Saturday  12/03/2011/2011 Issue 14044

السبت 07 ربيع الثاني 1432  العدد  14044

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

عندما قام العقيد القذافي بانقلابه العسكري ضد الملك السنوسي في ليبيا، كان الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة قد خرج مهزوماً للتو من هزيمة حرب 1967م عندما دمرت إسرائيل كامل سلاحه الجوي على الأرض واحتلت سيناء وقناة السويس ودمرت فرقه العسكرية في ستة أيام.

وجد الرئيس جمال عبد الناصر في العقيد القذافي في حينه الرجل الذي سيعيد له شيئاً من كرامته المهدورة فهو متحمس للوحدة العربية وينادي بالاشتراكية وتحت سيطرته ثروة بترولية فاحتضنه وبالغ في تمجيده وسخر لحمايته ما تبقى لمصر من قوة مخابراتية.

مات جمال عبد الناصر بعد نحو سنتين من انقلاب القذافي، وسرعان ما تكشف لخليفته محمد أنور السادات شوفينية هذا العقيد ونرجسيته، التي تنم عن أمراض نفسية معقدة تصل إلى ما يسمى بجنون العظمة، من خلال تمسك العقيد بالسلطة وبالرغبة الجامحة في زعامة الأمة العربية كلها بل والأمة الإسلامية، ودمويته في التعامل مع معارضيه.

انفض عنه بسبب تصرفاته المتسمة بالكبر والغطرسة كل الزعماء العرب ما عدا المداهنين منهم لأسباب دبلوماسية ومصالح إستراتيجية، وانفضت عنه الشعوب العربية التي رأت فيه يوم من الأيام البطل الذي سيوحد ليبيا مع مصر وتارة توحيد ليبيا مع دول المغرب العربي.

ولا زلنا نذكر تطاوله على القيادة السعودية في قمة الدوحة عام 2003م التي أظهرت حقده وحماقته وغروره.

فرض هذا العقيد رؤيته على الشعب الليبي، ولم يتحول كما فعلت كل الثورات من مفهوم الثورة إلى مفهوم الدولة، فعاد بليبيا إلى عصر الدولة اليونانية حيث الديمقراطية المباشرة والمؤتمرات الشعبية، وسمى الوزراء بالأمناء وأطلق على ليبيا اسماً طويلاً مركباً تعكس جنون العظمة فسماها الجماهيرية العربية الليبية الديمقراطية الاشتراكية العظمى، وأصدر كتابه الأخضر ليحل محل الدستور والقوانين وعين مريديه ومداهنيه في تلك اللجان وأوهمها بأنها هي التي تحكم واستمر قائداً للثورة لمدة 42 عاماً، تاركاً ليبيا دون مؤسسات دستورية، ملغياً في الواقع مبدأ الفصل بين السلطات فهو السلطة التنفيذية وهو السلطة التشريعية وهو الذي يأمر أو يلغي الأحكام القضائية.

وقد تأكد لكل من كان لديه بعض من حسن النية تجاه هذا العقيد موقفه من ثورة شعبه، وخطابه الذي أوعد فيه وأزبد مدعياً أنه (المجد) وأنه (الصخرة الصماء) وأنه سيقاتل شعبه حتى (آخر رصاصة) ويحرض القبائل الليبية على بعضها طالباً النصرة ومهدداً باستعمال القوة ضد شعبه الجرذان ومتعاطي المخدرات، الذين ثاروا على (ملك ملوك أفريقيا) كما يحلو له أن يسمى بعد أن فشل في أن يكون ملك ملوك العرب أو خليفة المسلمين.

وما أتمناه في نهاية هذه المفارقة أن يقلع العرب عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، وأن يتعاملوا مع الحالة الليبية كحالة استثنائية وينتصروا للشعب الليبي الذي ثار لتخليص العرب كل العرب من هذا المريض النفسي الذي يهدد بحرق ليبيا وشعبها كما فعل نيرون الذي طغى وقتل أمه وزوجته ثم أحرق روما واتهم الشعب بحرقها ثم انتحر.

كتبت هذه المفارقة في 27 فبراير والأساطيل الأمريكية تجوب المياه الإقليمية الليبية، وقد عودنا الشعب الأمريكي على رفع مستوى شعبية أي رئيس له إذا ما غامر عسكرياً وانتصر، فهل يفعلها أوباما في ليبيا رافعاً راية القصاص للأمريكيين الذين قتلوا بتفجير طائرة بان أمريكا فوق لوكربي بأمر من القذافي، فنصبح ذات يوم والقذافي كما الزعيم الصربي في زنازين محكمة الجنايات الدولية، ويعود البترول الليبي للتدفق من جديد إلى المصافي الأوروبية.



 

مفارقات لوجستية
نيرون ليبيا
د. حسن عيسى الملا

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة