Al Jazirah NewsPaper Monday  27/10/2008 G Issue 13178
الأثنين 28 شوال 1429   العدد  13178
خسر خلالها 35 % والداو جونز معقل انطلاقتها يخسر 27.4% فقط
سوق الأسهم يبالغ في الاستجابة للأزمة وخوف غير مبرر يعم المتداولين

تقرير - د. حسن الشقطي

كشفت الأزمة المالية التي يمر بها الاقتصاد العالمي الآن عن وجود سلبيات وتضخم في مؤشرات السوق المحلي كمؤشر يؤكد ظهور المساوئ عند الشدائد.. وقد صدقت فعلاً هذه المقولة في سوق الأسهم الذي أصبح يبالغ في الاستجابة للأزمة العالمية أكثر من تلك البورصات التي تقع في الدول المصابة بالأزمة فالاقتصاد السعودي ليس مصدراً للأزمة ولكنه متلق لها.

فمنذ بداية سبتمبر الماضي (خلال الشهرين الأخيرين) وصلت خسائر سوق الأسهم المحلي إلى حوالي 35%، في حين أن خسائر مؤشر داو جونز الصناعي لم تتجاوز نحو 27.4% خلال نفس الفترة، فلماذا هذه المبالغة؟ ولماذا هذا الخوف الشديد؟ وما هي الأطراف المصابة بهذا الخوف؟

ومن الواضح أن البعض يرى أن ما يحدث في سوق الأسهم هو وضع طبيعي ويبدو أن هؤلاء يرغبون في تطبيق مبدأ (دعه يعمل - دعه يمر) أي أنها دعوة لتطبيق مبدأ الحرية الكاملة للسوق في وقت بات من أسسوا هذه الحرية يتخلون عنها.

التدخل وحماية السوق

ورغم مرور أكثر من شهر على بدء التفاعل السلبي للسوق مع الأزمة العالمية لم يحدث أي تدخل مباشر لحماية السوق، بل جاء رد هيئة السوق بأنها (لا نية لديها للتدخل).. وكان يمكن قبول هذا الرد إذا لم يكن السوق قد مر بمرحلة تصحيح أفقدته الأخضر واليابس.. وإذا افترضنا أن هناك بقية من تصحيح وأن ما يحدث الآن هو نوع من التزاوج بين التصحيح والأزمة المالية سواء أن الأزمة قد استحدثت هذه البقية، أو أن التصحيح قد استغل الأزمة ليكمل مساره، فإنه لا يعقل أن يتم تصحيح من مستوى 20635 إلى أقل من 5600 نقطة خلال فترة 32 شهراً والتي تعد فترة قصيرة لإتمام مثل هذا التصحيح مقارنة بالتصحيح في الدول المتقدمة.. أي أن المؤشر ظل يخسر في المتوسط كل شهر حوالي 500 نقطة بشكل مستمر ومتواصل..

أكثر من ذلك، فإن الخائفين الآن ليسوا صغار المستثمرين فقط، فهؤلاء الصغار يمكن بسهولة أن يقتنعوا بالدخول للسوق، ويمكن أن يتناسوا هذه الأزمة بسهولة لأن معظمهم لا يرتبط ببورصات عالمية وليس لهم استثمارات بالخارج، ومن ثم فإن ارتباطهم بالأزمة هو ارتباط (سمعي).. ولكن الخائفين الحقيقيين هم كبار المستثمرين الذين لهم ناقة وجمل فيها.. هؤلاء ليس من السهل إقناعهم بالبقاء أو مساندة السوق، إلا إذا شعروا فعلاً بمساندة رسمية للسوق..

فالسوق الآن يعاني من عدم وجود محافظ كبيرة وصناع كما يعاني من خروج مستمر للمستثمرين كلما سنحت الفرصة فصغار المستثمرين لا حول لهم ولا قوة.

تأثر القطاعات القيادية

لقد اعتاد السوق على بناء الاستقرار في ظل استقرار أسهم سابك أو الراجحي أو سامبا، فالأول ينتمي للبتروكيماويات القطاع الذي أصبح مرتبكاً في ضوء التراجع القوي لأسعار النفط العالمية والآخران ينتميان للبنوك.. وأوضاعهما الحالية لا تساعدهما على قيادة السوق الآن بدون مساندة.

في ضوء ذلك فإن مؤشر السوق أصبح مكشوفاً لأي مؤثر داخلي أو خارجي يستطيع أن يفتح قاعاً جديداً.. وكذلك الحال لكافة الأسهم التي بات الوضع فيها هو عدم وجود فرق بين سهم استثماري أو سهم مضاربي، أو سهم لشركة صغيرة أم لشركة كبيرة.. رغم كل ذلك، فتحدث هناك ارتدادات وهمية جاذبة لأولئك المترددين في الخروج، هذه الارتدادات لا تزال قادرة على جذب والإبقاء على العالقين بالسوق.. ولن تنتهي هذه الارتدادات، وهي تحدث بعد كل خسارة ألفية جديدة، ولكنها لا تعود بالمؤشر إلى مستواه السابق، بل إنها تعيد نشوة فاقدي الثقة مؤقتاً.. وفي النهاية فإن المؤشر سيخرج من الأزمة العالمية بمستوى جديد بقيمة متدنية جداً عن قيمته قبل حدوث الأزمة..

أيهما أكثر سوءاً على السوق.. تصحيح فبراير أم الأزمة العالمية؟

من المعلوم تصحيح فبراير حدث بعد مبالغة كبيرة ومفتعلة في مؤشر السوق، والكل كان يلمس هذه الفقاعة المتكونة.. ومن ثم فإن التصحيح كان أمراً وارداً بقوة.. أما قبل الأزمة العالمية فلم يكن أحد يتوقع أن ينحدر مؤشر السوق بعد إقرار هيكله الجديد وبعد إتمام جيل كامل من إصلاحاته، بل لم يكن يتوقع المستثمرون في الشركات الجديدة التي لم يمر عليها عام واحد أن تصيبهم هذه التراجعات، فهذه الشركات التي انحدرت غالبية أسعارها السوقية خلف أسعار الاكتتاب فيها.. هؤلاء دخلوا السوق بنية الاستثمار وبعضهم لم يقم بالمضاربة مطلقاً، إلا أنه قد أصابه ما أصاب المضاربين.. لذلك، فإن تراجع السوق في ظل هذه الأزمة العالمية يعتبر أكثر سوءاً من أزمة التصحيح السابقة. وإذا كان البعض يرى في الماضي أن هناك ضرورة للتدخل للتخفيف من وطأة التصحيح، فإن التدخل الآن يعتبر أكثر ضرورة لأن ما يحدث لا علاقة له بالمستثمرين، وخصوصاً مستثمري الشركات الجديدة الذين ينبغي أن يسعى السوق للحفاظ عليهم حقاً.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد