Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/05/2009 G Issue 13366
الأحد 08 جمادى الأول 1430   العدد  13366
نهاية الرأسمالية
خالد عبدالعزيز الحمادا

 

فوكوياما الذي أنهى التاريخ وأوقفه لصالح الحضارة الغربية الرأسمالية نجده اليوم يتراجع وينقظ أقواله ورؤاه السابقة، ويقول فيما معناه أنا لم أوقف التاريخ وأنهي الأحداث، وإنما أعلنت انتصار حضارة ونظرية تفوقت على منافسيها وتفردت بالسيادة وقدَّمت الإنسان الأخير.. إنسان الحداثة والحرية والديمقراطية وحياة الرفاه.. فوكوياما مازال مصرا على صحة أفكاره ورؤاه وأن قراءاته المستقبلية لم تفشل، وإنما الفشل في طريقة التطبيق فهناك انحراف عن المسار الصحيح، ولذلك أصدر مقاله بعد الأزمة المالية (انهيار أمريكا كمؤسسة)..



قراءات فوكوياما معمقة، وتدل على أنها تأتي بعد صبر وبحث ودراسة راصدة ولعلنا في مقالة قادمة نقف معه وقفات نستعرض فيها معظم رؤاه وأفكاره.. وما قصدته من هذا التقديم بفوكوياما لأنه صاحب الرؤية المقدسة والمبشر الأول بانتصار الحضارة الغربية الرأسمالية، ثم تأتي الأزمة المالية لتكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وعجلت بسقوط وفشل النظرية الرأسمالية فلم ينته التاريخ والإنسان الأخير المتحضر المرفه نجده الآن قد أصبح بائساً فقيراً فقد وظيفته وبيته وأصبح عالة يتكفف الناس.

فالرأسمالية كنظرية اقتصادية نراها اليوم تفشل، وقد كان معظم المفكرين الاقتصاديين يراهنون على فشلها وعدم نجاحها، وما سبق لها من تعثر وأزمات في السنوات الماضية وصححتها وتعافت منها هي بمثابة العصا المهترئ الذي تتكئ عليه لتكمل دورتها قبل مرحلة السقوط، فهي كما يراه المنظرون الاقتصاديون تحفر قبرها بنفسها وياله من تعبير بليغ، فكم من القبور حفرت، كم من البنوك سقطت وكم من المصانع أغلقت، وكم من الشركات أفلست، فقاعدة دعه يعمل دعه يمر لم تعد صالحة، فالمصنع ضعف عمله وتضاءل إنتاجه والمنتج لا يمر سريعا، ولم يعد رائداً مثلما قبل.

أما العقيدة الراسخة عند الرأسماليين وهي عدم تدخل الحكومة أو الدولة فدعه يعمل دعه يمر فنراها اليوم تهتز وتتخلخل، فلم تتدخل الحكومة وحدها لضخ السيولة بل هناك دور ومؤتمرات عقدت، فالعالم كله تدخل للإنقاذ فيافوكوياما هل هناك فشل أكثر من هذا، وهل أصلحت الرأسمالية وصححت نفسها وفكت طلاسمها ونفثت في عقدها حتى تنهض وتركض في مضمار الاقتصاد، كما الحصان وهل اعتمدت على آلياتها ولم تطلب العون من أحد.

ما تكشّف عن الأزمة المالية و نتيجة حتمية نظرية رأسمالية جائزة وغير عادلة تكدس المال في جهة وتفقر الجهة الأخرى أفراد تتضخم أرصدتهم وأفراد تنشف أرصدتهم، أمة غنية وأمم جائعة فقيرة تقتتل على رغيف الخبز.

وحتى ننصفها ففيها منفعة بسيطة لكن إثمها أكثر من نفعها فهي حركت السوق وحثت على العمل، وأعطت حريات، وسمحت بملكية وثراء الأفراد وعجلت لنا بالمنتجات التقانية وطورت وشجعت على البحث والإنتاج لكنها غيبت الأخلاق وهمشت القيم والمبادئ ونشفت الجانب الروحاني، وأغرقت في المادية وشجعت على الأنانية والاستئثار والنهم والجشع، فالمصلحة وكم أكسب وكيف أروج سلعتي هي الأرض التي نقف عليها وتنطلق منها.

وإذا كانت الشيوعية سقطت لأنها وقفت على الطرف، فكذلك الرأسمالية تقف على الطرف الآخر بينما الذي يقف في الوسط ويمسك بعصا الاقتصاد العالمي مع النصف هو الاقتصاد الإسلامي، ولكن كما ذكر الغزالي- رحمه الله- الإسلام قضية عادلة يرافع عنها محام فاشل.



Alhamada1427@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد