Thursday  13/01/2011/2011 Issue 13986

الخميس 09 صفر 1432  العدد  13986

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في حمى النهايات، وحين يتحدث أهل الاختصاص عن المستقبليات، ويسوقون بين يدي المستمع والقارئ سيل التوقعات، ويعرضون وبتوسع جديد المخترعات واتجاهات الابتكارات خاصة التقنية منها، في هذه الأثناء يطرح الإنسان على نفسه سؤالاًَ عريضاً وغريباً، ترى هل سيموت القلم عمّا قريباً؟ هل سيورى جثمانه العزيز الثرى في الزمن المنظور؟ هل سيرحل عن دنيا الناس هذا المخلوق العجيب الذي أقسم الله عز وجل به و الذي عاش مع بني الإنسان قبل أن يخلق الله السموات والأرض ولا زال؟ هل سنكسر أقلامنا التي سطرنا بها أجمل الكلمات أو رسمنا بريشتها أروع اللوحات والتي كانت في لحظة من الزمن الفائت عنوان المثقف ومفردة من مفردات التجمل في المناسبات وعند أعلى الطبقات؟ هل سيأتي الجيل القادم ويسأل ما هو هذا الجسد المسجى الذي صار في قائمة الموروثات؟ هل... أعرف أن هذه الجملة من الأسئلة ربما تكون في خلج البعض منا نزع من الجنون، وتجديف ضد التيار، وغناء خارج السرب، ولكنها عندي حديث في المتوقع، وحوار في الممكن ولو بعد حين، أثارها لدي وعزز طرحها بعض الأوراق والأبحاث التي قدمت في ورشة العمل الموسومة ب «دمج التقنية في التعليم» والتي أقامتها على شرف معالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري كلية التربية في جامعة حائل وسط الأسبوع الماضي، والسر يكمن باختصار في: (المطالبة العلمية بالتوسع في استخدام التقنية الحديثة ومن جميع أعضاء هيئة التدريس وفي كل التخصصات وذلك سعياً وبحثاً وأملاً في تحقق تعليم أفضل يسمح لأبناء الوطن في الدخول بمضمار المنافسة العالمية الصعبة)، ولهؤلاء الباحثين المؤكدين على أهمية وجوب تعزيز وجود التقنية في التعليم أدلتهم وبراهينهم القوية المبنية على التجارب العالمية بل وحتى العربية وربما الخليجية وبعض المحاولات المحلية البسيطة، ومع أن البعض تحفظ على مثل هذا التوجه وحاول إعادة المستمع إلى عنوان الورشة الذي صيغ بعناية ودراية واسعة « دمج...»، والبعض الأخر حاول أن يكون متوازناً في رؤيته مطالباً بالتعليم أولاً، إلا أن الصبغة العامة لدى المختصين بالتقنية على وجه الخصوص تشير صراحة أو من بعيد إلى أن المستقبل المنظور يعزز وجوب استعداد المعلم لولوج عهد جديد يحتاج منه إلى أن يكون على دراية واسعة باستخدامات الحاسب الآلي وقنوات المعرفة ووسائل الإيضاح وسبل التواصل المتعددة التي أشرعت أبوابها عبر الإنترنت «العالم العجيب» في زمن الاتصال السريع والتقنية المتقدمة والخارقة لحجب الزمان والمكان؛ إذ إن المعلومات والمعارف موجودة في قارعة الطريق - كما يقال - ولكن الاختلاف بين هذا الأستاذ أو ذاك يكمن في امتلاك مهارة العرض والقدرة على البحث وإثارة الحوار والمناقشة بينه وبين طلابه ومريديه سواء عبر الجوال أو من خلال موقعه الشخصي أو مدونته الخاصة أو FACEBOOK أو SKYPE أو

إن هذا الطرح وحسب مؤشرات تغيرات الواقع العالمي فيه من المنطقية والعقلية والموضوعية ما يجعل استخدام القلم في الميدان التعليمي قد يندثر ويتلاشى أو على الأقل يقل استخدامه والاعتماد عليه خاصة حين يكون التعليم السائد في الزمن القادم هو ما يعرف «بالتعليم الإلكتروني» أو «التعليم عن بُعد»، وحتى أُقرب الفكرة التي أتحدث عنها ليأخذ كل منّا الموضوع في دائرته الشخصية؛ فالكثير من أساتذة الجامعات والكتاب و... ونحن نصنف في خانة جيل الماضي قل استخدامه للقلم وبدأ يعتمد في كتابة أبحاثه وربما مقالاته ويسجل أراقم الهواتف والعناوين، ويدوّن مذكراته وبرنامجه الزمني وأعماله الهامة الوظيفية والأسرية الشخصية في جهازه المحمول أو حتى جواله الشخصي وقد يكون توقيع بعض المسئولين اليوم توقيعاً إلكترونياً وهذا طبعاً من التغير الذي فرضه الزمن ويسر تحققه سهولة استخدام التقنية وروعة التصميم والإبداع في الإخراج والتحرير ومن ثم التواصل والاتصال مع عالمك الخارجي فضلاً عن طلابك والمستمعين إليك والمعجبين بك ومحبيك.

نعم قد لا يكون المقصود بالقلم في النصوص القرآنية والأحاديث النبوية هو هذا الجرم المعروف في حسنا نحن، وإنما كل ما يدوّن به ويكتب يصدق عليه اسم القلم، ولذا فما يكتب به الإنسان في جهازه هو قلم حتى ولو أخذ شكلاً جديداً وصار له صورة أخرى خلاف المألوف ولكنني في هذا الطرح أردت أن ألفت الانتباه إلى قضية هامة لا أستطيع الآن أن أحدد موقفي الشخصي منها ولكنني أطرحها بين يدي القارئ الكريم وأتمنى أن أسمع فيها رأى أهل الاختصاص، ترى هل هذا النوع من التعليم الذي لا ورقة فيه ولا قلم هو ما نطمح إليه من أجل بناء جيل مثالي منشود، وهل هو الوسيلة المثلى التي نحقق بها تعليماً أفضل، هل من الإيجابية التربوية والتعليمية أن تتسابق جامعاتنا اليوم إلى التوسع في التعليم عن بُعد، أم أن لمقاعد الدراسة ولرائحة الطباشير وصرير الأقلام أثرها المباشر والفعال على حركة البناء والتهذيب، هل المعادلة الأفضل التعليم أولاً ثم توظيف التقنية حسب الحاجة دون المساس بالجوهر التربوي الذي يحتاجه كل طالب تحتضنه مؤسسة تعليمة حتى ولو كبر، أو أن سيل التقنية قادم وبقوة ولذا لا مكان للموازنات ولا وجود لمثل هذه التخرصات والمعادلات؟، وعلى افتراض تخلي هذه الكيانات التنموية الهامة عن دورها التربوي والاكتفاء بمنح الشهادة المؤسسة على كم المعارف والتقييم والتقويم عن بُعد، من سيقوم نيابة عن مدارسنا وجامعاتنا بهذا الدور التربوي الهام، أو أنه هو أيضا سيرحل عن دنيا الناس في قادم الأيام؟ وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
هل انتهى عصر القلم
د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة