Al Jazirah NewsPaper Thursday  16/10/2008 G Issue 13167
الخميس 17 شوال 1429   العدد  13167
حياة المرأة في غياب الحوار
د. عبد الله بن سعد العبيد

أطلقت الملكة رانيا قرينة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، يوم الأربعاء حملة إعلامية لتغيير الصورة السائدة التي تؤثر سلباً في المرأة العربية، ولتعزيز دورها في المجتمع ..

وحثت الإعلاميين العرب على أن يساعدوا في تغيير المفاهيم الخاطئة الشائعة في برامجهم وإعلاناتهم.

وأنتجت هذه الحملة الإعلامية من قبل مؤتمر قمة المرأة العربية الثاني برئاسة الملكة رانيا تنفيذاً لما اتفق عليه الإعلاميون العرب في سبتمبر - أيلول.

وقالت الملكة إنه يتعين أن تكون المرأة العربية أكثر تعبيراً في القضايا التي تمسها مثل العنف المنزلي والأمية والمشاركة السياسية. وأضافت أنه يتعين أيضاً مناقشة تلك القضايا بصراحة بين الشعوب العربية أنفسها.

وشددت الملكة رانيا في حديثها لمسؤولي الإعلام العرب في مؤتمر صحفي بالعاصمة الأردنية عمان على أن عليهم واجب المساعدة في تغيير المواقف السلبية إزاء المرأة. وقالت: (هذه حملتكم... يتحمل رواد الإعلام مسؤولية ترجمتها إلى واقع جديد في عالمنا المتغير وتكريس مكانة المرأة العربية في صنع المستقبل العربي).

وشهد الحفل إطلاق أول فقرة إعلامية من الحملة والتي جاءت تحت عنوان (لنتشارك من أجل حياة أفضل).

وقالت هين مانجو ممثلة صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في الأردن: إن الملكة رانيا عبرت عن رأيها بكل قوة. وقالت مانجو: (لا يمكن تهميش 50% من أي مجتمع... كانت الرسالة واضحة بشكل أساسي, إننا نحتاج إلى أن يكمل نصف المجتمع نصفه الآخر، سواء كان رجلاً أم امرأة).

وتواجه المرأة العربية تحديات كبيرة؛ فأكثر من ستين بالمئة من النساء في الدول العربية أميات، بالإضافة إلى تفشي العنف ضدهن في المنازل، كما أن حق التصويت لا تتمتع به بعد كافة النساء في الوطن العربي ناهيك عن ترشيح أنفسهن في الانتخابات.

لكن الملكة رانيا قالت إنه يتعين مناقشة تلك القضايا بصراحة ومعالجتها من قبل العرب أنفسهم. وشعر الأردن من بين عدة دول عربية بضغوط خارجية لتبني إصلاحات اجتماعية لكنهم قاوموا تلك الضغوط وقالوا إن أي تغييرات سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية يتعين أن تنبع من داخل المنطقة وبما يتسق مع تقاليدها الدينية.

تعيش كثير من الزوجات في السعودية حالات متفاوتة ومختلفة من الشعور بالإحباط الذي تتعدد أسبابه وتتوزع على مختلف العوامل الأسرية والاجتماعية التي تحيط بهن، وبشكل عام فإن الإحباط يتخذ مناحي خطيرة عندما يرتبط بالفهم الاجتماعي الصلب للمرأة ومقدار الحقوق التي يجب أن تتمتع بها مهما ترقت اجتماعياً ووظيفياً.

تعيش كثير من النساء معاناة مكتومة في مجتمع ذكوري لا يعترف بدور حاسم للمرأة، سواء في التنمية أو الرقي الاجتماعي؛ ولذلك هناك سوء فهم عميق لطبيعة التحول الاجتماعي الذي ينتصر للمرأة ويمنحها حقوقها المهضومة، وهنا تكمن الدوامة والصراع النفسي الذي تعيشه المرأة، خصوصاً إذا ما كانت متزوجة من رجل غير مسؤول وليس لديه إحساس كاف بالمسؤولية والوعي بأهمية الاحتفاظ بشراكة الحياة متألقة، وتجديدها بين فترة وأخرى وإعادة اكتشاف أجمل الأشياء بين الطرفين تحقيقاً للسعادة واستمرارية الحياة الزوجية.

ومن وجهة نظر علم النفس يعرف الإحباط بأنه حالة انفعالية غير سارة قوامها الشعور بالفشل وخيبة الأمل تتضمن إدراك الفرد بوجود عقبات تحول دون إشباعه لما يسعى إليه من حاجات ودوافع.

وللإحباط وجوه مثلاً أن يحرم طالب من دخول لجنة الامتحان لوصوله متأخراً نتيجة عذر قهري خارج عن إرادته، أو يفشل في الحصول على مجموع يؤهله للالتحاق بالكلية التي يطمح إليها نظراً لظروف مرضية أو أسرية ألمّت به، أو شاب لم يستطع الزواج بمن أحبها، أو زوجة لا تشعر بالأمان مع زوجها.

ومصادر الإحباط داخلية وأخرى خارجية، أما الداخلية فتتركز في العوامل الشخصية ومصدرها الشخص ذاته وسماته ومن بينها عجزه بسبب ضعف حالته الصحية العامة أو الإعاقة الحسية أو الحركية وقصور في استعدادات الشخص العقلية المعرفية كالذكاء والتفكير والمرونة والموهبة التي يحتاج إليها الشخص لهدف ما أو تعلم مهارة جديدة.

أما العوامل الخارجية فهي الظروف المادية الطبيعية كالمناخ والطقس والضوضاء والتلوث البيئي والظروف الاجتماعية والأسرية كمعاملة الوالدين وأساليبهما في التنشئة وبعض العادات والتقاليد والظروف الحضارية كالانفجار السكاني وتعقد النظم والتراكم المعرفي والمعلوماتي.

فهذه مها ربة منزل عمل زوجها على توفير كل أسباب الإحباط وإشاعة أجواء من الكآبة في حياتها لدرجة أنها فكرت في الانتحار أكثر من مرة، تقول في قصتها: تزوجت بعد قصة حب، وزوجي من أقربائي، ولكن بعد الزواج أصبح يهملني ويهمل البيت بلا مبالاة، وأستطيع القول إنها مرضية، ولم يكن ذلك من طباعه التي عرفته بها؛ فهو كان يتمتع بدرجة معقولة من المسؤولية، ولكن بعد إنجاب أول أولادنا أصبح كثير الخروج والسهر وغير مهتم بطلبات المنزل وحاجات الأولاد، بل علمت أنه على علاقات متعددة، وذلك ما جعله مشتتاً وغير مركز معنا، كما أني أصبحت أشعر بأنني آخر من يهتم بأمره، ولم يعد هناك حب أو كلمات رقيقة أو حتى ابتسامات وهدايا في المناسبات المختلفة.

وتضيف: تحولت حياتي معه بكثير من التفاصيل التي لا أستطيع ذكرها إلى جحيم، وصرت أشعر بوحدة قاتلة؛ فتجاهله لي ولمشاعري أدخلني في دوامة من الصراع النفسي والتفكير حول فشلي في الاحتفاظ بزوجي؛ ولذلك أظن أنني مع استمرار وضعه على هذا الحال في حالة إحباط نفسي فكرت فيها في مرات كثيرة في الانتحار، وأنا أعلم أن شخصيتي ليست قوية كفاية حتى أواجهه بتدهور حياتنا وهو المتسبب الرئيسي في ذلك؛ ولذلك لا أملك خيارات كافية للمقاومة والمواجهة، ولكن في الواقع أعيش حياة كئيبة بمعنى الكلمة لا أخرج فيها من بيتي، ولا أزور أحداً، وليس لدي استعداد لاستقبال أحد، ولا أدري كيف أضع حداً لذلك؟

وأشارت دراسة حديثة إلى تزايد عدد محاولات الانتحار بين النساء من 11 إلى 16 حالة شهرياً، وورد ذلك في دراسة من قسم الدراسات الجامعية بجامعة الملك سعود، للدكتورة سلوى الخطيب، عن (العنف الأسري الموجه ضد المرأة في مدينة الرياض) عام 2006 وجاءت نتائج الدراسة بناء على بحث ميداني على الحالات الواردة إلى مستشفى الرياض المركزي والمركز الخيري للإرشاد الاجتماعي؛ إذ أكد الاختصاصيون الاجتماعيون في المستشفى أن هناك 96 محاولة انتحار من النساء أدخلت المستشفى بواقع 16 حالة شهرياً.

واعتبرت الخطيب هذا النوع من الانتحار نوعاً من العنف ضد الذات، ومرجعه إلى (الإحساس بالإحباط الشديد من المحيط الاجتماعي للمرأة، يعززه الوصول إلى طريق مسدود مع انعدام الأمل). وقدرت عدد الحالات التي أدخلت إلى مستشفى في شهر واحد ب11.3 حالة، ولاحظت أن عددها غير مستقر؛ إذ ترتفع مع بداية العطلة الصيفية إلى 15 حالة. واعتبرت أن هذه الظاهرة تعبر عن (الرفض لما يحدث من عنف أو تسعى إلى جذب الاهتمام). وبلغت نسبة محاولة الانتحار؛ عطفاً على التعرض إلى العنف الجنسي، 14.71 في المئة، وقدرت نسبة المتعرضات إلى العنف النفسي والعنف البدني المادي ب2.94 في المئة.

من ناحية أخرى رأت الاختصاصيات الاجتماعيات في مستشفى الرياض أن هذه الأرقام لا تعبر بدقة عن الواقع؛ فالحالات التي تتردد على الإسعاف كثيرة وهناك حالات عنف ترد إلى قسم الشرطة في المستشفى ولا ترد إلى الاختصاصيات الاجتماعيات؛ لكون الحالات البسيطة تعالج وتخرج، والحالات التي تدرس هي التي يتم تنويمها في المستشفى.

وتؤكد استشارية الطب النفسي الدكتورة إيمان الخولي أن فكرة الانتحار تختلف عن تنفيذه؛ فالأول ينتشر بين الفتيات أكثر من الفتيان؛ فالانتحار بين الفتيات ليس مجرد رغبة في الموت، بل هو مخرج من المشكلات وإحساس باليأس؛ فهي تشعر بأنه لا مفر من وجودها في المجتمع الذكوري ووقوع الظلم عليها، وعندما تواجه مشكلة أو حتى رغبة مستحيلة، وإن كانت مشروعة، لا تكون لديها آلية واضحة بالأمل كي تحل مشكلتها، ولذلك تلجأ إلى اليأس واختيار آخر وسيلة لطلب العون، فتُقبل على تجربة الانتحار، ولأن هذه التجربة بمثابة (نداء أمان) ينص على: (أرجوكم أريد أن أعيش أنا مظلومة ولا تحكموا عليّ، اسمعوني من دون اتهام)، وتنصح الخولي بعدم تهميش محاولة إنهاء الحياة؛ فليس كل من تعرضت للظلم تلجأ إلى فكرة الانتحار، ولكن هذا مؤشر عن اضطراب الشخصية؛ فهناك سمات مرضية مشتركة بهؤلاء، والانتحار مسار مرضي يبدأ (بالأمنية)، وهو تمني الموت، ويعتبر عرضاً من أعراض الاكتئاب.

وعن نمط شخصية المنتحر، تقول الخولي: الشخص الذي يحل مشكلاته بقصد التخلص من نفسه كلياً تتسم شخصيته بسمات مرضية، كالاعتمادية والسلبية والمبالغة وتعميم النتائج والاندفاعية والعجز عن اتخاذ القرار، وضعف التفكير التحليلي، وهي سمات تفكير الطفل في سنوات عمره الأولى.

ومن ناحية أمنية، يؤكد المستشار القانوني محمد الدوسري، أن القانون لا يوجب عقوبة معينة على من تحاول الانتحار، وإنما يكون الدور المناط به هو ضبط الحادثة عن طريق المستشفى الذي يقوم بدوره بتبليغ الشرطة فقط، وهو أمر يجري من أجل ضبط الحادثة والتأكد من أن المنتحرة لم تلجأ إلى هذه المحاولة بسبب ضغط معين من المحيطين، بها هو إجراء معمول به في كل أنحاء العالم، مضيفاً: مَن تحاول الانتحار لا تكون عرضة لتوقيع عقوبة قانونية، ما لم يثبت تعرضها لأكثر من ذلك ومن أجل حماية الحالة لاحقاً.



dr.aobaid@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد