Thursday  13/10/2011/2011 Issue 14259

الخميس 15 ذو القعدة 1432  العدد  14259

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في إحدى أمسيات التلفزيون السعودي في ماضي عهده حين كان لا يعبر الأثير إلا بقناتين ليس إلا كان الإعلامي ذائع الصيت الأستاذ سليمان العيسى يقدم برنامجه الجماهيري آنذاك (مع الناس) وكان في كل حلقة يزور إدارة أو مصلحة حكومية تشهد كثافة من المراجعين مواطنين ومقيمين، وفي حلقة ذاك المساء كانت الصورة تظهر مديراً عاماً لإحدى الإدارات ومساعديه في البهو وهم يستقبلون المراجعين ويردون على استفساراتهم ويوضحون لهم ما استشكل عليهم في معاملاتهم، وتقدم وافد عربي بكل أدب وذوق للمدير العام واستوضح منه إن كان يحق له نظاماً أن يحصل على إجراء أوضحه في الحال، فما كان من سعادة المدير إلاّ أن نهره بقوله (لا.. لا يجوز) وحينما أراد المقيم التعقيب أشار له بيده بالابتعاد قائلاً (توكل على الله، قلنا لا يمكن)، امتعض المقيم وأظهرت الكاميرا مدى خيبة الأمل على تقاسيم وجهه، وبدا أنها ليست من عدم انطباق النظام على حالته وإنما من صوت المدير وحركة يده وعبارة (توكل على الله) الزاجرة، والأستاذ العيسى كان يرقب كل ذلك وظهر على ملامح وجهه وعينيه الاستغراب، فهو الإنسان المهذب المجرب، وقد رافق أو التقى كثيراً من كبار المسئولين و الوزراء والوكلاء وعرف عنهم اللطف في التعامل مع المواطنين والموظفين والمراجعين، فكان وقع التصرف ثقيلاً على مشاعره ولاسيما انه يريد أن يقدم مادة إعلامية جيدة ترضي المشاهد ولا تنفره، وكنت حينها شاباً يافعاً أعيش في وسط متابع لما يجري من أحداث وما يبثه الإعلام من أخبار وبرامج، توجه مقدم البرنامج لسعادة المدير العام وسأله سؤالاً بمثابة (الكوبري) أو (مخرج 13) لكن سعادته أجاب حسب فهمه، فيما كان الأستاذ العيسى يفسح له المجال لترطيب الموقف وتلطيف ردود الأفعال، غير أن صاحب السعادة كان بعيداً جداً عن الشعور بأضواء الإعلام وعيون المشاهد والمراقب، ربما لعدم الخبرة أو لاعتياده على ذلك في غياب الكاميرا، ولم يكن البث مباشراً ولم تحذف الواقعة، ولا أعلم ماذا حدث للمدير العام (صاحب توكل الأولى) ويبدو أن الإعلام الورقي آنذاك وهو اللاعب الوحيد في الساحة قد مرر الحادثة، ولم تكن هناك وسائل مساندة كما يوجد الآن من مواقع للتواصل الالكتروني تؤجج صدى الحادثة وتشيعها حتى تصل لصاحب القرار، وإذا كانت هذه الحادثة قد ظهرت أمام الكاميرا فإن مئات غيرها لا بد أنها حدثت في ذاك الزمان وقبله وبعده إلى أيام قريبة، وستحدث حتى معمعطيات التقنية الراصدة صوتاً وصورة، ويبدو أن ليس كل من حمل شهادة عليا أو تبوأ منصباً كمسئول بالضرورة يجيد لغة الحوار ومهارة الصبر وحكمة التعامل ولباقة التصرف، ويقول مختصون بالأنفس وسلوكياتها: إن من البشر من إذا جعلوا على مصالح الناس أو رفعتهم درجات المسئولية يحسبون أنهم في حل من ربقة الذوق العام، وان صلاحيات الإدارة تمنحهم هوامش من الحرية دون من سواهم في الشأن العام.

 

توكّل على الله وموقف سليمان العيسى
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة