Friday  27/05/2011/2011 Issue 14120

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1432  العدد  14120

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

دوليات

 

جمهورية أذربيجان في عيدها الوطني
بقلم سفيرها لدى المملكة د. توفيق عبدالله بييف

رجوع

 

يحتفل الشعب الأذربيجاني غدا بالذكرى الثالثة والتسعين لإقامة دولته المستقلة فقد حصلت أذربيجان على استقلالها من روسيا القيصرية في عام 1918 وأصبحت بذلك أول جمهورية ديموقراطية في الشرق الإسلامي، واحتفظت أذربيجان لاستقلالها لمدة سنتين فقط ومثلت هذه الفترة الوجيزة من الاستقلال مرحلة ساطعة في تاريخ دولة أذربيجان ومكنتها من ممارسة سياستها الخارجية والداخلية المنبثقة من المصالح القومية.

غزت قوات الجيش السوفيتي في أبريل عام 1920 وأقيم نظام الحكم التابع للسلطة المركزية التي كانت تدار من موسكو ومنذ تلك الفترة ولغاية 1991 بقيت أذربيجان ضمن منظومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية ونتيجة نضال الشعب الأذربيجاني من أجل الحرية استعادت أذربيجان استقلالها من جديد في عام 1991 ودخلت بذلك في مرحلة تاريخية جديدة قدمت اصلاحات اجتماعية واقتصادية عديدة في البلاد.

إن تطور دولة أذربيجان اجتماعياً وسياسيا واقتصاديا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بشخصية الرئيس الراحل حيدر علييف حيث ظهر في المفوضية الأذربيجانية إثر مقتل مئات الأشخاص بأيدي القوات السوفيتية في شوارع باكو في يناير 1990 في موسكو، وطالب بمعاقبة مديري ومخططي هذا العمل الإجرامي بحق شعب أذربيجان وفي يوليو عام 1991 انسحب علييف من الحزب الشيوعي احتجاجاً على سياسة قادة الاتحاد السوفيتي تجاه الصراع الدائر في إقليم قاراباغ.

وفي يوليو 1991 عاد حيدر علييف إلى أذربيجان وأقام أولاً في باكو، ثم انتقل إلى ناختشوان، وانتخب في ذلك العام نائباً لمجلس الشورى لأذربيجان، وفي الفترة من 1991 - 1993 تولى علييف منصـب رئيس المجلس الأعلى لجمهورية نختشوان ذات الحكم الذاتي ونائباً لرئيس المجلس القومي لجمهورية أذربيجان.

ولقد شهدت الفترة ما بين شهري مايو - يونيو 1993 توتراً بالغا داخل الحكومة الأذربيجانية مما دفع بالبلاد إلى حالة الحرب الأهلية، وكان بمثابة تهديداً لاستقلاها، وطالب شعب أذربيجان حيدر علييف بالعودة إلى منصبه، وأرغم زعماء أذربيجان آنذاك على توجيه دعوة رسمية لعلييف للحضور إلى باكو وفي يونيو 1993 انتخب رئيساً للمجلس القومي في أذربيجان وفي 24 يوليو وبقرار من البرلمان تولى علييف سلطات رئيس الجمهورية.

وفي 3 أكتوبر عام 1993 انتخب علييف رئيساً لجمهورية أذربيجان في استفتاء وفي 11 أكتوبر 1998 حصل على 76% من الأصوات في الانتخابات التي شهدت مشاركة واسعة ليعاد بذلك انتخابه رئيساً للبلاد.

وفي عام 2003 وافق علييف على ترشيحه لخوض انتخابات الرئاسة في 15 أكتوبر إلا أن ظروفه الصحية اضطرته للإنسحاب.

وأذربيجان معروفة بأرض النار، وذلك من قديم الزمن، حين سادت عبادة النار في المنطقة، وقد عرف بترول أذربيجان في الفترة من القرن الرابع إلى القرن الثالث ق. م بزيت ميديان، كما ورد ذكر زيت باكو في كتابات باولو الذي سافر عن طريق الحرير القديم وقد تجاوزت شهرة بترول باكو الآفاق، وجذبت العديد من المستثمرين الأجانب بقيام الثورة الصناعية.

وكان أول حفر ميكانيكي لبئر بترول في العام عام 1848م في بيبي - هيبات على ساحل بحر قزوين قرب باكو، وذلك قبل حفر نظيره في الولايات المتحدة بأحد عشر عاماً إلى أن المسلم به في تاريخ البترول أن أول حفر لبئر بترول كان في بنسلفانيا بالولايات المتحدة عام 1895، وهو التاريخ المعروف كبداية صناعة البترول في العالم، في عام 1871 شهدت أذربيجان أول إنتاج للبترول بالطاقة البخارية وبنهاية القرن كانت أذربيجان تنتج ما يزيد على نصف إنتاج العالم من النفط واشتهرت باكو آنذاك بأنها مهد صناعة البترول في العالم.

وفي عام 1872 ألغي احتكار الدولة لصناعة البترول، وبدأت عجلة الاقتصاد في الدوران واتسع نشاط الشركات الأجنبية، والمؤسسات التجارية في أذربيجان وفي عام 1901 كانت باكو تنتج أكثر من 50% من بترول العالم أي 95% من إنتاج الامبراطورية الروسية، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر فاق إنتاج باكو من البترول إنتاج الولايات المتحدة وقد أسفرت التغيرات التي حدثت في صناعة البترول عن تبوء باكو المرتبة الأولى على مستوى العالم وفي 1879 أسس الإخوة نوبل شركتهم في باكو كما ساهم رجال أعمال: مثل روتشايلد في استثمارات الاقتصاد الأذربيجاني وقد كان لبترول باكو دور كبير في تأسيس صندوق نوبل الذي يقدم جائزة نوبل حيث شارك الفريد نوبل وهو أحد المساهمين في شركة الإخوة نوبل في باكو بحوالي 12.4% من رأس ماله وقد كان تطور صناعة البترول في أذربيجان حافز لنجاح غيرها من الأنشطة الصناعية وتحديداً عام 1907 حين تم إنشاء خط أنابيب باكو - بانومي لتصدير البترول.

وأثناء الحرب العالمية الأولى كان نفط باكو محط الاهتمام حين تعاظمت الحاجة إلى الوقود لتسيير آلة الحرب الجديدة وقد أسفر هذا الاهتمام في الفترة من 1918 - 1920 عن صراعات سياسية بين عدة دول تحديداً روسيا وتركيا وألمانيا وبريطانيا وفي عام 1920 وعلى الخلفية المذكورة آنفاً احتل الروس أذربيجان.

ولقد لعب نفط باكو دوراً رئيسياً في هزيمة الفاشية الألمانية إذ كان وقوداً لواحدة من كل اثنتين من دبابات السوفيت وواحدة في كل ثلاث طائرات حربية، وذلك أبان الحرب العالمية الثانية ومن هنا تدرك السبب في وضع باكو كواحد من أهم أهداف هتلر ضمن خطته لهزيمة الاتحاد السوفيتي.

وباستقلال أذربيجان في أوائل السبعينات، بدأ عهد جديد شهد انتعاشاً في صناعة البترول وقاومت قيادة أذربيجان كافة الضغوط الداخلية والخارجية التي وقعت عليها، وأتاحت ثروات بحر قزوين للعالم بدعوتها لكبار رجال البترول للمشاركة في تطوير ما لديها من ثروة نفطية.

وفي 20 سبتمبر عام 1994، تم توقيع عقد القرن بين حكومة أذربيجان وعدد من شركات البترول، لتطوير حقول البترول الموجودة في أذربيجان وتشيراج وجاناشلي وبموجب هذا العقد فاتحة لتوقيع عدد من اتفاقيات الإنتاج المشترك بلغت قيمتها ما يربو على 40 مليار دولار أميركي، وذلك مع كبريات شركات البترول الدولية، لتطوير نشاط استخراج البترول من حقول أذربيجان (في البر والبحر على حد سواء) وشهدت باكو قيام العديد من شركات البترول الدولية على أرضها - كشركات أجيب وبي بي (البريطانية للبترول) وتشيفرون، وأكسون موبيل، ولوك أويل وغيرها من الشركات، التي تمثل ما يزيد عن 14 دولة لتصبح باكو بذلك بمثابة (الأمم المتحدة) لصناعة البترول.

إن جمهورية أذربيجان هي عضو في منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الفرعية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، ووحدة الدول المستقلة وبرنامج التعاون لأجل السلام لمنظمة الناتو ومنظمة التعاون الاقتصادي لبلدان حوض البحر الأسود ومنظمة التعاون الاقتصادي لبلدان الشرق الأوسط: أذربيجان، إيران، باكستان، أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى وعدد من المنظمات الدولية الأخرى.

وقد أصبحت عام 2001م عضواً في المجلس الأوروبي (البرلمان)، وبذلك انضمت إلى الأسرة الأوروبية، ومنذ استقلال أذربيجان أصبح شعار الإسلام رمزاً من الرموز الثلاثة الموجودة على علم دولة جمهورية أذربيجان المستقلة الجديدة، وتم قبول أذربيجان عضواً في منظمة المؤتمر الإسلامي، وأصبح من التقاليد الرسمية أداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية بالقرآن الكريم قبيل البدء بمهامه الرسمية.

ومن الملفت للنظر أن أذربيجان تشهد اليوم حركة قوية لإحياء الإسلام وتعميق دور الدين ونفوذه في جميع مجالات حياة الإنسان الأذربيجاني: في العقيدة والأخلاق وفي صلة الإنسان بخالقه وصلته بالحياة، وعلاقة الفرد بالمجتمع، وفي التعليم إلى غير ذلك من سائر المجالات، وهذا الأمر يبعث على الأمل في أن يتم التطور الثقافي في هذا البلد الإسلامي على النحو المطلوب تحقيقاً لآمال شعب عريق له تقاليده وتراثه وأصالته. ونحن نشاهد نشاطاً في الحياة الثقافية الإسلامية في هذه السنوات الأخيرة، فقد فتحت الرحلات الجوية المنتظمة إلى كثير من البلدان الإسلامية.

لقد تم افتتاح المدارس والمعاهد الإسلامية الجديدة وتم بناء العديد من المساجد، وتشهد أذربيجان اليوم عملية إحياء واسعة لبعض المناطق الغنية بآثار الحضارة الإسلامية، ولقد تقرر ترميم كل المساجد القديمة والمباني الأثرية الإسلامية، وقد تمت ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأذربيجانية، ونشر الكثير من الكتب الإسلامية والإصدارات الدورية الأخرى وبدأت البرامج الإسلامية تبث بالراديو والتلفزيون، وقد بدأ لأول مرة منذ سبعين سنة الاحتفال والاحتفاء بكل الأعياد والمناسبات الدينية على مستوى الدولة والشعب.

احتلت القوات الأرمنية بمساعدة قوى خارجية 20% من الأراضي الأذربيجانية نتيجة للحرب التي شنتها على أذربيجان، ولا زالت حالة اللا حرب واللا سلم قائمة بعد اتفاقية وقف النار بين البلدين في 15 مايو أيار 1994، وقد أخضعت أرمينيا ولاية قاراباغ الآذرية بالكامل لاحتلالها، إلى جانب سبع مناطق إدارية مجاورة لها. ومنذ بداية العمليات العسكرية في عام 1989م استشهد أكثر من 30 ألف مسلم أذري وجرح 150 ألفاً معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال محتلة أكثر من مليون شخص ويعيش أغلبهم في المخيمات وعربات القطار وبعضهم في المباني الثقافية والاجتماعية والصحية و عددها 370 مبنى.

وقد شهد الشعب الأذربيجاني أسوأ صفحة في تاريخه تمثلت بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها القوات الأرمنية ضد السكان الأبرياء في منطقة (خوجالي) الأذربيجانية حيث قتل أكثر من 700 مسلم مدني بريء من ضمنهم 106 نساء و 83 طفلاً وتم أسر 1275 ومنهم 487 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين إلى يومنا هذا. إن كلمة خوجالي وما تضمنته من ارتكاب العديد من الفظائع والجرائم البشعة ضد الشعب الأذربيجاني تمثل رمزاً للإبادة الجماعية الوحشية ليس لها مثيل في القرن والإعلام الأرمني يحاول إتباع سياسة إعلامية مضللة للرأي العام العالمي.

إن العلاقات السعودية الأذربيجانية في تطور مضطرد وهذا يبعث على الرضا والطمأنينة بين البلدين ويعزز العمل المشترك لتطوير هذه العلاقة يوماً بعد يوم وهذا ما يثبت ما تتمتع به القيادة السعودية والشعب السعودي من مشاعر الأخوة الصادقة تجاه إخوانهم المسلمين في أذربيجان. ونحن نتطلع إلى تنمية هذا التعاون في كافة المجالات، ومما يعزز هذا التعاون وجود الروابط التاريخية المشتركة بدين الإسلام ولدينا ثقافة إسلامية مشتركة.

إنني أنتهز هذه الفرصة لأعبر نيابة عن حكومة وشعب جمهورية أذربيجان، عن أعمق امتناننا وشكرنا لقيادة المملكة العربية السعودية الحكيمة، وعلى وجه الخصوص خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، على تأييده الدائم لجمهورية أذربيجان في إطار منظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وباقي المنظمات الدولية وعلى المساعدات الأخوية التي تقدمها المملكة للاجئين والمشردين الأذربيجانيين. هذا بالإضافة إلى استضافة الحجاج الأذربيجانيين خلال سنتين على نفقة خادم الحرمين الشريفين، وعلى كرم الضيافة التي استقبل بها الحجاج، وكذلك الجهود الجبارة التي تبذل سنوياً من أجل راحة وسلامة ضيوف الرحمن، وليجزي الله خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء للأعمال الجليلة التي يقوم بها لخدمة الإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة