Friday  27/05/2011/2011 Issue 14120

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1432  العدد  14120

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

الاقتصاد من أجل السياسة أو السياسة من أجل الاقتصاد أسلوبان ناجحان من أساليب السياسيين المعاصرين. أما أن تكون سياسة من أجل السياسة فلا أعلم نموذجا ناجحا لها، على ضحالة خبرتي ومعرفتي بالسياسة.

الوحدة النقدية الأوروبية مثال على استخدام الاقتصاد من أجل السياسة. فالهدف الاستراتيجي الأسمى من اليورو هو توحيد قلوب سكان أوروبا المشتتة التي أهلكتها النزاعات الدموية الرهيبة لآلاف السنين. فأوروبا قارة تهددها المذاهب والفرق الدينية النصرانية المتنازعة. واختلاف المذاهب في الدين الواحد، أهلها أشد كراهية لبعضهم البعض، وجراحهم أعمق حقدا من أن تبرؤ وتشفى بتقادم الزمان، بل قد تكمن حتى يأتي من يحييها من جديد. وأوروبا تحمل أمجادا تاريخية قام بعضها على دك وهدم بعض فهي أمجاد متنازعة متضادة، مثلها مثل مذاهبهم الدينية، تنتظر داعي الفتنة ليحييها من جديد. وأوروبا لغاتها متفرقة متنوعة تحمل كل منها مفاخر قومية وعرقية هي شرارة إشعال نار النعرات العصبية الداعية إلى التفرق والاقتتال.

فمن أجل ذلك نادى تشرشل من منبر جامعة زيورخ في سويسرا «بالولايات المتحدة الأوروبية»، وأوروبا ما تزال تنزف دما بعد الحرب العالمية الثانية من آثار حروبها بين بعضها بعضا، وهي ترزح ذلا وهوانا تحت الاحتلال الأمريكي وتسلط الدب الروسي. نداء تشرشل نداء سياسي من أجل السياسة ما كان له أن ينجح لولا استخدام الاقتصاد في تحقيقه، فكانت الوحدة الاقتصادية الأوروبية ثم النقدية المتمثلة باليورو.

الوحدة النقدية أشد عوامل تلاحم قلوب الشعوب، فالعملة في هذا الزمن الحديث المعاصر كالعلم الوطني للوطن الواحد وكراية الحرب التي ينخرط تحتها ويذود عنها مقاتلو الجيش من أبناء الوطن الواحد.

الوحدة الأوروبية مثال على استخدام السياسيين الاقتصاد من أجل السياسة وأما استخدام السياسة من أجل الاقتصاد فأبرز مثال عليه هو منظمة التجارة العالمية. فقد استخدمت الدول العظمى وخصوصا أمريكا السياسة من أجل تحسين الاقتصاد ورفع الإنتاجية والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية عن طريق استغلال المزايا التنافسية المتوزعة في أنحاء العالم، فالجميع رابح وإن كانت أمريكا استراتيجيا هي الرابح الأكبر، وليس هنا موضوع التفصيل في ذلك. أما السياسة من أجل السياسة فمن أمثلتها الوحدة المصرية السورية في عهد القومية الناصرية ومن أمثلتها مجلس التعاون العربي الذي جمع العراق والأردن واليمن ومصر ثم انهار سريعا باحتلال العراق للكويت. هذه الأمثلة هي أقرب شبها بانضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي، أسلوب استخدام السياسيين للسياسة من أجل السياسة. الوحدة النقدية الخليجية: اقتصاد من أجل السياسة. ففي الزمن المنظور القريب، لا توجد دوافع اقتصادية من الوحدة النقدية الخليجية، وإن كانت الوحدة على المستوى الاستراتيجي البعيد المدى ضرورة تمليها وجوب الاستعداد للمتغيرات الاقتصادية العالمية السريعة المتوالية - خصوصا في نظامه النقدي - التي يمر بها الاقتصاد الحديث لكي نكون جاهزين إذا أحوجتنا المتغيرات غير المتوقعة إليها، فإن لم تحوجنا إليها فدور الوحدة النقدية السياسي هو لوحده دافع كاف للعمل على إنجازها.

الوحدة النقدية الخليجية في الزمن المنظور القريب أهدافها المرجوة هي أهداف سياسية بحتة. فتوحيد قلوب أبناء دول الخليج حول عملة واحدة يصهر تحته ما دونه من الأهداف والطموحات الفردية أو المذهبية ويقمع المؤامرات في هز ثبات هذه الدول، المحلية منها أو الإقليمية والدولية، - ولو إلى حين حتى نملك الفرصة في التخطيط لما بعد ذلك -. لا اقتصاد بلا سياسة ولا سياسة بلا اقتصاد فهما كالمرأة والرجل بتزاوجهما يستمر العالم الإنساني، وبتزاوج الاقتصاد والسياسة في السياسات، تدوم الدول. فمن المسكوت عنه أن الأقطاب السياسية ما هي إلا نظريات اقتصادية فالاقتصاد هو ما تتصارع عليه الأيدلوجيات كالرأسمالية والاشتراكية وما تفرع منهما تحت أسماء مختلفة، كالاقتصاد الإسلامي الذي ليس له من الإسلام إلا اسمه وما هو إلا بقايا الأطروحات الاشتراكية الهالكة.

hamzaalsalem@gmail.com
 

المسكوت عنه
الوحدة النقدية أم توسيع مجلس التعاون؟
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة