Thursday  06/01/2011/2011 Issue 13979

الخميس 02 صفر 1432  العدد  13979

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

مثلما قلنا بالأمس في نقد (القبلية) و(المناطقية) سلباً وإيجاباً وطالبنا ب(تجريم) من يحاول تكريسهما كمعوِّقين أساسيين في طريق تغليب الوطنية وازدهارها ونموها فوق كل التقسيمات الفئوية والإيدلوجية فإننا هنا نتناول (التصنيفات الفكرية) التي أدانها علناً خادم الحرمين الشريفين مليكنا المفدى - حفظه الله - في زيارته التاريخية للقصيم، إذ دعا إلى عدم تصنيف الأفكار - جزافاً - وتلفيق التهم للتوجهات الفكرية كيفما اتفق. وقال - حفظه الله - على الجميع أن يتآزروا لبناء الوطن وتعميق الوحدة الوطنية التي أرسى قواعدها (الموحِّد) العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيَّب الله ثراه- ، أقول قلنا في نقدنا للقبلية والمناطقية كل شيء والآن بودنا أن نتناول التصنيفات الفكرية وخصوصاً ما ينطلق من المشروع الوطني أولاً. مع أننا نعرف سلفاً أن (المفكر الإصلاحي) ومنذ الرسالات السماوية التي حملها أنبياء الله لإصلاح أقوامهم قد لاقت ولاقوا أشد المعارضات والتشويه والإيذاء وتلفيق التهم الباطلة من قِبل مجتمعاتهم الجاهلة وساداتها المنتفعين من استمرارية الجهل والسكون، ولنا في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الصمود والتصدي والثبات المبدئي في إكمال رسالته الخالدة رغم ما تعرّض له من محاولات التشويه والنبذ والحصار وتلفيق التهم الباطلة الجاهلة له ولرسالته السامية أيضاً.

وكما حصل مع الأنبياء الذين جاءوا لإصلاح أقوامهم وتخلصيهم من الكفر والخرافة والجهل والضلال فقد حصل للمفكرين كمصلحين دنيويين جاؤوا بفكرة تطوير أقوامهم واستشراف المستقبل لهم، أقول حصل لهم من المقاومة والنبذ والكراهية والاستعداء وإلصاق النعوت والتهم الجاهزة، ما لا يطيقه مخلوق، كل ذلك من قِبل القوى المستفيدة من التخلّف والجهل والسكون، ولعلنا نتذكّر ما حصل لمفكري أوروبا التنويريين النهضويين الذين دعوا إلى النهضة العلمية الشاملة في بدء عصر النهضة الأوروبية فاتهمهم القُسس والرهبان ب(الهرطقة) والإلحاد والخروج على تعاليم الكنيسة التي كانت تريد أن يبقى الوضع مثلما هو عليه لأنها كانت تمنح صكوك الغفران لمن يخضع لهيمنتها خضوعاً كاملاً، ولكن رغم عسف وجبروت الكنيسة ومقاصلها فقد انتصر المفكرون عليها وقامت النهضة على أكتافهم بينما بقي القُسس والرهبان معزولين في كنائسهم يؤدون طقوسهم الدينية فقط.

كل ذلك كان في أوروبا، أما في عالمنا العربي فقد حاول المفكرون التنويرون العرب أن يحذوا حذو مفكري الغرب فوجدوا من مجتمعاتهم الجاهلة كل أنواع المقاومة (السوداء) لأفكارهم فوصفتهم المجتمعات بأقبح الأوصاف وأسوأ التهم فعانى المفكرون التشريد والنفي والسجون، وفي النصف الأخير من القرن الماضي كانت التهم جاهزة لأي مفكر ينوي الإصلاح، بل تناولت تلك التهم حتى المثقف العادي الذي يؤمن بتقدم وطنه. فقد قالوا عنه إنه (ناصري)، ولما توفي عبد الناصر ألبسوه تهمة أخرى فقالوا (وحدوي)، وحينما فشلت كل الوحدات العربية قالوا عنه بأنه (شيوعي)، وحينما تهاوت الشيوعية قالوا عنه إنه (حداثي!!)، وحينما عرف الناس عنها قالوا عنه إنه (ليبرالي).

مع أن التهمتين الأخيرتين تعتبران أسخف تصنيف لأنهما ليستا أيدلوجيتين، بل نمط من التفكير لا أكثر. يبقى القول أخيراً أننا إذا تمسكنا ب(الوطنية) واعتبرناها أيدلوجية جديدة فلن يبقى للجهلة تهمة واحدة من قواميس التهم التافهة لاستعمالها ضد (الوطنية) فالوطن فوق الجميع.

 

هذرلوجيا
الهرطقة... ماذا بعد؟!
سليمان الفليح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة