته في الحديث بلهجة إنجليزية لا تخطئها الآذان.

وبعد سؤال التلميذ أخبرنا أنه يدرس عند عائلة بريطانية في الرياض، ويقضي الخميس والجمعة عند عائلته السعودية!

بالطبع استهوتنا هذه الحكاية، وأول ما سألنا عن العائلة هل هي مسلمة؟ ففاجأنا بأنها مسيحية، وتوالت الأسئلة عن هذا التلميذ الذي يشع الأدب والتأدب من كل جوانبه، وأخبرنا أن سيدة المنزل البريطانية توقظه للصلاة، وأنها توقت ساعتها المنبهة على أذان الفجر حتى لا تفوته الصلاة!

أما بالنسبة (للويك إند) فيذكر أنه كان يقضيه عند أهله، ثم أصبح يقضيه عند هذه العائلة لأن البرامج الترفيهية التي ينفذونها في الإجازة تستهويه -على حد تعبيره-!

تذكرت هذه الحكاية وأنا أتابع الحلقة 22 من المسلسل المحلي (كلنا عيال قرية)، ورغم أنني أستبق الأحداث، إلا أنني متأكد أن هذه الببغاء ستعود لأصحابها محملة بالألفاظ (المحلية) المزعجة، فسليم بخفة دمه قال له: كل تبن، ويا طبل!

ونحن في مجتمعنا وأسرتنا الصغيرة مهما حاولنا أن نجمل أنفسنا، إلا أننا لا نريد من الآخرين أن يطلعوا على واقعنا وطريقة حياتنا وأساليب تربيتنا لأولادنا. وأتذكر مرة من المرات ابنة أحد الركاب المسافرين في الطائرة تقوم من مقعدها بطريقة مزعجة لأهلها وللركاب وتغني بصوت مسموع: شخبط، شخابيط، وحتى لا يذهب تفكيركم بعيداً، فالبنت طفلة صغيرة، وأنا قلت في نفسي أغنية شخبط للأطفال، وبعد لحظات غردت تلك الطفلة بأغنية وادن داني اللي داني دان وويلوه، أبعد عن الشر... فقلت يا ولد ابعد عن هذا المقعد المزعج، وأخذت أرقب محاولات أمها اليائسة لثنيها عن استدعاء بقية الألبومات الغنائية، فيما اكتفى والدها (ذو المظهر المحترم) بتغطية وجهه بالجريدة. للأسف هذا هو واقعنا، نحن لا نجيد التربية السليمة، وسأذكركم ببغاء القصبي فهي دليل على ازدواج شخصياتنا، تحضرني طرفة عرضها الممثل المبدع ياسر العظمة في إحدى حلقاته الهادفة، تقول الحكاية إن ثمة اختراعاً جديداً، وهو على شكل مرآة (مراية) توضع في المنزل وهذه المرآة تخزن كل الأحداث والكلمات والصور التي تشهدها، وطبعاً إذا استثنينا المشاهد ذات الخصوصية، والأسرار العائلية، فإن هذه المرآة شكلت هاجساً لأهل المنازل الذين فرضت عليهم، فالزوجة لا تريد من الزوج أن يطلع على الأحداث والزوج كذلك والجيران أيضاً، والحكومة بالطبع!

هذا الأمر المزعج اضظر معه أهل المدينة التي فرض عليها تركيب هذه المرآة، أن يتحدوا ويكسروا المرآة في وقت واحد، حتى دوى صوت مرعب في المدينة في لحظة اتفاق نادرة بين البشر!



Mk4004@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد