Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/01/2009 G Issue 13251
الخميس 11 محرم 1430   العدد  13251
إيقاعات
(المظهرية).. داء يجب أن نتخلص منه
تركي العسيري

 

يبدو أننا كمجتمع نعاني من مشكلة اسمها (المظهرية) المظهرية في الملبس في المأكل في المنزل، في كل شؤون حياتنا حتى باتت جزءاً من تركيبتنا وتفكيرنا، وأعني (بالمظهرية) هنا وبالمفهوم (القروي) الذي أنتمي إليه، (أن تمدَّ رجلك خارج حدود لحافك)، وأن تتظاهر بغير واقعك وإمكاناتك تتراكم علينا الديون والأقساط ليقال إن فلاناً من الناس يعيش في بحبوحة من العيش، وأنه ابن نعمة أو خلق وفي فمه ملعقة من ذهب.. وأصبح قضاء إجازة في الخارج مصدر تباه وفخر وفي صحفنا -باعتبارها لسان حالنا- نماذج من تلك (المظهرية) فالمعروف -مثلاً- إن ترقية الموظفين تتم وفق آلية ونظام معروف كأن يكون الموظف قد استكمل شروط الترقية في ذلك الترفيع -لتجد صورة ملونة في الأخبار الاجتماعية مع تهانينا وتمنياتنا .. وأخباراً أخرى عن نجاح الابن (فلان) من كلية المجتمع أو التقنية أو غيرها.. مثال آخر تقرأه عن سفر الوجيه (فلان) إلى سويسرا لقضاء إجازته.

أو سافر فلان من الناس إلى إحدى الدول الأوروبية برفقة العائلة بينما هو يتسكع في ملاهي شارع الهرم وحيداً إلا من ذنوبه، وأسرته الطيبة لا تكاد تعرف أين اختفى وفوق أي أرض يسير.

ولعل من مساوئ زمن (الطفرة) وصاحبكم أحد ضحاياها -أنه أنتج شريحة من الناس لم تستطع أن تتكيف مع الوضع الجديد لها -فتحول -وسبحان مغير الأحوال- من مواطن (صالح) محدود الدخل والإمكانات.. إلى (طاووس) متبختر يجيد لغة الأمر والنهي، والنظر إلى الناس- خصوصاً من أصحابه محدودي الدخل سابقا -بنصف عين.. باعتبارهم فقراء لا يملؤون العين كلها!!

والمحير فعلاً أن هناك فئة من الناس لا يملكون من دخل غير ما يدفعه لهم العمال (الغلابة) الذين يستقدمونهم ويلقون بهم على قارعة الطريق ليتدبروا رزقهم، وهؤلاء الكفلاء (الطفرانين) لم يكتفوا إيهام العمال الذين يستقدمونهم بوجود أعمال لديهم في مؤسساتهم (الوهمية).. بل تعدوه إلى سوء المعاملة والتضييق على هؤلاء (المساكين) الذين لا يستطيعون الشكوى خوفاً من تأشيرة الخروج النهائي.. مع أن الجميع يعلم أن السلطات الحكومية ستنصفه، وتقف معه وتعيد له حقه كاملاً غير منقوص.. والشواهد كثيرة على ذلك.

ومن (المظهرية) الملفتة تباري الأسر الغنية منها والفقيرة.. بل والتي تعيش تحت خط الفقر على استقدام (الشغالات) حتى أصبحت لهجات أطفالنا (هجينا) من اللهجات الإندونيسية والسيرلانكية والفلبينية وغيرها. أعرف عائلة صغيرة مكونة من الزوج والزوجة لا غير استقدمت (شغالة) كل مهمتها حمل حقيبة الزوجة، والسير خلفها، وإنزال عبائتها ووضعها في مكان أمين عند حضورها حفلات الأعراس.

أعود فأقول: إن (المظهرية) دليل غير سوي .. بل هو في رأيي دليل على تدني الوعي.. و(الشيزنوفيا)، وينبغي ألاَّ يفوتا أن التميز بين الناس إنما يكون بالعمل المثمر، والإخلاص للوطن.. والتواضع، وليس مجرد شعور زائف تبطله الحقائق المعاشة التي تبين أننا مجرد كائنات استهلاكية نقتات على ما تنتجه الأمم الأخرى.

تواضعوا يا قوم أحسن الله إليكم!!

تلفاكس 076221413


alassery@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد