Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/10/2008 G Issue 13181
الخميس 02 ذو القعدة 1429   العدد  13181
بُزَاخَةُ والنصر الثاني على العطش إن شاء الله
عبدالرحمن بن زيد السويداء

لقد جاء النصر الأول في بزاخة على المرتدين ومانعي الزكاة بقيادة طليحة بن خويلد الأسدي مدعي النبوة وعيينة بن حصن بن بدر الفزاري، فقد سير أبوبكر الصديق رضي الله عنه جيشاً لمحاربة المرتدين (من ذي القصة شرق المدينة المنورة) بقيادة خالد بن الوليد المخزومي رضي الله عنه، وأمره أن يتجه إلى طليحة بن خويلد الأسدي الذي اتخذ من سميراء قاعدة بني أسد مكاناً لتجمع من تأشب معه، ثم انتقل لهم إلى بزاخة حيث عسكر هناك، وبزاخة متسع من الأرض فيها مورد للمياه وحولها جبال متناثرة تقع إلى الشرق عن جبل أجأ تبعد عن حائل نحو 50 كيلا إلى الجنوب الغربي وقد ثبت مؤخرا أنها أرفع نقطة من الأرض فيما شرقها وجنوبها. فخرج خالد من ذي القصة وازورَّ عن بزاخة وجنح عن أجأ، وأظهر أنه خارج إلى خيبر، ثم قصد أكناف جبل سلمى إلى الشرق عنها (فيد وما حولها) ثم عمل حركة التفاف لخداع المجتمعين في بزاخة، فجاء من جنوب جبل رمَّان وأطل بفرقة من جيشه من الجهة الجنوبية الغربية عن بزاخة بمحاذاة جبل أجأ، حتى انتشر الخبر أن جيش خالد قادم من تلك الناحية حيث توجهت الأنظار إليها، وترك هناك جزءاً من جيشه على سبيل التضليل على المجتمعين في بزاخة، بينما قفل مسرعاً إلى الأكناف شرق سلمى وسار من هناك إلى بزاخة حيث أتاها من الاتجاه المعاكس من الشمال الشرقي، جاءها من شمال سلمى من عند عكاش وياطب وهذه من خطط خالد العسكرية حيث يأتي خصمه من الجهة التي لا يتوقع أن يأتي منها كما فعل في معارك أخرى، فوصل خالد إلى بزاخة وكان عدد جيشه يتراوح بين 4000 و5000 مقاتل، وكان جيش طليحة يربو على جيش المسلمين بألف مقاتل وله ميزتان، أولاهما الكثرة، وثانيهما الراحة، على خلاف جيش خالد الذي كان قد قطع مسيرة مئات الأميال في الأودية والجبال، ثم التحم الجيشان وثبت طليحة وأصحابه ثبات المستميت، وكروا على جيش خالد كرة عنيفة، فكشفوا الميمنة ولحقت بها الميسرة، وانقضت هنيهة خُيِّل فيها للمسلمين أنهم منكسرون لا محالة، وجاء بعض بني طيء إلى خالد لينصحوه ليعتصم بجبال طيء أجأ، ويستدرج المرتدين إليه، فأنكر عليه نصيحته وزجره قائلاً: لا أعتصم بغير الله، وحمي وطيس المعركة واستحر القتل بين الجيشين وكان عيينة بن حصن الفزاري (الملقب بالأحمق المطاع في قومه) يتردد على طليحة المتنبي ليسأله عما أوحي إليه بهذا الشأن دون فائدة وكان مع عيينة من فزارة 700 مقاتل، ولما يئس من طليحة نادى في قومه: انصرفوا يا بني فزارة فإن طليحة كذاب فانصرفوا فوقعت الهزيمة في جيش المرتدين، وحمل طليحة امرأته ونجا بها وقال: من استطاع منكم أن يفعل مثلما فعلت وينجو بأهله فليفعل وهرب ناحية الشام وانتهت هذه المعركة الفاصلة بالهزيمة الساحقة، حدثت هذه المعركة في رجب وشعبان عام 11هـ تشرين الأول (أكتوبر) 632م. أقام خالد في بزاخة شهراً كاملاً يقاتل فلال القبائل ممن بقي على الردة قبل أن يتجه مع شرى سلمى إلى البطاح الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة الكهفة الحالية حيث قتل مالك بن نويرة اليربوعي التميمي وبعد ذلك اتجه إلى اليمامة لمحاربة سجاح بنت الحارث بن سويد بن غطفان التميمية ومسيلمة بن ثمامة الحنفي المتنبئ الثاني، في وقعة اليمامة التي جرت حديقة عقربا (الجبيلة الحالية) عام 12هـ.

هذا ما جاء عن النصر الأول في بزاخة انتصار المسلمين على المرتدين في تلك المعركة الحاسمة بتوفيق من الله، وتفصيل ذلك في كتب التاريخ.

أما الانتصار الثاني على العطش بعون الله فسيتم برعاية حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- فيتمثل بما قامته به وزارة المياه والكهرباء باهتمام وزيرها معالي المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين يمثلها فرعها في حائل ومؤازرة سمو أمير منطقة حائل الأمير سعود بن عبدالمحسن آل سعود ونائبه سمو الأمير عبدالعزيز بن سعد آل سعود وجهود المسؤولين عن المياه بالمنطقة وعلى رأسهم المهندس سليمان بن عبدالرحمن العميم بإقامة (مشروع مياه حائل الشامل) الذي سيوفر مياه الشرب لمدينة حائل والمدن والبلدات والقرى الواقعة جنوب وغرب وشرق حائل على ما يسمى (بالدرع العربي) والتي تمثل الثقل والكثافة السكانية في المنطقة، وكانت تعتمد في الري والزراعة على الله ثم الآبار السطحية والسيول، وفي السنوات الأخيرة قل هطول الأمطار مما تسبب في نضوب المياه من الآبار في هذه المنطقة فهلكت المزارع وماتت بساتين النخيل، بل لحق الأمر ماء الشرب للإنسان والحيوان، وإن كان ما عند الله قريب فخزائنه ملأى وهو جواد كريم قريب الفرج لا شك في ذلك، لكن امتناع الغيث وقلته لحكمة هو أعلم بها، وإزاء حاجة الناس الذين اضطروا إلى أن يجلبوا ماء الشرب بالصهاريج وقامت وزارة المياه والكهرباء ممثلة بفرعها في حائل بتأمين مياه الشرب للمواطنين في هذه المدن والبلدات والقرى التي لا تتوفر فيها شبكات مياه ومصادر لمياه الشرب بالصهاريج الناقلة للماء عدد 450 موقعاً تقريباً وبعدد 5277 شحنة ماء شهرياً وسعة الصهريج 11 متراً مكعباً بالإضافة إلى الأحياء التي لم تصلها مياه الشرب بمدينة حائل، وبهذا فإن ما يؤمن من مياه الشرب لمنطقة حائل بالصهاريج يبلغ عدداً إجماليا قدره 5000 شحنة ماء تقريباً أي 55000 متر مكعب شهرياً، أي 660000 متر مكعب سنويًا.

ولهذا السبب فقد اعتمدت الوزارة مشروع مياه حائل الشامل ويعتبر من مشروعات المياه المهمة الأساسية للمنطقة، وبالرجوع إلى النشرة التعريفية للمشروع الذي يستهدف جميع مدن وبلدات وقرى المنطقة (الواقعة على الدرع الغربي وسيقوم بإمداد نحو 54 مركزاً ونحو 600 قرية، بما في ذلك مدينة حائل بمياه الشرب من حقل الشَّقِيق الواقعة إلى الشمال بميل نحو الشرق عن مدينة حائل بكمية مياه تقدر 71000 متر مكعب يومياً، منها 30000 متر مكعب لمدينة حائل، وذلك حتى عام 1435هـ ويحتوي المشروع على مصدر واحد للمياه حالياً هو حقل الشقيق كما يمكن أن يضاف مصدر آخر من حقل التربية عن طريق مد خط بطول 30 كيلا وسيتم تنقية هذه المياه على أعلى المواصفات لمياه الشرب حيث تمت ترسية إنشاء محطة التنقية الخاصة بالمشروع بطاقة إنتاجية 150.000 متر مكعب في اليوم قبل ضخه إلى الخزانات. ويقع حقل آبار الشقيق بمنطقة الشقيق ويغطي مساحة قدرها 100 كيل مربع وتحتاج المرحلة الأولى إلى عدد 25 بئراً حتى عام 1435هـ، بينما يحتاج المشروع إلى 51 بئراً حتى عام 1460هـ. ويتكون المشروع من نظامين ينقلان المياه إلى ثلاثة خزانات، خزانان في بزاخة وخزان في (توارن) الواقع إلى الشمال الغربي عن حائل وهو أحد مواطن حاتم الطائي الكريم المشهور ونظام المشروع مترابط ومرن، يضمن استمرار تزويد المياه من الخزانات والخزانات موزعة على موقعين كما أسلفنا، وهذا مطلوب من وجهة النظر الإستراتيجية وتتوزع المياه إلى المدن والبلدان والقرى بانحدار طبيعي دون الحاجة إلى مضخات دفع من خزان توارن وخزاني بزاخة، حيث وجد أن هاتين النقطتين بزاخة وتوارن أرفع مكان على الأرض في هذه المنطقة، حيث يتجه خط من غرب جبل أجأ ليسقي مدينة موقق ومدينة الشملي والبلدان والقرى في هذه الناحية، وخزاني بزاخة ليسقي كل من مدينة الغزالة، ومدينة الروضة ومدينة الشنان، ومدينة سميراء ومدينة فيد ومدينة السليمي ومدينة الحائط والبلدات والقرى الموجودة في هذه الجهات، ويمر المشروع بسبع مراحل على النحو التالي:

المرحلة الأولى:

حقل الآبار ويحتوي على 25 بئراً حتى عام 1435هـ ومضخاتها والأعمال الكهربائية الخاصة بحقل الآبار وأعمال الأنابيب وملحقاتها في حقل الآبار وعمل خزانات تجميع المياه في حقل الآبار سعة 50.000 متر مكعب ومحطة الضخ الرئيسة لخط نقل المياه إلى كل من بزاخة وتوارن وكافة مستلزمات المشروع (والعمل فيه جار الآن).

المرحلة الثانية:

تنفيذ خطط توزيع المياه الرئيس بطول 25 كيلا ويخدم مدينة الغزالة، وتنفيذ خط توزيع المياه الرئيس من خزان التجميع في توارن بطول 135 كيلا ويخدم مدينة موقق ومدينة الشملي وبلدات دليهان والصنينا، وبيضاء تتيل وعمائر بن صنعاء.

المرحلة الثالثة:

تنفيذ خط توزيع المياه من مدينة الغزالة والممتد إلى مدينة الشنان بطول 150 كيلا ويخدم مدينة الروضة وبلدة الهويدي وعقلة ابن جبرين وبلدة طابة والجحفة وعقلة ابن طوالة وعقلة ابن داني والبيرة.

المرحلة الرابعة:

تنفيذ خط توزيع المياه الرئيس من منطقة الغزالة وحتى منطقة الحائط بطول 130 كيلا ويخدم مدينة الحائط وبلدة الحليفة السفلى والحليفة العليا.

المرحلة الخامسة:

تنفيذ خطوط المياه الفرعية التي تنقل المياه من الخط الرئيس بطول 175 كيلا لنقل المياه بخطوط فرعية، لنقل المياه إلى الحطي بطول 22 كيلا، وسعيدان بطول 25 كيلا وخط فرعي بطول 68 كيلا لنقل المياه إلى الصهوة وجفيفاء وسقف وبدائع سقف، والمسجد، وخط فرعي بطول 20 كيلا لنقل المياه إلى الشقيق، أبا الحيران، وخط فرعي بطول 8 أكيال لنقل الماء إلى فيضة ابن سويلم، وخط فرعي بطول 4 أكيال إلى قليب الأطرم، وخط فرعي بطول 6 أكيال لنقل المياه إلى سبطر، ويتم تزويد باقي القرى بخطوط فرعية وهي الخفيج، والشويمس والروض وفيضة أثقب وغيرها.

المرحلة السادسة:

تنفيذ الخطوط الفرعية التي يصل طولها إلى 200 كيل فيتكون خط فرعي بطول 18 كيلا لتزويد مدينة الشنان ومدينة فيد وخط فرعي بطول 26 كيلا لتزويد بلدة السبعان، وخط توزيع بطول 37 كيلا لتزويد العظيم وغمرة، وخط فرعي بطول 18 كيلا لتزويد مدينة سميراء، وخطوط فرعية بطول 55 كيلا لنقل المياه إلى كل من وسيطاء الحفن والمستجدة والوهيبية وشبرية الصفراء، وخط توزيع بطول 34 كيلا لتزويد مدينة السليمي ويتم تزويد باقي القرى بخطوط فرعية وهي ربع البكر والمرير، والنعي، ورك، والعدوة، والساقية، والمضيح، والعش، وقاع حجلان ومراغان وغيرها.

المرحلة السابعة:

تنفيذ خط المياه الممتد من منطقة الشملى وحتى منطقة الحائط بطول 130 كيلا، وتنفيذ خط نقل المياه الرئيس في منطقة موقق حتى نقطة التقائه مع الخط الرئيس في منطقة بزاخة بطول نحو 30 كيلا والقرى المخدومة في هذه المرحلة هي ضرغط وضريغط والنبوان والمختلف.

المرحلة الثامنة:

تنفيذ خط المياه الرئيس من حقل التربية.

هذا مجمل ما جاء عن المشروع الذي يجري العمل به الآن برعاية وعناية حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله- والحكومة الرشيدة.

وإني لأرجو الله أن يسهل استكماله لري هذه المدن والبلدات والقرى التي هي بأمس الحاجة إلى ماء الشرب، كما أرجوه سبحانه وتعالى أن يرحم عباده وبلاده بالغيث والسيول التي تعيد المياه إلى مجاريها في الآبار الناضبة لتعود المنطقة زراعية كما كانت ويرتوي السكان من آبارهم. إنه سميع مجيب قريب الفرج وهو على كل شيء قدير.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد