Thursday  13/10/2011/2011 Issue 14259

الخميس 15 ذو القعدة 1432  العدد  14259

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تسعى إيران لتجاوز حدودها الجغرافية على مدى تاريخها الطويل، وهي بذلك تحاول أن تبرز نفسها كأمة فارسية متجانسة الأعراق والطائفية ذات هوية واحدة حيث يعمل بهذا النهج السياسيون الإيرانيون في الوقت الحالي للحفاظ على وحدة واستقلال الدولة. وبالرغم من ذلك ومع تجاهل القادة الإيرانيين للنسيج الإيراني لم يفلحوا في صهر المجتمع مع أنهم يستخدمون عقيدتهم الدينية الإسلامية الشيعية في بناء وحدتهم القومية الفارسية. وبرز ذلك في كلمة لآية الله الخميني عندما قال:

(لا مجال للقول بحقوق للأكراد أو البلوش أو العرب أو اللور أو التركمان

فلكل امرئ الحق في المجتمع بحماية الإسلام) إلا أن هذه الكلمات والشعارات لم تحقق الحماية للأقليات الإيرانية خصوصا إذا علمنا أن الشعب الإيراني يتكون من قوميات يزيد عددها عن 30 قومية أهمها هي:

الفرس 51% والاذاري 24% والجليكي 8% والمازندراني 8% والاكراد 7% والعرب 7% والبلوش 2% والتركمان 2%

يتوزعون على الأديان التالية:

مسلمون شيعة 75%

مسلمون سنة 20%

طوائف أخرى 5% مثل اليهودية والنصرانية والبهائية والزوردشية وهم يتكلمون بعدة لغات الرئيسية منها الفارسية والعربية والكردية والتركية.

وإذا سلطنا الضوء على التاريخ السياسي الحديث لإيران نجد أنه تاريخ متصل منذ الإمبراطوريات الفارسية القديمة فيما يتعلق بالحفاظ على الهوية والثقافة الفارسية علماً بأن العرق الفارسي لا يتجاوز 51% من الشعب الإيراني وهم عبارة عن قبائل آرية رحل قدموا من وسط أوروبا واستوطنوا وسط وغرب آسيا (في القرن الثالث قبل الميلاد) وهم حاليا يتمركزون في وسط إيران تحيط بهم الأقليات التي تم ذكرها سابقا وبما نسبته 49% من الشعب الإيراني وهم أصحاب الأرض الحقيقيون.

فنجد أن الأذريين ومعهم بعض الأقليات كالازبك والجليك وهم نسبة كبيرة تحيط بالفرس من الشمال الغربي وكذلك البلوش تقع في شمال شرق وجنوب شرق إيران ويقطن العرب جنوب غرب إيران في اقليم خوزستان. وقد استطاع الفرس التوسع والتمدد على حساب هذه الأقليات آخرها إسقاط جمهوريتي مهاباد الشعبية الكردية وجمهورية أذربيجان في عام 1945 م. وقبلها الأمارة العربية في إقليم خوزستان عام 1925 حيث تم اعتقال أميرها الشيخ خزعل الجابر وتم تصفيته.

لقد مارست كل الحكومات الإيرانية المتعاقبة سياسة القمع وطمس الهوية والاضطهاد العنصري للأقليات الأخرى, ومن بين أشكال هذا القمع والتمييز العنصري هو أن التنمية بجميع مجالاتها لا تجري بشكل متساوي في كل أقاليم إيران فمثلا نجد أن الأمية تنتشر في غير الأقاليم الفارسية بنسبة 48% كما أن نسبة 30% من أطفال الأقليات غير الفارسية لا يتوافر لديهم التعليم.

أما بالنسبة للرعاية الصحية نجد أن أقاليم الأقليات يتوفر فيها طبيب واحد لكل 6000 شخص بينما يتوفر في الأقاليم الفارسية طبيب لكل 1500 شخص.

ويعتبر إقليم خوزستان الذي يقطنه العرب ومعظمهم شيعة من أفقر الأقاليم وأكثرها شحاً للموارد بالرغم من أن 90% من النفط الإيراني يستخرج من ذلك الإقليم، ويعاني هذا الإقليم أيضا من نقص في الموارد المائية بعد تحويل مجرى نهر

(قارون) كما يعاني هذا الإقليم من التمييز العرقي حيث ينظر الفرس إلى العنصر العربي شيعة وسنة بنظرة دونية ويتم حرمانهم من الوظائف لدرجة أن جميع شركات النفط والمؤسسات الحكومية في هذا الإقليم لا يتجاوز الموظفون العرب فيها نسبة 3% وبالنسبة للتعليم في الإقليم العربي أيضا نجد أنه أمام كل 10 آلاف طالب جامعي فارسي يوجد 30 طالب عربي أهوازي فقط، وأنه حتى النسبة التي قررتها الحكومة الإيرانية لتطوير إقليم خوزستان وهي نسبة متدنية جدا (2 بالألف) من عائدات الإقليم لم تنفذ كما قامت الحكومة بمشروع استيطاني فارسي في اقليم خوزستان وجلبهم للفرس من وسط وشمال إيران وتوطينهم في المناطق العربية على حساب الاهوازيين.

الذي يدعو إلى الاستغراب أن ايران تعترف بالزورشتيه كدين فهم قلة عددهم لا يتجاوز 20 ألف نسمة باعتبارها جزءاً من العقيدة الفارسية اضافة إلى المسيحية واليهودية وتسمح بممارسة عباداتهم وطقوسهم الدينية بحرية تامة. فاليهود مثلا لديهم 76 كنيسة وعددهم لا يتجاوز 25 ألف نسمة و مئات الكنائس للمسيحيين بينما لا يوجد مسجد واحد للسنة في طهران فيضطر المسلمون السنة إلى أداء صلاة الجمعة في السفارة الباكستانية. وتتوجس إيران خيفة من الشيعة العرب حيث لا تثق بهم وتعتبرهم من المواطنين الدرجة الثالثة بعد الأقليات الأخرى.

ولا نبالغ إذا قلنا إن ما تتعرض له الأقليات في إيران هذا العصر من الظلم والاضطهاد والاعتقالات أسوأ ما كان عليه في زمن الصفويين، حتى في زمن الإصلاحيين، وفي عهد محمد خاتمي الرئيس الإصلاحي والذي شرح سياسته في كتابه (التنمية السياسية التنمية الاقتصادية - الأمن) لم يكن أقلهم قتلا وتعذيباً للعرب الشيعة والسنة وبقية الأقليات الأخرى، ما أدى إلى انتفاضة 2005 في زمن رئاسته.

وكنتيجة لهذه الممارسات العنصرية والعرقية والمذهبية قامت انتفاضة الشعب العربي الأهوازي مطالبين بالحرية والعدل والمساواة مع الأقليات الفارسية وطالبوا الأمم المتحدة بحق تقرير مصيرهم واستفتائهم حول رغبتهم بالعيش ضمن إيران أو الانفصال وإقامة دولتهم العربية على ضفاف الخليج العربي الشرقية.

كما طالب الأذاريون الذين يعتبرون أنفسهم بأنهم الأكثر في إيران بإقامة جمهورية أذربيجان الجنوبية والتي تحتلها إيران حالياً.

أما الأكراد فهم الأكثر نشاطاً في حركاتهم التحريرية ضد النظام الإيراني فهم يمتلكون جماعات مسلحة تناظل من أجل تحقيق استقلالهم عن إيران على عكس البلوش الذين يسعون أيضاً إلى استقلالهم ولكن بأساليب سلمية مع بقية الأقليات الصغيرة الأخرى.

رئيس قسم البرامج الخاصة في كلية التدريب وعضو هيئة التعليم بكلية العلوم الاستراتيجية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية

 

ملامح الاضطهاد العنصري في إيران
اللواء ركن د.على هلهول الرويلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة