Sunday  05/06/2011/2011 Issue 14129

الأحد 03 رجب 1432  العدد  14129

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مازال ملف توطين الوظائف في القطاع الخاص يعلوه الغموض، و تتجاذبه العديد من الاجتهادات، فمن النسب المؤية الطموحة التي تعذر تحقيقها، إلى نطاقات ذات ألوان، حمراء وصفراء وخضراء، وهذا يدل على أن التعامل مع هذا الملف غير واضح، وأن إدارته تتم وفق رؤى اجتهادية، وعواطف منفعلة، ومن البديهي أن تكون نواتج هذه الرؤى غير ناضجة, لأنها تفتقر إلى المعرفة الحقة، وهذا ما هو متوقع من الإجراءات التي تقودها العواطف الجياشة غير المنضبطة برباط العقل والمنطق.

في البدء يجب التأكيد على أحقية المواطن في وظيفة تكفل له حياة كريمة، وأن هذا الحق يعد من المسلمات التي لا تقبل المساومة والمجادلة، لأن عوائد تمكين المواطن من العمل في الوظيفة المناسبة تتعدى مصلحة المواطن نفسه إلى مصلحة الوطن كله، سواء في بعده الاقتصادي أم الأمني أم الأخلاقي، هذا عطفا على تنامي الخبرة واستدامتها بدل حالة الانقطاع المتكرر والعودة إلى نقطة البداية كلما أنهي عقد المتعاقد، وجيء بآخر يبدأ من جديد وهكذا تتوالى الخبرات المنقطعة مما يحرم القطاع الخاص من تنمية الخبرة وتطويرها، وهذا من المتطلبات الضرورية لتلافي الأخطاء، وصنع المزيد من النجاحات.

كما يجب الإقرار بأن وجود حوالي تسعة ملايين وافد أمر لا يمكن قبوله مهما قيل من حجج، أو تسويغه مهما سيق من مبررات، فهذا الرقم خطير جداً ليس في بعده الظاهر وهو البعد الاقتصادي، بل في بعده الأمني الذي لا تخفى الكثير من مظاهره ومخاطره الظاهرة والخفية، يضاف إلى ذلك البعد الأخلاقي الذي لا تحتاج كثير من صوره إلى دليل أو برهان، لهذا يجب التصدي لهذه الأعداد التي يعد جلها عبئاً ثقيلاً على الوطن لكونها ذات تأهيل متدن، لا تخدم تنمية الوطن، بل تستنزف خيراته بصورة رهيبة أجزم أنها لو فرضت لتمت مقاومتها بكل ما تيسر من إمكانات وقدرات.

إن ملف توطين الوظائف في القطاع الخاص يعد ملفاً وطنياً يجب المسارعة في تفهم المعوقات التي جعلته يدور في حلقة مفرغة، وأن يسار إلى تبني معالجات عملية تأخذ في الحسبان معاناة الأطراف المعنية به كافة، فوزارة العمل عندما تبنت برنامج «النطاقات» يبدو أنها سلكت منهجية موفقة حسب ما ذكر وزير العمل، حيث خضع هذا البرنامج إلى الكثير من النقاشات وورش العمل حتى تبلور وخرج بالصورة المزمع تطبيقها، وهي بهذا الإجراء خرجت من عباءة التنظير الذي فشلت نتائجه في توطين الوظائف، ولكي تحقق وزارة العمل أهدافها من برنامج «النطاقات»، عليها أن تتعامل بحكمة وتفهم مع معطيات البرنامج ومتطلباته وظروف تطبيقه، وأن تعترف بأنها وملاك منشآت القطاع الخاص والمواطن الذي تسعى إلى تمكينه وتوطينه في الوظائف المتاحة في القطاع الخاص جميعهم يتحمل مسؤولية الإخفاق في إدارة ملف التوطين، أي على وزارة العمل أن تكون شريكاً في تحمل المسؤولية، وأن تبتعد عن التلويح بمطرقة السلطة التي تمتلكها، لأن هذا الأسلوب لم يجد نفعاً في الإجراء الذي سبق اعتماده «النسب المئوية»، لأن إدارة هذا الملف معقدة شائكة تتطلب الكثير من التروي والحزم، التروي في تفهم المعوقات، والحزم في المعالجة والتصدي.

فعلى وزارة العمل أن تكف عن تحميل ملاك المنشآت الخاصة وحدهم مسؤولية الإخفاق، وأن تستقر على برنامج «النطاقات» وتتعاون وتتشارك مع القطاع الخاص في سبل تطبيقه، بدل الاعتماد على مطرقة السلطة، ملاك المنشآت الخاصة جادون متحمسون مؤمنون بأهمية التوطين وقيمته، لكنهم يعانون أشد المعاناة من المواطن الذي تسعى الوزارة إلى توطينه، لذلك على وزارة العمل أن تصوغ نظاماً يكفل حق مالك المنشأة في إفهام المواطن بأن يتعامل مع العمل بمنتهى الجدية والالتزام والاحترام، فواقع الحال يشهد الكثير من الصور المحبطة التي يدفع ثمنها مالك المنشأة، من ذلك كثرة التأخير والغياب، التهاون والتشكي، ترك العمل فجأة دون سابق إنذار حال توفر وظيفة حكومية، وهذه تعد واحدة من أكثر التحديات التي تواجه ملف التوطين، لأن المواطن يعمل في القطاع الخاص بصفة مؤقتة، فهو يعمل دون حماسة أو اهتمام، بل يعمل مستنداً إلى سلطة وزارة العمل وأنظمتها وهو ينتظر الوظيفة الحكومية التي حال توفرها يترك العمل في المنشأة الخاصة دون إعطاء مالك المنشأة فرصة لتوفير البديل، لهذا على وزارة العمل أن تسن نظاماً يكفل حق مالك المنشأة الخاصة في موظف جاد ملتزم، ليس عابر سبيل يتحين فرصة العمل في القطاع الحكومي حال توفرها.

ab.moa@hotmail.com
 

أما بعد
برنامج «نطاقات» وألوانه الثلاثة
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة