للمكتبات دور كبير في تنمية الثقافة ورقي الأمة والنهوض بها، كما أنها تُعد مصادر مهمة للعمل والمعرفة ومنابع للمواهب ودعائم للهمم ومناهل يرتوي منها أصحاب العقول وقادة الفكر ورواد الثقافة.
ولذلك كله فكّر عدد من شباب الدلم وأصحاب الهمم فيها في إنشاء مكتبة عامة في الدلم قبل أكثر من خمسة وأربعين عاماً.. وأُنشئت المكتبة عام 1384هـ وكان مقرها في بلدة العذار بالدم.. وكان من أبرز المؤسسين لها علي بن حمد العسكر وسعود بن عبد العزيز المعيبد وراشد بن زيد بن طالب وسعود بن عبد العزيز الدهيمي ومحمد بن عبد الرزاق وعبد الله بن هلال العسكر وعبد العزيز بن جريد وبلغ عدد المؤسسين أربعة وعشرين فرداً.. وكان اسمها: مكتبة العذار الأهلية العامة، وقد انتقلت المكتبة من مبنى مستأجر من الطين إلى مبنى آخر أُقيم لها من الطين أيضاً.. ثم تبرع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بشراء قطعة أرض وإقامة مبنى للمكتبة وبقيت المكتبة فيه إلى أن ضاق بها المبنى نظراً لكثرة الكتب والأقسام الجديدة لها فرؤي استئجار مقر جديد لها حيث كانت قد ضُمت إلى الإدارة العامة للمكتبات في وزارة المعارف عام 1401هـ وعُين فيها عدد من الموظفين بلغوا ثمانية موظفين.
ولما انتقل الإشراف على المكتبات العامة من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة الثقافة والإعلام أصبحت المكتبات تابعة لوزارة الثقافة وأُحيل أول أمين لها وهو الأستاذ علي بن حمد العسكر إلى التقاعد بعد خدمة طويلة وخدمات جليلة قدَّمها للمكتبة.. وانتقل عدد من الموظفين إلى وزارة التربية.. والمكتبة الآن بأمسّ الحاجة إلى موظفين حيث لم يبق فيها إلا موظف رسمي واحد هو مديرها الأستاذ عبد الله بن حمد بن بسام.. وكان لهمته ونشاطه دور كبير في نهوض المكتبة فقد أمدّ المكتبة بمصادر جديدة حيث يطالع الداخل للمكتبة قوائم بما يلي:
1- صور للنشاط والنهضة العمرانية والزراعية في الدلم ومتابعة كل جديد في ذلك.
2- قسم للكتب والمؤلفات عن الدلم وقراها وضواحيها.
3- قسم لمؤلفات أبناء الدلم والعلماء الذين نشؤوا فيها ووصلوا إلى مراتب عليا في الجامعات ودور الثقافة والتربية والتعليم.. (وهذا القسم بحاجة إلى تواصل أبناء الدلم وبخاصة أصحاب الرسائل الجامعية وهم عدد كبير جداً في شتى التخصصات).. والمؤمل أن يجودوا بنسخ من رسائلهم وبحوثهم للمكتبة كي يستفيد منها أبناء المنطقة والباحثون ويكون فيها حفز للهمم وإذكاء للعزائم.
4- أما المجلات والدوريات فإن لها مكاناً خاصاً وبارزاً يجد فيه القراء والباحثون الأعداد الجديدة من المجلات والنشرات والصحف ويتابعون فيها كل جديد في ميادين العلم والفكر والثقافة.
وينتظر سكان الدلم والمثقفون فيها إقامة المبنى الحكومي للمكتبة على الأرض المخصصة لها.. وهذا المشروع الذي سينفذ قريباً -بإذن الله- سيكون له أثر كبير في أداء المكتبة برسالتها الثقافية والعلمية حيث ستوجد قاعات للمطالعة وتنفيذ البرامج المساندة ومعارض الكتب وغير ذلك.
وكنت أظن أن المكتبة لقدم تأسيسها لا تحتوي على كتب جديدة أو مراجع لموضوعات معاصرة.. ولكنه وفي آخر زيارة لي لها وجدت فيها مراجع قيمة جداً وكتباً نفيسة في جوانب علمية وفكرية هامة منها: الثقافة الإسلامية: الفقه والعقيدة والتفسير، ومنها في اللغة العربية وآدابها ومعاجمها، ومنها كتب التاريخ والتراجم والجغرافيا.. هذا إلى جانب الكتب العامة الأخرى في شتى المعارف والفنون.
هذا ما جعلني أدرك أن وزارة المعارف ثم التربية والتعليم ثم الثقافة والإعلام قد قدّمت هاتان الوزارتان لمكتبة الدلم وغيرها من المكتبات في مدن المملكة خيرة الكتب والمراجع وزودتها بأنفس المؤلفات القديمة والحديثة وهي تدعو القراء والباحثين للاستفادة منها والتزود بزاد العلم والمعرفة الذي به تنهض البلاد ويرتقي شأنها وترتفع مكانتها وتتبوأ مكان الريادة وترتقي منابر القيادة العلمية والثقافية.. وفق الله العاملين المخلصين وحفظ لبلادنا نهضتها وأمنها وقيادتها إنه جواد كريم.
عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية