Friday  27/05/2011/2011 Issue 14120

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1432  العدد  14120

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر، صاحب فكر نيّر وقلمه السيّال راصداً لأفكاره المهمة المترابطة، وقد أحسن في رصدها، نرجو من الله أن يمد في عمره، حتى تستكمل الحلقات، التي بدأها طالبا ثم أستاذاً ومسؤولاً في الجامعة، ثم صار في موطن الريادة، ومستوى المسؤولية، ومن النادر جداً،

أن يتسع أفق ونظرات غيره، لتدوين ذكريات بمثل ما عمل معالي الدكتور.

وبين يدي القارئ الجزء 21 من كتابه: وسم على أديم الزمن: لمحات من الذكريات، الطبعة الأولى عام 1432هـ-2011م والذي جاء في المقدمة، بأن هذا الجزء الذي بدأه بيوم 1395هـ-1975م، سيشمل دخول عام 1396هـ-1976م، وبدأ بالعام الذي يليه 1397هـ-1977م، وقد أراحه كثيراً، في بعض الأمور أن بداية التأريخ الهجري متقارب مع التأريخ الإفرنجي، يقول في هذه المقدمة التي بلغت 11 صفحة تقريباً.

هذا هو الجزء 21 من (وسم على أديم الزمن) ويبدأ بوصف آخر الأشهر التي قضيتها، في وزارة الصحة قبل أن أنتقل لوزارة المعارف، وفي هذا الجزء والأقسام التالية منه، سوف يجد القارئ أنه يسير على النسق نفسه، الذي سارت عليه الأجزاء السابقة، من ذكر الحوادث المصحوبة ما أمكن بالوقت والتأريخ، زيادة في التوثيق، ورغبة في أن تكون الصورة مكتملة.

وسيرى القارئ أنها شملت النشاط في النهار وفي الليل، وشملت جوانب العمل بوفاء، والجوانب الاجتماعية، التي تكون أحياناً راكبة على العمل، مثل الحفلات الرسمية (ص5-6).

ثم ذكر أن عمله في الصحة -وزيراً- مهما خطط له، فإن أموراً تخطف العمل اليومي، لأمور طارئة وفق حالات المرضى، ويدرك أنه لا غيره، بمثل اهتمامه، لأنه المسؤول الأول، فيضطر أن يلبس على عجل، وبمجرد وجوده في الموقع تتحرك عجلة الإسعاف والعناية، كأن عمل الوزير أو حضوره، هو العصا السحرية، المعدة لإنجاز هذا العمل (ص10-11).

وهذا الجزء فيه أعمال مهمة، مع كبر حجم الكتاب الذي بلغت صفحاته (551) تلحقها الصور والوثائق، والفهارس وغيرها، وقد أخذت (138) صفحة.

ولن نستقصي الكتاب كله في العرض، لتشعب مادته، ولما فيه من أمور مهمة تدل على متابعة المؤلف، واهتمامه بعمله، ولكن سنمر قدر المستطاع، بما يفي بالحيز المتاح، ليكمل القارئ الكريم البقية بالاطلاع على الكتاب، الذي جعله المؤلف، متعة للقراء بأجزائه المتتابعة.

وفي ص16 عن المناقصات بدأ الصفحة بعنوان كبيرة، هو عام 1395هـ-1975م واعتبر المناقصات مما يشغل ذهن المسؤولين، الذي يتعاملون وفق أنظمتها، إلا أنه من جوانب ضعفها في إحدى المواد: حيث يدخل ضعيف النية من الموظفين أو مقدمي العروض، لكن يأتي الخلل من المقاول، أو المورد أو الموظف الحكومي، وفساد نية أحدهم يبطل أي نظام مهما كانت قوته ص16-17.

وقد اعتبر نظام المناقصات، تناله النبال التي ترسل بشدة حتى هذا العام 1431هـ - وهو عام تحرير هذا الجزء- ولو قام دارس بتتبع أسوار تطبيقه لرأى عجباً ص19.

أما والدته فقد ذهبت لفرنسا لزيارة أخيه حمد ولإجراء عملية في عينها، لكنها لما رجعت للرياض عُرِضت على طبيب أخبرهم أن العملية غير ناجحة، فرجعت لفرنسا ثانية وأخبرهم الطبيب المعالج، أن العملية ناجحة وتحتاج لوقت، ويبين أن هذا هو الصحيح (21).

وفي ص22 قال: كنت حائراً أيهما للإنسان أنفع: السمع أو البصر، واستنتجت من ذكر الله سبحانه للسمع قبل البصر في القرآن أن السمع أهم، ولكن هناك من جادل، في أن النظر أهم، فرجح هذا أحد الإخوان المكفوف الذي فضل السمع.. وفي هذا قال من باب التوثيق: تذكرت حينئذ أن إحدى السيدات، وقد سكنت معها ومع زوجها وأبنائها، في لندن فذكرت لي أنها أصيبت بـ(التيفوئيد) وهي حمى خطيرة، وأنها فقدت سمعها لمدة ثلاثة أشهر، وأنها كادت تجن لما مر عليها من صعوبات بسبب ذلك، وتقول: كان ابني الرضيع قد سقط خلفي، وكان يبكي من ألم السقطة، ولم أعلم عنه إلا بعد أن جلب صوته أناساً، أقلقهم صراخه، فنبهوني، وتقول: إن جرس الباب يقرع بشدة، وأنا في الصالون، وظهري للحديقة، والطارق يراني ويستغرب ألا أرد، فيلجأ إلى الطرق على الزجاج والنافذة ولا مجيب.

ونجلس على المائدة، زوجي وأولادي وأراهم يضحكون، ولا أدري علام يضحكون.

وقالت: إن هذا قليل من كثير، هذا فقط داخل البيت، ولا تسل عن الصعوبات خارج البيت، هي مدرسة (ص22-23).

وعن المجلس الأعلى للجامعات، ذكر السبب في عدم الاستمرار في الجلسة، وذلك أنه عندما استعرض جدول الأعمال، لفت نظره أن كل ما فيه من اختصاص، مجالس الجامعات، وهذا دليل على بُعد المسؤولين في الأمانة عن العمل في الجامعات، وقد تسبب هذا في عدم الاستمرار في الجلسة (ص31).

وقد تطرق لفوائد الباب المفتوح من الوزير، واستقبال المراجعين، لما فيه من دراسة نفسية المراجع، واهتمام رؤوساء الأقسام، مخافة من أن عند بعضهم، بدون نتيجة، ليدخل مكتب الوزير المنفتح، أمامه فما في ذلك من مصالح، منها دراسة نفسية المراجع، ثم مناقشة تلك الفوائد من جهات عديدة، حيث تبين نجاح الفكرة، وقد بسط الموضوع وناقشه، في عدة صفحات، فبانت المصالح له من وراء ذلك، ومن مباشرة المسؤول الأول العمل مبكراً الساعة 7.30، ومتابعة رؤوساء الأقسام الذي اضطروا للتكبير (ص58-68).

وقد أعطى مقارنة عن عمله في وزارة الصحة، وما قبلها وبعدما استلم وزارة المعارف، وطبيعة كل من هاتين الوزارتين، التي تختلف إحداهما عن الأخرى، اختلافا جذرياً، وقد أبان ذلك في الصفحات (69-71).

وفي ص84 حضر اجتماعاً في لجنة، برئاسة صاحب السمو الأمير متعب بن عبدالعزيز، وزير الأشغال التي كانت جديدة الإنشاء، وكان من أبرز أعمالها العمارات والفلل، التي بنتها في المناطق المختلفة، ولما أصبحت جاهزة، لم يكن الإقبال عليها ذا حماس، لأن الناس لم يتعودوا على السكنى في العمارات، لكنها أفادت عندما قامت حرب الكويت، فاستقبلت الوافدين من الكويت، وبعد عدة سنوات، ابتدأ السعوديون يقبلون على السكنى للحاجة، ثم لإدراكهم بأن الأمن قد يكون متوفراً أكثر مما هو في الفلل، التي قد تتعرض للسرقة، عند السفر (84-90).

ويمكن اعتبار هذا من الرصد للأوليات عندنا في الحالات الاجتماعية والعملية التي حرص على إبرازها في ذكرياته وهي عديدة، وقد أورد لذلك شواهد، وحقائق حصلت للناس، محذراً من التملك في غير بلد أي إنسان مورداً الشواهد، والمصائد التي وقع فيها بعضهم، ومستشهداً بالمثل القائل: بيت ماهو في بلدك ليس لك ولا لولدك، ومورداً نماذج بحكايات بين الغرابة، والتنقيل من بعضهم.

وفي هذه الوقائع درس مفيد لمن يريد التنبيه، حتى لا يقع فريسة للطامعين، ومن جانب آخر فهي حكايات يتندر بها وللعظة وأورد نماذج وقع ضحيتها كثير من الناس للتنبيه والاعتبار: فالسعيد من وُعِظَ بغيره -كما يقال-.

ولما كان بين محمد حسين أصفهاني، صاحب مطابع الأصفهاني بجدة، مشكلات مع وزارة المعارف لأنه متعهد لطبع بعض كتب الوزارة، فقد حل محل الأمر المعلق في اللقاء معه بيسر وسهولة (ص99-100، فكان لقاء معاليه معه له دور في التغلب على كثير من الشعاب المعترضة.

وبمثل هذه السهولة والمرونة قضى على فكرة المباني الجاهزة للمدارس في وزارة المعارف، التي قطعت مراحل عديدة وآخرها قد شارف على الانتهاء، فأنهاها مع مندوب الشركة الأجنبية، وقضى على التمديد، بعبارة لطيفة، أفهمه بها وسد الباب عليه، وهي قوله: إن الوزارة قد اتجهت اتجاها آخر (ص109-110).

والمهتمون بالقراءة، وتوسيع المدارك، راحتهم وسعادتهم بين الكتب، ويعتنون بمكتبة المنزل، فإن الدكتور من المتعلقين بالكتاب، فيستمد منه النداء الروحي، لأن الكتاب هو شغل المثقف، وهواية طالب المعرفة، لذا نراه في بيته في الطائف، فترة العمل الصيفي، قد أوصى على دواليب لما بدأت مكتبته تتكاثر فيها الكتب، وضاقت رفوفها.

وأورد قصة طريفة، لمن يقتنون الكتب تفاخراً، حيث قرأ في أحد كتب تأريخ الأندلس فقد كان أحد أسواق بيع الكتب، به كتاب معروض، جلبه أحدهم، فجرى التزاود بين رجلين، حتى وصل إلى حد عالٍ، فنهض أحد المتزاودين، وسأل عن المزاود، فلما تعرف عليه، قال له: إذا كنت في حاجة ملحّة، فهو مستعد أن يوقف الزيادة في السعر، لأنه تعدى المعقول، فقال الآخر: إنه لا يقرأ ولا يكتب، وإنما هناك ثغرة في رف من رفوف مكتبته، وقد وجدت هذا الكتاب بحجمه وتجليده، خير ما يمكن سد تلك الفتحة (ص116-119).

وهذا الكتاب مليء بالأمور المهمة التي حرص المؤلف على أهمية ذكرها، فهو كالحديقة الغنّاء التي يطيب للزائر تذوق ما فيها من فواكه متعددة، لكن يحول دون ذلك مانع لا محيد عنه فنعتذر للقارئ الكريم عن إكمالها ونحيله لهذا الكتاب ليستمتع لقراءته وهذا لا يعفينا من خاتمة مناسبة لهذا الموضوع، في صلاة الجمع والقصر في الجنادرية، وهل المسافة كافية لذلك.

فأورد رأياً للشيخ ناصر الشثري بأنها كافية، مستشهداً بفعل الشيخ ناصر الذي صلى بالملك وهم معه، وأورد شاهداً آخر في سنة ماضية، كان الملك فيصل هو الملك، فوصل وهم قد صلوا، فتقدم الشيخ ناصر وصلى بهم إماماً، ودار الحديث هل يجوز أن يصلي مرة أخرى، بعد أن صلى بهم، فهو يشكك في هذه الحالة وفي حالات أخرى ذكرها لكن الشيخ ناصر حجة لأنه عالم ابن عالم.(ص229-231).

 

نظرة في كتاب: لمحات من الذكريات
د.محمد بن سعد الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة