Thursday  27/01/2011/2011 Issue 14000

الخميس 23 صفر 1432  العدد  14000

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

يقولون: «رضاء الناس غاية لا تُدرك»، غير أن رضاء الله الخالق العظيم يُدرك بطاعته، بشهادة أن لا إله إلا هو, وأن محمداً رسوله ونبيه صلى الله عليه وسلم... وبالحسنات اللاتي يذهبن السيئات، بالذكر وبالصدقة... بينما الإنسان إن وضعك نصب عينيه كال لك من الهموم ما آيسك من صفائه، وإن حقد عليك جرَّ عليك نوائبه، وإن غار منك عمل جهده ليزيحك من مكانك... رضاؤه صعب المنال، وذو أثمان، إلا من كان الله الأقرب إليه، وأنيس مجلسه، ورفيق دربه، وشاغل قلبه، فلا ما ينازعه من بشر أو دنيا، ولا ما يرجح غاية ما عن الغاية في رضائه وجنانه... وكفالته وحمايته، وقد كفلها بموجب وعوده التي لا يخلفها... أما الإنسان فكم يخلف من العهود...؟ وكم يركل من أجل آماله وغاياته وحاجاته بحجارة من النميمة والغيبة، وربما البهتان... أو في الجباه دون ما رادع إلا الادعاء بأحقيته دون غيره، أو بأفضليته عمن سواه...

«رضاء الناس».. ليس غاية في الحقيقة، إلا من كان منهم أباً وأماً... وإن جاهداك على كرب، أو كان ذا قربى فتصطبر على ظلمه بعفو، أو كان جاراً فتجاهد فيه جفوته بإحسان، أو ذا رحم فتجاهد قطيعته بوصل، ولا تفعل ذلك إلا إرضاء لربك، حين يكون العمل على إرضائهم وصلتهم، هو إرضاء له تعالى معمِّر القلوب العارفة به، ونورها وهاديها، الذي رضاؤه سبحانه وتعالى هو الغاية الكبرى...

إنك تدرك الرضاء في السماء، عند رب رحيم كريم... هو أقرب إليك منك، أضمن من أن تدركه فوق الأرض, من ابن التراب... هذا الطيني الذي لا يشذبه شيء غير التقوى، ولا يطهر دخيلته مناط سلوكه، إلا الإيمان، ولا يقربه من الخير, ومسالكه إلا الاحتساب لله...

هذه الثقافة الإيمانية، أسفاً تنقص الكثير من الناس، فتجد منهم من يطلب رضاء الناس على حساب نفسه، كرامتها، وحقها, وصدقها، حين يحدث أن يقف هذا النمط من الناس بين حاجته، ورغائبه ضعيفاً، وبين ظالمه... ومنهم من يطلب رضاء الناس بظلمه لنفسه، حين ينقاد من أجل رضائهم للتفريط فيما يرضي خالقه, فلا يكفي أن يظلم نفسه، بل يخسر رضاء ربه، وهو في الوقت نفسه لن ينال رضاء من ظلم نفسه من أجل إرضائه من البشر، لأن غايته تلك لن تدرك منه...

جميل أن يتراضى الناس، لكن هذا التراضي لا يعم بين الذين لا يتقون، أو الذين لربهم يجهلون، وبذلك لأنفسهم ولغيرهم يظلمون...

جاءت هذه الكلمات إجابة عن سؤال وجهته لي سيدة قابلتني قبل أيام عن: «كيف لنا أن ندرك رضاء الناس؟»

ولم تبخل عليَّ بما يمر عليها من نماذج من الناس احتكت بهم، ووقعت في ظلم نفسها من أجل إرضائهم، وبلغت المورد فلم تجد ماء... وخرجت من الموقف خاسرة...

فقلت لها ذلك.

 

لما هو آت
من يستحق الرضاء..؟
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة